إستراتيجية ثورة العراقيين ومعطياتها المستقبلية

إستراتيجية ثورة العراقيين ومعطياتها المستقبلية
آخر تحديث:

بقلم:عبد الجبار الجبوري

أفرزت ثورة العراقيين التي تدور صفحاتها المضيئة في شوارع العراق،جملة من المعطيات الاستراتيجية، التي أذهلت العالم كله ،وغيرّت من وجه المنطقة بأكملها، في تنظيمها ودقتها وضبط إيقاعها، في المدن التي إنفجرت فيها الثورة،وحوّلت أنظار العالم لها ،بوصفها ثورة جماهيرية شعبية غير مسيّسة، وليس لها رأس،ولاقيادة ولا مرجعية سوى مرجعية الشعب ودماء شبابها ،رغم محاولة تشويّهها وتسقيّط رموزها، بالقتل والخطف والاعتقال والقمع لإفشالها،وهذا سرُّ نجاحها الباهر، وسرّ ديمومتها وتفوقّها على باقي الثورات العربية والعالمية،ومن جملة المعطيات الإستراتيجية المذهلة، هو إسقاطها المشروع الديني التوسعي الكوني الايراني في المنطقة، وليس في العراق فحسب،من خلال قيام شعب العراق وشيعة عرب العراق بتحطّيم أصنامها ،لاول مرة في التاريخ ، وحرق صورهم والدوّس عليها في محافظات جنوب العراق تحديداً، لرمزيتها الدينية لأنها معقل تشيعها وعاصمته العالمية،ثم أفشلت المشروع الامريكي، بتقسيم العراق وتجزئته ،على أسس طائفية مقيتة، وكذلك قًبرت الفتنة الطائفية الى الأبد، ووحدّت العراقيين على هدف واحد، هو وحدة وسيادة العراق، وأعادت ثقة العراقيين بانفسهم، بعد أن حاولت حكومات الاحتلال إذلالهم وسلب هويتهم الوطنية ، بالمحاصصة الطائفية ، ومحاولة إشعال الحرب الطائفية الاهلية، ثم ضرب مثلاً رائعاً في الحفاظ على سلمية التظاهرات، وخروجها بوقت واحد في جميع محافظات الجنوب الثائر، مع الحفاظ على ضبط النفس ،والنأى عن إستخدام العنف وحرق المؤسسات الحكومية،ومواجهة القوات الامنية والشرطة، رغم محاولة حكومة عبد المهدي المقالة بإرادة الثورة، أن تخلق جواً من الرعب والخوف، وتشويه الثورة وأهدافها ، من خلال إستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرات ،وإجبارهم على المواجهة العسكرية والردّ بالمثل ، وذهب ضحية حماقة الحكومة مئات الشهداء والآف الجرحى، دون أن تنجرّ الثورة وشبابها ،الى منزلق العنف، وأفشلته بصبرها وحكمت عقلائها ،هذه أبرز معطيات وإنجازات الثورة الاستراتيحيةـ التي خلخلت الاوضاع السياسية ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة،وأجبرت جميع دول العالم، أن تنظر الى الثورة ،على أنها النموذج الثوري المثالي ،الذي يجب ان يحتذى به،وفرضت على الدول الكبرى، أن تغير من إستراتيجياتها العسكرية والسياسية في المنطقة وتغير حساباتها،كأبرز نتائج ثورة العراقيين الايجابية،إذن الثورة حققت أهدافها بتضحيات شبابها،وإصرارهم على تحقيق النصر النهائي بسلمية مفرطة ،وهي أزالة الطبقة السياسية الفاسدة وأحزاب السلطة الطائفية، التي أفسدت وقتلت ونهبت وفشلت في العراق ،ما لم يشهده تاريخ العراق، وحان موعد إزاحتها عن السلطة مهما غلت التضحيات، وهي إستراتيجية تصرّ عليها قيادة الثورة وصفحاتها البطولية،

إذن تحقيق الاهداف الآن متحقق ويسير بتصاعدية سريعة ،ومطالب الثورة واضحة وسلمية ودستورية، لهذا ونزولاً عند إصرار الثورة على تحقيق المطالب، سارعت الرئاسات الثلاث على تنفيذ شروطها ومطالبها،في تغيير الدستور، وتبديل مفوضية الانتخابات ،واقالة رئيس رئيس الوزراء، وتعديل قانون الانتخابات، وجعله شبه رئاسي ،والغاء امتيازات الرئاسات والبرلمان ،وحل مجالس المحافظات،وغيرها من الترقيعات التي لاقيمة لها الآن ،بعد أن فاضت شوارع العراق بدماء الشباب العراقي ،وسبق السيف العذل، فما تبقى من صفحات الثورة أقل مما فات منها، والثورة تطوي صفحاتها، بثبات واضح نحو تحقيق الاهداف الكبرى،وهي إزاحة الاحزاب وسلطتها ،وعدم السماح بتدوير نفاياتها القميئة، كما يحصل الآن، من خلال ترشيح شخصيات شاركت في قتل العراقيين ،وإفساد السلطة ونشر وترسيخ الطائفية،وفي المقدمة حزب السلطة منذ الاحتلال الامريكي، واقصد به حزب الدعوة ورموزه الفاسدة ، فلم تقبل الثورة وتنسيقيتها، أي مرشح لحزب الدعوة ،التابع لايران ومشروع ايران التدميري،وهذا قرار إتخذته الثورة ولارجعة عنه ، حتى أن مرجعية النجف تطالب بهذا التوجه، نحو تخليص العراق من سطوة الاحزاب االطائفية ،والايرانية الولاء،في المقابل، نجحت الثورة بتدويل قضيتها، ونجحت كسب اعجاب ودعم امريكا والدول الاوربية كلها، ودعمهم للثورة، من خلال نقد وتهديد الحكومة العراقية، باستخدامها القوة والعنف المفرط في قتل المتظاهرين السلميين، وإطلاق يدّ الفصائل المنفلتة ،والخارجة عن القانون، في مواجهة المتظاهرين العزل،وقتلهم بدم بارد ،وأستخدام الغاز المحرم دوليا،والخطف والاعتقال،

ورمي الشباب بوحشية من فوق العمارات، إن دعم العالم والدول الاوربية وأمريكا،لمطالب المتظاهرين، هو إعتراف بشرعيتها وقانونيتها ،وهذا مكسب كبير لها ، واعتراف بعدم شرعية السلطة في العراق،لأن الشعب هو مصدر السلطات، فقد أسقط بثورته السلمية شرعية الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية،وأصبحت الآن الرئاسات فاقدة الشرعية تماماً،وحسب الدستور المسخ ،الذي وضعوه مع الحاكم الامريكي بريمر سيء الصيت، وكتبه لهم نوح فيلدمان اليهودي المتصهيّن،فما الذي بقي من حكومة الاحتلال الامريكي وأفرازاتها ،بعد كل هذه الدماء التي اراقتها حكومة عادل عبد المهدي وميليشياته المسلحة، التي تعمل لأجندة ايران،نعم التدخل الايراني يعمل بكل قوته وجبروت وميليشياته لإفشال الثورة،لأنها مصدرازعاج للداخل الايراني،ولأنه أنهى النفوذ الايراني في العراق، ولأنه حرم الاقتصادي الايراني ،من السوق العراقية ،التي رفعت الثورة شعارها – خليّها تخيس- للبضائع الايرانية ،وخاست فعلاً وتضرّر الاقتصاد الايراني، الذي يعتمد بالدرجة الاساس، على السوق العراقي بشكل كبيرجدا ،بل كان القرار الايراني المفروض على حكومات الاحتلال، ان لاصناعة ولا زراعة في العراق، كي تلتف ايران على العقوبات الدولية ،كلّ هذا افشلته الثورة العراقية،بديمومتها وسلميتها وتضحيات شبابها،وهو ما لم يحصل في تاريخ العراق كله،أن ثورة وحدت العراقيين بهذه الصورة الناصعة البياض، والبطولة الفذة والصبر العنيد، والوحدة الشعبية المتكاملة، التي قبرت الطائفية، وأفشلت المشروع الامريكي والايراني الى الابد في العراق،وهو أعظم إنجازات الثورة،إذن العراق في قلب اللحظة التاريخية الفارقة، يسجل نصراً بطولياً، ضد أعتى قوة وحشية في التأريخ، تدعمها بكل ما أوتيت من قوةٍ دولة جنبية، لافشال مشروعها التنويري التوحيدي المدني، للتخلص من سطوة وسلطة الاحزاب الدينية الفاسدة، التي حولّت العراق الى بركة من الدم والقتل والفساد والفشل، وهذا ما أبهر العالم بأداء شباب الثورة وثقافتهم الوطنية ،ووعيّهم العالي، بحتمية تحقيق اهداف الثورة بكل صفحاتها، والثورة الآن في مفترق الطرق،والصراع بينها ،وبين القوى والاحزاب الدينية في أعلى مراحله، فمَنْ سيحقق النصر على الآخر، أعتقد وأجزم من سيحقق النصر، ويفوز هو من يملك الصبر الإستراتيجي، والنفس الطويل، والحكمة في إدارة الازمة ،والمطاولة في مواجهة عنف السلطة ،وجبروتها وبطشها ،وقتلها للمتظاهرين بدم بارد، وتجاهلها مطالب الثورة ،مَنْ يخسر جولة المعركة ،هو من يفقد أعصابه وحلمه،وبوصلته ويخلط الاوراق، من أجل اجندة خارجية واهداف قصيرة المدى، فمَنْ يعوّل على أمريكا سيفشل، ومَنْ يعوّل على إيران سيفشل، ومن يعوّل على الحكومات العربية الهزيلة، ودعمها الكاذب سيفشل، الثورة وفرسانها بوعيّهم وصبرهم ووحدة كلمتهم، هم من أفشل أحزاب السلطة وعرّاها، في جرّ الثورة الى العنف وخلط أوراقها من أجل تشويهها وإسقاطها بنظر الشعب العراقي والعالم،هذه هي أبرز معطيات ثورة العراقيين، ونحن نشهد صفحاتها البيضاء، في صناعة مستقبل العراقيين المضيء، الخالي من الاحزاب الدينية الطائفية، ليثبت العراقيون أنهم صنّاع حضارة ومجد وتأريخ مشرق ،وإعلان النصر النهائي بإسقاط العملية السياسية الفاشلة الفاسدة ،قادم لامحالة بإذن الله ودماء أبناء العراق…

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *