الشاعر والحاضنة الايدلوجية

الشاعر والحاضنة الايدلوجية
آخر تحديث:

د. حسين القاصد 
في قصيدتها ” وردة لعبد السلام ” تعلن نازك الملائكة موقفها من قاسم ومن الثورة؛ ومدح عبد السلام الذي أراد أن يقتل عبد الكريم، فقام الأخير بسجنه يتضمن من دون ادنى شك ـ رفضا أيدولوجيا  لسلطة قاسم، وإلا لكان قاسم يستحق المدح حين عفا عن عبد السلام لو كانت الشاعرة حرةً غير مكبلة بالأيدولوجية والأوامر السياسية.   لقد ظل موقف نازك الملائكة بسبب الحاضنة القومية ” المصرية ”  معاديا لثورة تموز بشقها القاسمي  إذا جازت التسمية ـ وقد بدا ذلك واضحا من خلال قصائدها، مثل: “ثلاث أغنيات عربية ” وقصائدها في مدح عبد الناصر، وتأييدها للوحدة العربية .  ويكاد يكون أغلب الذين مدحوا عبد الكريم قاسم، سارعوا في هجائه بعد انقلاب 8 شباط ، باستثناء محمد مهدي الجواهري، الذي ظل على دأبه ، يمدح متى شاء، ويهجو مواجهاً غير آبهٍ بالنتائج ولا خائف من السلطة ، وإن كان الجواهري خارج العراق وقتها، فالأمر لا يخلو من شجاعة وتحدٍ للسلطة التي لا يعرف وقت زوالها وهي في بدايتها، فقد انبرى الجواهري لعبد السلام عارف وهجاه هجاءً هو الأقسى في حياة عبد السلام وحتى بعد موته .    يقول د. محمد حسين الأعرجي : (كان الصحفي اللبناني الأستاذ أمين الأعور قد كتب بعد انقلاب شباط: 1963في جريدة ” النداء ” افتتاحية ـ كما يروي الجواهري في ذكرياتي 303:2 ـ يقول فيها فيما يقول: ” لقد سلمت دجلة والفراتُ إذ سلِمتَ يا أبا فرات “، فبعثته الافتتاحية على قول هذه القصيدة في الأسبوع الأول أو في الثاني من وقوع الانقلاب ) والقصيدة يطمئن الجواهري فيها صديقه أمين، وقد كان عنوانها  ” أمين لا تغضب ” قبل أن يصبح اسمها عبد حرب ويتداولها الناس، ومن أبياتها التي خص بها عبد السلام عارف : 

يا عبدَ حربٍ، وعدوَّ السـلام
ا خِزيَ من زكّى وصلّى وصامْ
يا سُبَّةَ الحجيجِ في عُمـرَةٍ
بيــــن الصـــــفــا وزمــــزمٍ والمُقـامْ
يا ابنَ الخنا، إنَّ دماء الكرامْ
نارٌ تلــظّى في عــــــروقِ اللئـــــام
وللضحايا من جراحاتِهـا
أيُّ عيــــــونٍ خُــــــزَّرٍ لــــــن تنــام

وهجاء الجواهري لعبد السلام عارف ووزيره ، هو من الهجاء المتعارف عليه، فضلا عن كونه هجاءً يتبنى الموقف الأيدولوجي ؛ فالخلاف الشخصي الذي حدث بين الجواهري وعبد الكريم قاسم لم يدفع الشاعر للترحيب بذهاب السلطة لخصمه.  ولقد تعرض الجواهري للحكم بالسجن أيام عبد الكريم قاسم ( ثم إطلق سراحه بكفالة مهينة قدرها خمسون فلسا ) (الروح الحية ، فاضل العزاوي : 66) ، ولقد حدد الجواهري موقفه الوطني الواضح ، حين انتفض للشعب وللثورة الموؤودة ، ولكرامة الشعراء الذين طالتهم يد عبد السلام عارف.  

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *