التأمين الصحي الإلزامي بدعة لابتزاز المتقاعدين

التأمين الصحي الإلزامي بدعة لابتزاز المتقاعدين
آخر تحديث:

بقلم:باسل عباس خضير

في الأول من الشهر الحالي باشرت هيئة التقاعد الوطنية بدفع رواتب المتقاعدين لشهر آذار 2020 بمختلف الأصناف ، وقد تفاجأ المتقاعدون باستقطاع مبلغ 2000 دينار من استحقاقهم لأسباب غير معروفة لان مراكز الدفع المختلفة لاتمتلك غير رقما هو عبارة عن المبلغ الواجب دفعه للمتقاعدين ، ولعدم وجود جهة محددة يمكن الاستفسار منها عن مسوغات الاستقطاع فقد بقيت التساؤلات محل افتراضات ووصل بعضها لحد السخرية والمزاح لان الاستقطاع من قبل الهيئة اعتاد عليه المتقاعدون لغياب الشفافية إلا لبعض الحالات او بعد فوات الأوان ، وعند التحري عن حيثيات الموضوع وجد إن المبلغ المستقطع هو عبارة عن الاشتراك الشهري في التأمين الصحي على المتقاعدين وهو ما أثار حفيظة ونقد من علم بالموضوع لأن المتعارف عليه إن الضمان الصحي قضية طوعية وتعود لاختيارات الشخص المؤمن عليه وان هيئة التقاعد غير موكلة لان تكون وكيلة عن عموم المتقاعدين ، وان الأعراف الدارجة تتضمن حق الدائن في التامين على المدين لكي تكون جهة التامين هي الضامنة لتسديد ما على المدين من التزامات عند الوفاة ( مثلا ) ، وكما هو معروف فان العلاقة بين المتقاعد وهيئة التقاعد علاقة غير مذعنة وان المتقاعد له حقوق تقاعدية كفلتها القوانين وهيئة التقاعد هي الجهة التي تتولى دفع الاستحقاقات بالمواعيد المتفق عليها على وفق الأصول ، واتضح من خلال التحري أيضا إن هيئة التقاعد الوطنية قد أصدرت كتابها بالعدد 138 في 19/ 2/ 2020 الموجه إلى شركة التامين الوطنية الذي يعلن عن موافقة جماعية لقبول تطبيق التامين الصحي الإجباري للمتقاعدين كما يبدو من خلاله تزكية لشركة بعينها ، والذي تم لصالح شركة كلوب مد العراق ( اللبنانية ) ، وان نص هذا الكتاب :

((إشارة إلى كتابكم المرقم 21/ 128 / 1104 المتضمن إصدار وثيقة تامين صحي لكافة المتقاعدين بغية الاستفادة من المزايا التي يوفرها هذا النوع من التامين واستنادا إلى قرار مجلس الوزراء 239 لسنة 2015 6/6 والتي نصت على إلزام الوزارات والدوائر الحكومية وشركات القطاع العام والخاص على إنشاء عقود تامين وتامين صحي وفق شروط ومعايير دولية والمتوفرة في عرضكم المقدم ، نود إعلامكم بموافقة هيأة التقاعد الوطنية على إنشاء وثيقة تامين صحي مع شركة التامين الوطنية لتضمن جميع المنافع والمزايا المذكورة في عرضكم المقدم آنفا حيث إن شركة ( غلوب مد العراق عبر البحار للخدمات الإدارية ) هي شركة الخدمات الإدارية الموكلة حصرا لتنفيذ هذا العقد عبر شركة المستشفيات المتعاقدة معها )).

وذا علم بان عدد المتقاعدين في العراق الذين تم شمولهم بالتامين الصحي الإلزامي بدون علمهم وموافقتهم هوبحدود 6 ملايين متقاعد ، فهل بإمكان شركة لبنانية بان تغطي احتياجات هذا العدد الكبير واغلبهم بأعمار تزيد عن 50 سنة وبعضهم بأعمار تزيد عن 70 او 80 عام او أكثر ؟ ، وهل من المعقول أن تقوم الشركة اللبنانية بالتامين الصحي على عدد من المشتركين يزيد عددهم عن عدد سكان لبنان بأكملها الذي لا يتجاوز 6 ملايين من السكان في أحسن الأحوال ؟، وإذا كانت هذه الشركة قادرة على تقديم التامين الصحي للمتقاعدين فأين بناها التحتية في محافظات العراق من المراكز الصحية والعيادات الاستشارية والتشخيصية والمستشفيات وما هو عدد الأسرة وعدد ملاكاتها الطبية والصحية وغيرها التي يحتاجها التامين الصحي لستة ملايين مشترك دفعة واحدة ؟؟ ، وهذه الأسئلة سوف لا نجد لها إجابة قط لان هذا النوع من التامين الصحي هو عبارة عن تامين فضائي بدليل إن المؤمن عليهم ( المتقاعدون ) لم يزودوا بوثائق تامين صادرة من الشركة المعنية كما إن المؤمن عليهم لا يعرفون حقوقهم لأنهم لم يبلغوا بسريان التامين من 1/ 3 / 2020 أي عند استقطاع القسط الشهري للتامين ، ومن الأمور التي تستحق الاهتمام هو هل من المعقول أن تدخل شركة لضمان التامين الصحي لعموم المتقاعدين في وقت انتشار وباء اتفلونزا كورونا الذي اتعب أغنى الدول وأكثرها تقدم علمي ؟ ، وعند تتبع الموضوع وجدنا إن هيئة التقاعد الوطنية قد نشرت إعلانا على موقعها الالكتروني جاء فيه (( بشرى سارة…. بشرى سارة ، ولأول مرة في العراق .. استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم ٢٣٩ لسنة ٢٠١٥ الفقرة السادسة منه التي ألزمت الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية كافة ضرورة توفير التأمين الصحي لكافة منتسبيها ومن اجل تقديم الخدمات الطبية لهذه الشريحة المهمة في المجتمع التي أفنت عمرها في خدمة العراق والعراقيين باشرت هيأة التقاعد الوطنية وبالتعاون مع شركة التأمين الوطنية بمنح المتقاعدين تأمين صحي من خلال استخدام الهوية التقاعدية يشمل العمليات الجراحية والعلاجات داخل المستشفيات الأهلية التي يجريها المتقاعد لغاية 2,000,000 (مليوني) دينار عراقي للمتقاعد الواحد سنوياً بالإضافة إلى الخصومات المالية التي تصل إلى 40% له ولإفراد عائلته ( الزوج – الزوجة والأولاد جميعاً) عن طريق بطاقة مزايا ومن خلال استخدام الهوية التقاعدية في المستشفيات الأهلية والمراكز الطبية الأهلية و المستشفيات الحكومية الجناح الخاص مقابل مبلغ قدره (1500) ألف وخمسمائة دينار فقط شهرياً للمتقاعد وأفراد عائلته (الزوج – الزوجة والأولاد) مهما بلغ عدد الزوجات والأولاد )) ، والغريب إن هذه البشرى السارة قد جاءت استنادا لقرار لمجلس الوزراء صدر عام 2015 وقد أبصر النور في آذار 2020 .

وهذا الإعلان الذي لم يكلف الشركة او الهيئة أي دينار لأنه مجرد إعلان ستكون له مردودات مالية كبيرة من أموال المتقاعدين ، فإذا علم بأن عدد المتقاعدين 6 ملايين فان ذلك يعني استقطاع 9 مليارات دينار عراقي شهريا أي 108 مليار سنويا بما يقارب 90 مليون دولار ويحول المبلغ إلى لبنان دون تقديم إي خدمة ، ولان شهر آذار المعني بالموضوع فان الشركات تقاضت 9 مليارات دينار أي أكثر من 7 ملايين دولار والمتقاعدين لا يزالون لا يعلمون سبب استقطاع 2000 دينار منهم شهريا ، منها 1500 لشركة كلود مد اللبنانية التي لم نجد أي من مكوناتها المادية على الأرض سوى موقعها على الانترنيت ومكتب او ما شابه في مستشفى الراهبات و500 دينار لم يحدد مصيرها بعد ، ونشير بهذا الخصوص انه في الوقت الذي تستقطع فيه المبالغ بالإذعان لحساب ما يسمى بالتامين الصحي ، فان الدكتور جعفر علاوي وزير الصحة الحالي ورئيس خلية الأزمة للتصدي لفيروس كورونا المشكلة بالأمر الديواني 55 لسنة 2020 ظهر قبل أيام في الفضائيات وأعلن عن حاجة وزارة الصحة لمبلغ 5 ملايين دولار لمواجهة الوباء العالمي في العراق وهدد بإعلان حالة الطوارئ إذا لم يسدد له المبلغ من الموازنة الاتحادية ، ولو كانت هيئة التقاعد او الشركة المتعاقد معها قد أعلنت تسديد 5 ملايين دولار كجزء من أل 7 ملايين دولار وأكثر التي استقطعت ( عنوة ) من المتقاعدين في شهر آذار كتسديد عن حصة المتقاعدين عن أزمة الوباء باعتبار إن المتقاعدين من كبار السن وأكثر عرضة للإصابة بالوباء حسب المصادر العلمية لهان الموضوع ، أما أن يبقى الموضوع قيد الإعلانات والمراحل الإجرائية السلحفاتية غير المضمونة بعد استقطاع الاشتراك البالغ 1500 دينار شهريا ل 6 ملايين متقاعد وباقي الاستقطاع من كل متقاعد والبالغ 500 دينار فهذا ما لا يجب السكوت عنه أبدا لأنه قد يعني ابتزازا من رواتب المتقاعدين كونه يتم دون علمهم وموافقتهم او تزويدهم بما يثبت انتفاعهم الفعلي من هذا التامين رغم بدا وسريان التامين الذي يخلو من العقد الذي هو شريعة المتعاقدين في هذا النوع من الخدمات ، ( وللموضوع بقية إن شاء الله ) .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *