الاسم في الشخصية الروائية

الاسم في الشخصية الروائية
آخر تحديث:

حسن فالح

يحدث أن يتردد الساردون في انتقاء أسماء شخصياتهم في الاعمال السردية التي يكتبونها، ومنهم من يظل طويلاً غارقاً في حيرته متردداً في اختياراته للاسماء، والبعض قد يتدارك تغيير أسماء بعض الشخصيات قبل ايام قلائل من عملية طبع النص المسرود.وفي المحصلة كل ما يمكن أن يُقال عن هذه الحالة؛ هو الحرص على تقديم شخصية متكاملة على خشبة النص، النص الذي عليه ان يكون مُقنعاً للقارئ لا فقط في سرد تفاصيله من حيث الزمان، المكان، الحدث، اللغة، الوصف، واتقان حبكة وحياكة التفاصيل الاخرى بل حتى على مستوى اختيار الاسماء داخل النص السردي، فالاستقرار على اسم معين يعتبر جزءاً من الاستراتيجية السردية.
وهناك من المؤلفين من يعتمدون في اختيار اسماء شخصياتهم على اساس معطيات بيئاتهم التي ينبثقون منها، وعلى سبيل المثال اسماء الشخصيات التي يختارها زولا في نصوصه الادبية فهي اما بإيحاء شعبي او أرستقراطي، فالاسماء التي تكون وسط بيئة شعبية تكون اسماءها مشتقة من تلك البيئة والحال كذلك مع الاوساط الارستقراطية فهذه الشخصيات وسيكولوجيتها كائنات حية داخل النص المكتوب بشكل متصور كامل لدى المتلقي يمكن أن يُختزل تصورها بمجرد قراءة او معرفة الاسم الدال عليها. 
مضيفاً الى ذلك الكنية الملحقة بالشخصية الروائية او اللقب حتى ان كان الاسم ملحق بانتماء مناطيقي او قبلي او الى غير ذلك من الصفات المضافة التي تُعطي تصوراً مبدئياً عن الشخصية الحية داخل العمل المكتوب، ومثال على ذلك اسماء شخصيات نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة والتي تتميز بتباين الاسماء من حي الى حي ومن طبقة اجتماعية الى اخرى، وجرت العادة عند بعض المؤلفين تجربة عدة اسماء حتى يستقروا في نهاية الأمر على احداها.ويقول فيليب هامون صاحب سميولوجية الشخصيات الروائية؛ إن عملية اختيار اسماء الشخصيات كانت احياناً تستغرق زمنا طويلاً.
وقد يسقط المؤلف على الشخصيات وصفاً يؤثر تأثيراً مباشراً على وضع العمل الادبي وهو وضع يشمل خصائصهم ووظائفهم السردية، اضافة الى اسمائهم التي تُميز فيما بينهم حسب انتمائهم البيئي والمهني. مثل طبيب، مزارع، كاتب، حداد. وبذلك تتسلل الشخصية داخل المجتمع. ذلك ان الجسم الاجتماعي لا ينظر الى الافراد واسمائهم فحسب وينظر اليهم من خلال الوظيفة المعطاة لهم من خلال المؤلف. خاصة ان القارئ غير متأخر عن الشخصية فهو يمتلك دائما معلومات مهمة من أجل مراقبة الشخصية ويكون جاهزاً بعمليات التذكر والأستباق. لذا يجب ان تسرب الشخصية الى النص وهي في شكلها النهائي.ويمكن تعريف الشخصيات داخل الرواية على انها كائنات من ورق، يتم الاشتغال على انسنتها لتحويلها الى كائن حي ويتم خلق هذه الانسنة في بدايتها من خلال الاسم والصفة او الكنية التي يهبها المؤلف للشخصية وبغض النظر عن كون هذه الشخصية رائية او شارحة، داخل العمل المسرود فإن سلوكها وطقسها الصفاتي سيعتمد على الاسم او الكنية الملحقة بالاسم والبيئة التي انتجته كما يحدد مسارها  المؤلف.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *