الحوار الاستراتيجي

الحوار الاستراتيجي
آخر تحديث:

بقلم:فلاح المشعل

تشخص أبصار المتابعين والمعنيين بالشأن العراقي لموضوع الحوار الاستراتيجي بين العراق وامريكا، الذي سيحدد أنماط ومستويات العلاقة بين الدولتين وفق شروط ومحددات ملزمة لكليهما ، وإذ يعلن الموقوف الأمريكي التقليدي ماذا يريد من العراق على الصعيدين الداخلي والخارجي، فأن الإشكالية التي ستربك الموقف تأتي من غياب وحدة القرار السياسي العراقي أزاء الولايات المتحدة الامريكية، بسبب تشظي القرار الوطني وإرتباطه بايران ومصالحها بحسب ماترى بعض الأطراف العراقية الفاعلة .

لم نقرأ أو نعرف ماذا يريد أو يحتاج العراق من امريكا، وماهي الفلسفة التي سيقوم عليها موقف العراق بكونه دولة ترسم لمصالحها الاستراتيجية، وليست مصالح أو رغبات أحزاب مرحلية تعتاش على مغذيات سياسية خارجية تخضع للمتغير والزوال، مَنْ يمثل الطرف العراقي بالحوار عليه أن يدرك هذه المصلحة الوطنية العميقة التي تشترك ببناء دولة تعيش مرحلة الانهيار ومهددة بالزوال .

امريكا تريد من العراق أن يتحرر من التبعية الايرانية وينهي وجود المليشيات ويحقق تنمية سياسية بالحقوق والحريات والإقتصاد والدخول معها بشراكات سياسية واقتصادية وعسكرية، والمشاركة في الحرب ضد الإرهاب حسب التصنيفات الامريكية و..و.. الخ

أما ايران فهي تريد ضمان مصالحها الاستراتيجية بالعراق وأن لايبقى أي تواجد عسكري امريكي في العراق، يقابله استثمار ايراني تام للعراق أمنيا واقتصاديا وسياسيا، واستمرار فرض إرادتها على القرار العراقي عبر أذرها السياسية والميليشياوية،بمعنى ارتباط سياسي اقتصادي أمني واثيني للعراق وربطه بإيران بجميع الأمور والقرارات المصيرية داخليا وخارجيا، وقد أضح خلال السن ات العشر الأخيرة.

ماذا يريد العراق بين هذين الإتجاهين المتقاطعين المشتغلين على أساس مصالحهما الاستراتيجية في هذا الأقليم الحيوي عالميا وموقع العراق المركزي فيه، الموضوع هنا سوف يخضع لأختبار الوطنية في جدل الصراع السياسي العراقي – العراقي من أجل تغليب مصالح الدولة العراقية الغارقة بأزماتها ، لكن كيف سيكون الحال مع تصادم المصالح والإرادات وارتباط الاطراف العراقية في تعدد ولاءاتها مابين الوطني والإيراني والامريكي ..؟

هل بالإمكان إنجاز موقف عراقي يحقق مصالح الوطن والمواطن في هذا الصراع المحموم .؟

غياب المواطنة في الموقف السياسي العراقي، يغيب معه وحدة القرار وصلابته وتوجهاته، لهذا فأن التنوع الشيعي -السني -الكردي سيحمل معه سلوك المحاصصة في القرار السياسي اثناء التفاوض، لهذا فأن القلق ينتاب العديد من الوطنيين إذ تساورهم الشكوك بخسارة الجولة المرتقبة في الحوار الاستراتيجي بين العراق وامريكا، مثلما عاشوا خسارات جسيمة خلال ال 17 سنة الماضية من البؤس والفساد والخراب ، ولعل المتفاءل في ترقبه القلق يجد في اللقاء مساعي عراقية لبناء لحظة توافقية مابين المصالح الامريكية والايرانية في العراق، وبقاء العراق وسط ساحة الإفتراس والمحاصصة ترضية للاحزاب ومكافئتها على موقفها .!

لكن هل ترضى امريكا بهذه الحلول.؟ ربما وهذا ماسيكشف عنه اللقاء الامريكي – العراقي المرتقب ، لكن المهم بالموقف العراقي أن يحسب حجم المخاطر والخسائر أو الأرباح التي تترشح عن نتائج هذا الحوار المهم في العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *