لماذا صمت أهل الموصل على دخول المسلحين بقلم/ محمد يونس العبيدي

لماذا صمت أهل الموصل على دخول المسلحين  بقلم/ محمد يونس العبيدي
آخر تحديث:
 شبكة أخبار العراق :على كل عراقي غيور وشهم أن يعرف لماذا صمت أهل الموصل على دخول المسلحين وله أن يعرف ويتأمل الوقائع الآتية.. ثم لينظر: ما الذي جعل الموصل المدينة التاريخية الباسلة والمعروفة بشهامة رجالها وقدرتهم القتالية تصمت على هزيمة الجيش الذي أذل أهلها لأنه لم يكن جيش وطنهم العراق ، ولم يكن جيش إخواننا الشيعة الذين عشنا معهم متحابين عبر التاريخ وامتزجت دماؤنا بدمائهم في الزواج والنسب وفي مقارعة كل عدوان على وطننا الذي أحببناه معا . بل كان جيش الحاكم الذي افتقد العقيدة مع افتقاد أبسط القيم القتالية واختار الطائفية بدل الوطنية وعامل أهل المدينة على أنهم أعداءه وليس مواطنيه؟

الصفحة الأولى ( أبو الوليد) 
ما كادت أعمال المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي تندلع في نينوى في صيف 2003 حتى فوجئ المواطنون بقدوم لواء الذيب) من بغـداد بزعامة المدعو (أبو الوليد لتدعيم موقف قوات الاحتلال التي هزتها الضربات المتلاحقة من أبناء نينوى. وفوجئ أهالي الموصل بوقائع أشبه بالأساطير روتها لهم البقايا الآدمية الخارجة من معتقلات أبو الوليد حول التعذيب بطرق وأساليب لم تخطر على بال أي منهم، وانتشرت كما النار في الهشيم أخبار التعذيب بالتعليق في المراوح السقفية لساعات وأيام ! وخلع الأكتاف، والصعق الكهربائي للأعضاء التناسلية، وقلع الأظافر، واستخدام المزارف الكهربائية، ومطارق الحجارة، أما ضباط الجيش العراقي السابق فلم يخرج أي منهم حيا بعد أن اخترقت أحشاءهم  الخناجر والقامات )، ولمن يطلب الأدلة أقول:
1 – تسلم المحامي علي الربيعي جثة شقيقه الطيار السابق وقد توفي اثر تعذيب عناصر استخبارات لواء الذيب له على مدى أسبوعين واختتموا تعذيبه بإقحام ( شفت السيارة ) بالكامل في دبره.. وقد بقي المغدور يصارع الموت يومين وينزف لحين وفاته.
2 – دخل قاضي محكمة تحقيق الموصل محمد حمادي الهندي في مشاجرة مع احد ضباط اللواء المذكور والذي اصطحب معه إلى غرفة القاضي متهما بالإرهاب  محمولا ببطانية وقد كسرت أطرافه وأضلاعه، وهو في شبه غيبوبة، إذ رفض القاضي تصديق أقوال المتهم المحمول بأن لا أحد عذبه والذي بدت عليه آثار التعذيب، فبادره الضابط بالقول ممسكا بتلابيب قاضي التحقيق: راح تصدّق اعترافه غصبا عنك.
3 – بعد خروج لواء الذيب من الموصل سلمت عهدته من الأوراق التحقيقية إلى ضابط المكافحة النقيب شرطة جبّار حسن الكردي مرافقا مع (2000) موقوف ليفاجأ الضابط بان المعتقلين كافة وقد انتزعت اعترافاتهم تحت التعذيب..! وقد اقسم لي النقيب جبار حسن – آنذاك – بان متهما واحدا من بين كل 50 معتقل هو مجرم فقط والبقية أبرياء !! وبعد جهد مضني أفرجت محكمة التحقيق عن (1965) متهما منهم لانعدام الأدلة.

الصفحة الثانية ( ناصر الغنام ) :

بدأ ناصر الغنام منصبه (آمراً للفرقة الثانية) بتقسيم مدينة الموصل إلى قطاعات مناطقية معزولة تماما عن بعضها، ويكون الدخول والخروج إليها عبر منفذ واحد، فضيّق على المواطنين في تنقلهم بحيث غدا التنقل عبئا كارثيا… ولكي تكون الصورة واضحة أقول:
1 – كان التنقل لقطع مسافة 5 كم بالسيارة يستغرق وقتا يتراوح بين (2 – 5) ساعات من الانتظار الممل والمضني بلا سبب معقول.
2 – في سلوك ممنهج ومدروس نهج جنود السيطرات والمداخل والمخارج أسلوب الإذلال العلني المتعمد للمواطنين، إذ كانوا لا يترددون في إهانة أي من المواطنين ونعته بأبشع الصفات وسبه وشتمه أمام أسرته وزملائه وطلابه ، لاسيما إذا كان شخصا محترما مرموقا أو من حملة الشهادات والاختصاص !

3 – اعتمد ناصر الغنام نمط العقوبات الجماعية مع الموطنين، إذ غدا مجرد الاعتداء على أي من سيطراته يترتب عليه غلق المنطقة السكنية بالكامل، وإبقاء المواطنين إلى ساعة متأخرة من الليل قيد الانتظار في الشارع ! فلا احد يعبر مهما تكن صفته، ومهما يكن ظرفه، وما أكثر الحالات التي مات فيها مرضى مخطرون على أعتاب (بوابات رفح) وأنجبت فيها الحوامل في السيارات ! وما أكثر أيام رمضان التي افطر فيها الصائمون بشربة ماء حار على مرأى من جندي السيطرة المضطجع على كرسيه رافعا رجليه في وجه الناس المنتظرين !
4 – اعتمد ناصر الغنام منهج الإذلال وإهانة المواطن متكاتفا في ذلك مع كافة ضباطه، إذ كان رد فعلهم على مقتل أي من جنوده الاعتقال العشوائي للمواطنين المتواجدين في موقع الحدث وتكديسهم في الشارع وإلقاء محاضرة عليهم تبدأ دوما بالعبارات التي غدت تقليدية: (يا ساقطين يا جبناء.. إحنا نعرف انتو إرهابية، وانتو مو شرفاء، وراح نسوي بيكم كذا وكذا وبنسوانكم كذا وكذ يا غيره سزيّه تفو عليكم.. فضلا عن شتم الصحابة وامهات المؤمنين الخ). ثم يساق الجمع كالقطيع مشيا في طرقات الموصل عبر احد الجسور وفق مزاج الضابط الشجاع !
5 – جعل ناصر الغنام من نقل أي من مواطني الموصل مقر سكناه مسألة في غاية الصعوبة، إذ يستلزم الأمر ترويج معاملة تبدأ بختم مختار المنطقة السابقة، وختم مختار المنطقة الجديدة، ثم ختم القائمقامية، ثم ختم مركز الشرطة، ثم موافقة قيادة العمليات، ثم موافقة مقر الفوج في المنطقة السكنية، ثم يتوّج كل ذلك بمباركة جندي السيطرة ! ويا ويله ويا سواد ليله من يحاول نقل أثاث بيته بمعاملة لم تستكمل أختامها.. إذ تبقى السيارة الحمل محجوزة بانتظار رحمة الله !
 6 – اعتمد ناصر الغنام وضباطه أسلوب التعذيب مع المعتقلين، إذ كانت جثث المعتقلين تلقى أمام بوابة الطب العدلي ولا حساب، وقد اشتهر ناصر الغنام بأسلوب (عمارة التوابيت) في تعذيب المتهمين، إذ تُعصب أعين المتهمين ويوضعون في توابيت تسمر عليهم وترص واحدا فوق الآخر منذ المساء وإلى صباح اليوم التالي، ومن يتوفى منهم تلقى جثته في العراء وأهالي مدينة الموصل كلهم يتناقلون الأخبار بحزن وأسى.
7 – كان الابتزاز هو السمة المشتركة بين ضباط الفرقة الثانية كافة، فالإفصاح عن مصير الموقوف بثمن كذا من الدفاتر بالدولار، والإفصاح عن مكان احتجاز الموقوف بثمن، وعرض أوراق المتهم على المحكمة بثمن، وتنفيذ أمر الإفراج بثمن، ومن يمتنع عن السداد.. يدفع الثمن ! وغالبا ما كانوا يستهدفون فئة التجار والأثرياء القادرين على دفع مبالغ لا تقل عن 10 دفاتر.
الصفحة الثالثة ( مهدي الغراوي) :

بدأ عهد مهدي الغراوي قائدا للفرقة الثالثة شرطة اتحادية، وقد انعكس تدني مستوى أخلاقياته الشخصية على جنوده ومرؤوسيه إذ اتسموا – قاطبة – بالانحلال الخلقي، وإدمانهم المخدرات والمسكرات، وتعمدهم إهانة المواطنين وإيذائهم، والاعتداء عليهم. حتى وصل الأمر بهم إلى الاعتداء بالضرب على القاضي احمد الحريثي قاضي محكمة تحقيق النزاهة- نينوى والقاضي حجاب احمد السبعاوي رئيس محكمة جنايات نينوى بالضرب المبرح، وإصابة عنصر حمايته بطلق ناري بحضور ومشاركة مهدي الغراوي .!!
ولن ينسى أبناء نينوى الاعتقالات العشوائية لأبنائهم، وبقاء المعتقلين في الزنزانات لأشهر وسنوات دون مذكرة أمر قبض، ودون عرضهم على قاضي التحقيق.
ولن ينسى تجار نينوى والاطباء والصيادلة الابتزاز الذي عانوه من الغراوي.. حين اضطروا لدفع عشرات (الدفاتر) من الدولارات لمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين، وحين اضطروا لدفع دفاتر أخرى لاستنقاذ أبنائهم من المعتقلات ..
ولن ينسى أهالي الموصل الأشهر التي مرت ومدينتهم بدون ساحات وقوف.. إذ اشترط عليهم الغراوي دفع (إتاوات) إليه كشرط لإعادة افتتاحها …!
ولن ينسى مواطنو نينوى في العديد من قراها كيف كان الغراوي يقوم بـ (إعدام ميداني لأبنائهم على مرأى ومسمع منهم كافة دون خشية ولا محاسبة.
ولن ينسى قضاة التحقيق في نينوى تهديدات الغراوي لهم، واتهامه لهم بدعم الإرهاب  كلما اتخذوا قرارا بالإفراج عن المعتقلين الأبرياء
ولن ينسى مُحامو نينوى تهديدات الغراوي لهم كلما توكلوا عن المعتقلين الأبرياء.
ولن ينسى مواطنو نينوى العقوبات الجماعية التي كان يوقعها عليهم الغراوي كلما تعرضت سيطرات الجيش إلى رد فعل رافض من مواطن موصلي .. كانت الطرقات تغلق دونما سابق إنذار ولأجل غير معلوم.
ولن ينسوا أزمات المشتقات النفطية المتعاقبة بسبب منع سيطراته للصهاريج من دخول المدينة.. وكيف كانت الأزمة لا تُحلُّ الا بدفع (الدفاتر من الدولارات) إلى الغراوي. وكيف ينسون ضرب أولادهم العرسان يوم عرسهم وجرهم من جانب عروسهم يوم الزفاف في الشارع والساحات بالاهانات والضرب والبصاق وتحويل فرح الأسر إلى  بكاء وتوسل وعزاء لا لشيء إلا لأن موعد الزفاف كان في هذه المناسبة الدينية أو 
 تلك ..دون تحريم قرآني أو شرعي ..كما أنهم يتذكرون بحزن تفجير أبوابهم واقتحام بيوتهم وغرف نومهم في منتصف الليالي بحجة البحث عن الأسلحة واقتياد شباب الأسر وحصد شباب الأحياء الى السجون وغيرها من السلوكيات التي لا تدل إلا على البغضاء والحقد الذي زرعه فيهم حاكم ليس له علم بالسياسة ولا خبرة بأصولها فاعتدوا على أهلهم وشعبهم دون رأفة ولا ضمير مع أن أهالي الموصل أناس طيبون متحضرون أليفون بشهادة كل من عاشرهم ، فقد احتضنوا كل الاطياف والمكونات التي وفدت اليهم من كرد وتركمان وأرمن ويزيدية وشكلوا مع المسيحيين أجمل العلاقات الراقية عبر التاريخ 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *