إلى الخضراء لا إلى الأنبار

إلى الخضراء لا إلى الأنبار
آخر تحديث:

إلى الخضراء لا إلى الأنبار

هاشم العقابي

خاطبتكم يا شيوخ عشائر الجنوب في العمود السابق، دون أن أخفي ألمي لما جوبهتم به من استقبال لا يليق بكم. كان جل قصدي أني تمنيت أن لا تضعوا أنفسكم في مكان جركم إليه السياسيون، فلاقيتم ما لا يرضيكم.ومثلما كنا نقصد دواوينكم في أيام شبابنا لنتزود من “حسجتكم” العميقة أود أن أتحدث معكم مرة أخرى، فمعكم تحلو السوالف، أيها الأجاويد. أنتم ذهبتم لأهالي الغربية باسم أهالي الجنوب.الجنوب، الذي أنتم شيوخ عشائره، هو من اشد مناطق العراق بؤسا وفقرا، بحسب إحصائيات الحكومة العراقية لا غيرها. فالسماوة، مثلا، نسبة الفقر فيها أكثر من 49%، بينما لا تتعدى نسبة الفقر بالأنبار أكثر من 21%. لقد كتبت سابقا عن حال أهل السماوة ، مستندا إلى تقارير حكومية وتحقيقات صحفية بالصورة والصوت تظهر جمعا من نسائها ورجالها تبحث بالمزابل عن لقمة. هؤلاء الذين صاروا يسمونهم “نبّاشة” في عراق الميزانيات المليارية. فوا أسفي. ماذا يقول أحدكم، أيها الأفاضل، لو أن ابنته أتته شاكية من زوجها الذي ترك أطفاله عرايا بلا لقمة خبز، وذهب ليحل مشاكل جاره الذي هو أغنى منه معيشة؟ كنت أتمنى عليكم أن تذهبوا لأهل السماوة وتلتقطوا صورا لحال أهلها خاصة “النبّاشة” ثم اذهبوا للمنطقة الخضراء، إن سمحوا لكم بدخولها، والتقطوا صورا لحالة الترف التي يعيش بها رئيس الحكومة وحزبه ومقربوه وأبناؤه وأحفاده وأبناؤهم وزوجاتهم. ضعوا الصورتين أمامه واطلبوا جوابا من ضميره حول ما يرى. لا ألومكم لعلمي أن خوفكم من اندلاع الحرب الأهلية جعلكم تدوسون على همومكم، فحملتم أرواحكم على أكفكم خوفا من سفك الدماء وذهبتم لأهل الأنبار. لكن هل تدرون إلى أين ذهب المالكي؟ ذهب للقاهرة ومعه اكبر وفد، من ناحية العدد، للمشاركة في القمة الإسلامية. أخذ معه ثلاثة وزراء وجمعا من المقربين والأصدقاء يقال إنه فاق الأربعين يجولون في أسواق مصر تتقدمهم حنان الفتلاوي. وما الذي حققه ،غير أنه تحفظ على قرار يدين جرائم بشار الاسد، بينما ترك وراءه العراق على شفا بحر من الدم؟ لم يحضر الرئيس التونسي لأن سياسيا واحدا قد اغتيل في بلاده. ولم يحضر الرئيس اليمني لوجود اضطرابات في اليمن. أما صاحبنا فسافر مسرعا تاركا كل العراق من خلفه مهددا بالاغتيال، وحشر نفسه في مهمة ليست له بل لرئاسة الجمهورية، ليضرب لنا “أروع” مثل في اللامبالاة وحب الكشخة. فإن كنتم كما نعرفكم تشاركون الله موقفه في جعل دم الإنسان أكرم من بيته، فمن ذا الحاكم الذي يستحق أن تسفك دماء العراقيين من أجل بقائه في كرسي السلطة؟ وهل يستحق من أذاق أهاليكم ذل الفقر وضنك العيش، حتى امتلأت شوارع مدنكم بالشحاذين وجحافل العاطلين عن العمل، أن تسعوا لإنقاذه وتعرضوا أنفسكم لما أنتم أرفع وأسمى منه؟ اذهبوا إلى الخضراء وليس للأنبار، وقولوا له برأس مرتفع: ارحل، فدماء العراقيين أغلى منك. أفهموه أنكم أنتم من سوّاه حكومة لكنه سلمها بيد السرّاق والمفسدين، وأنكم أحفاد من هوّس بوجه الذي سبقه:

يمنادي الشعب لباك من ناديت

ذبحت اهل الفرات اعليك ما بكيت

سويتك حكومه وسلميتك بيت:

شلون اتسلم البيت لمطره ومطره تصاوغ بيه؟

صيحوا من وسط الجنوب: ارحل، وسوف لا يستقبلكم أهل الأنبار بالاحترام، فقط، بل وسينحني لكم العالم إجلالا، لأنكم دستم على الطائفية بأقدامكم من أجل الحفاظ على وحدة العراق وإنقاذ دماء أهله من أن تسفك سدى.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *