عدنان حسين
هذه هي الخطوة قبل الأخيرة، في ما يبدو، للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان كيما يعلن نفسه السلطان الأول للدولة العثمانية الثانية. أما الخطوة الأخيرة فمرهون أمرها بنتائج الانتخابات البرلمانية الوشيكة في تركيا.
أمس نشرت صحيفة “حرّيّت ديلي نيوز” تقريراً مصوراً أفاد بانه بأمر من أردوغان شكّل الجيش التركي وحدة خاصة بالمناسبات يرتدي أفرادها الأزياء التي كان يرتديها أفراد الفرق المختلفة للجيش العثماني. هذه الوحدة ستستعرض اليوم أمام الجمهور لأول مرة في ساحة “ينيكابي” في اسطنبول أثناء مراسيم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 562 لفتح القسطنطينية (اسطنبول). وأفاد التقرير بان الجيش التركي الأول شكل هذه الوحدة، واسمها “وحدة الفتح”، من 478 من رجاله.
أواخر العام الماضي انتقل أردوغان الى قصر جديد في أنقرة أضخم وأفخم من أي قصر لأي سلطان عثماني. قصر “أك سراي” (القصر الأبيض) المنبسط على مساحة 200 ألف متر مربع يتكوّن من أكثر من 1150 غرفة، وهو في غاية الفخامة، تجاوزت كلفته 500 مليون دولار. وعندما أثار هذا الأمر احتجاجات شعبية وسياسية برّر أردوغان بناءه قصراً خياليا بالقول “لا يجب التوفير عندما يتعلق الأمر بهيبة أمة”، وأضاف “أردنا بناء قصر لتقول الأجيال الصاعدة من هنا تم حكم تركيا الجديدة”.
قبل هذا سبق لأردوغان، يوم كان رئيسا للوزراء في العام 2013، أن سعى إلى بناء ثكنة عسكرية على الطراز العثماني على مساحة حديقة غازي في اسطنبول، ما أثار احتجاجات قوية بين الشباب خصوصاً، فأصدر أردوغان الأوامر الى شرطته لقمع الاحتجاجات بقسوة مبالغ فيها. وفي عزّ تلك الاحتجاجات ظهر أردوغان أمام تجمع لانصاره مهدداً ومتوعداً المحتجين المعتصمين في الحديقة وفي ساحة تقسيم بان شرطته ستكنسهم عنوة، وكان يشير بإحدى يديه إلى فعل الكنس!
أردوغان ماض نحو إقامة دكتاتورية سافرة.. هذا أمر واضح من كل ما فعله حتى الآن، وهو عازم على تكريس ذلك دستورياً بتحويل النظام السياسي في بلاده من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.. هذا ما يتطلع إلى إنجازه عقب الانتخابات البرلمانية التي ستجري بعد سبعة أيام من اليوم.
أردوغان يريد لحزبه (الحرية والعدالة) أن يحتل 400 مقعد في البرلمان، وهي الأغلبية اللازمة لتعديل الدستور بما يسمح بتغيير النظام السياسي.
في هذا الإطار يطمح أردوغان بأن يفشل حزب “الشعوب الديمقراطية”، بزعامة صلاح الدين ديميرتاش، الذي يوصف بأنه كردي ومقرّب من حزب العمال الكردستاني(PKK)، في الحصول على نسبة 10 بالمئة اللازمة لدخول البرلمان، وإذا ما أخفق الحزب في الحصول على هذه النسبة فان اصواته ستّجيّر لصالح حزب أردوغان، وهو ما يُمكن أن يحقق لاردوغان حلمه باحتلال 400 مقعد في البرلمان.
انتظروا نتائج الانتخابات الوشيكة، فإذا دخل الحزب “الكردي” البرلمان باءت مساعي أردوغان بالفشل، وإذا فشل الحزب في تخطي الحاجز صار أردوغان قريباً جداً من خطوته التالية، بترسيمه سلطاناً للدولة العثمانية الثانية التي طالما أشار إليها أردوغان بـ “تركيا الجديدة”، وهي خطوة انتظرها طويلاً وعمل في سبيلها بجدّ واجتهاد، وهيّأ المسرح لها أخيرا ببناء القصر الإمبراطوري وتشكيل “وحدة الفتح” لزوم المناسبات السلطانية.