العراق دولة فاشلة وفق القواعد والمعايير الدولية

العراق دولة فاشلة وفق القواعد والمعايير الدولية
آخر تحديث:

 بقلم:عماد الطيب

يرى الكاتب السياسي  الامريكي الكبير ، نعوم تشومسكي ، ان الدولة الفاشلة (هي الدولة غير القادرة ، او غير الراغبة في حماية مواطنيها من العنف ، والدمار ، والتي تعتبر نفسها فوق القانون ) . ويضيف نعوم في كتابه الشهير “الدولة الفاشلة“ ( انه حتى اذا ما كانت الدولة الفاشلة تملك اشكالا ديمقراطية ، الا انها تعاني من قصور خطير ، يجرد مؤسساتها من اي جوهر حقيقي ) . ووفق هذا المنظور ، وغيره ، تعتبر الدولة العراقية ، ومنذ سقوط الصنم ، وقبله ، دولة فاشلة ، وفق المعايير الدولية . فالعنف ، امسى منذ عقدين ، سمة من سمات الدولة العراقية . اذ واجه افراد المجتمع العراقي ، انواع مختلفة من العنف ، وبدرجات تصاعدية . خاصة قبل عام 2003 ، وبعده . وانتشر فيه انتشار النار في الهشيم ، فأحرق الاخضر واليابس . وارتفعت مؤشرات التحولات في القيم والعلاقات في المجتمع الى مستويات خطيرة ، اخذت تعصف به من كل الجوانب ، لتنذر بولادة مجتمع جديد ، سيماؤه التجردمن كل المعايير المجتمعية الخاصة بالعراقيين ، وبناء معايير ، وقيم جديدة ، على انقاض المجتمع القديم . وساهم فوق ذلك  انفتاح المجتمع على كل شيء ، دون رقابة ، وحماية . واخذ مجتمعنا ، يستقطب قيما جديدة ، وبعيدة كل البعد ، عن قيمه الحضارية ، والتاريخية ، والاجتماعية . وهذا كله ، ناتج عن تجربة مريرة ساحقة ، لحكومات عراقية متعاقبة ، حكمت العراق ، ولم تكن قادرة من قيادة البلد ، بشكل طبيعي ، وتصحيح مساراته التي دمرتها الاحداث . بل زادتها دمارا ، وعبثا في مقومات المجتمع العراقي ، الذي اطرته منظومة الفساد والعنف ، بأطر سميكة ، ومحكمة .

وظلت الحكومات العراقية ، تمعن الاذى والضرر ، من حيث تدري ، اولاتدري . وهددت معيشة المواطن العراقي ، ومستقبله ، بحرمانه من أبسط مقومات الحياة . فسحبت عنه كل مايمت بصلة ، بحياته اليومية . ونرى ذلك بوضوح ، في جانب الخدمات . اذ نجد معضلة الكهرباء ، وقد صرفت عليها مليارات الدولارات ، خلال الخمسة عشر عاما ، لم تقدم خطوة واحدة في معالجة هذه الازمة ، التي باتت منذ عقود ، تستشري في عموم محافظات العراق ،  لتلحقها ازمة المياه ، التي فاقمتها سدود تركيا ، الدولة الجارة ، وسوء ادارة الموارد ، وضعف السياسة الخارجية . وانعكست ازمتها في عموم البلاد . وغيرها من الخدمات الاخرى المتأزمة . مما اوصل البلاد ، الى حافة الانهيار ، واحتقان كامل في الشارع العراقي ، وغليانه ، الذي تصاعد بمؤشرات ، غير مسبوقة ، تجاه فساد المنظومة السياسية ، والمطالبة باصلاحها ، لانها الطريق ، لاصلاح جميع مرافق الحياة من خدمات ، ومؤسسات .

العراق اليوم . بجميع مكوناته ، يعبر عن رأيه بالحكومات العراقية ، بشكل واضح وصريح . ولكن في الجانب الآخر . نجد الحكومة ، تقف اليوم اقل ، ما يطلق عليه باردا ، وغير مباليا  بل وعاجزا. وهذا ما نلاحظه من ردود افعال ، من خلال قرارات ، لاتصب في جوهر القضية ، والمشكلة . وان ما نراه ، ونسمعه ، هو تخبط حكومي ، ووعود عرجاء ، بعضها غير قابلة للتنفيذ . وهذا يدل ، على ضعف القائمين ، على ادارة البلاد ، وجهلهم ، وعدم مبالاتهم بالاوضاع الشعبية . ومما زاد الطين بلة ، وتفاقم الوضع . حين ضربت الحكومة ، تطلعات الشعب ، وسمحت بأستخدام العنف ، تجاه المظاهرين ، نتج عنه سقوط العشرات من الشعب ، بين شهيد ، وجريح . مما دعا بالمنظمات الدولية ، للاحتجاج على الاوضاع ، وطالبت بوضع حدا للعنف ، تجاه المتظاهرين . وقد سخرت احدى القنوات الفضائية الالمانية ، على لسان احد معلقيها ، بالقول : ” العراق يمتلك اقوى خزين نفطي في العالم ! ولكنه ليس فيه ماء نظيف ، ولاكهرباء . والغريب ، ان المواطن ، الذي يخرج في تظاهرة ، مطالبا بحقوقه ، يتصداه ، ويمنعه شرطي ، او جندي ، يعاني الظروف نفسها . فقط ، كي يدافع عن حاكم لص ، سرقهم الاثنين معا ! والذين يحكمون هذه البلاد ، يعيشون داخل سياج محصن في بغداد ، يتوفر لهم المال ، وجميع الموارد ، التي لايملكها المواطن العراقي ” . بهذه الصورة المريرة ، يخرج رئيس الوزراء العراقي ، الى الشعب العراقي ، ويؤكد على اجراء حزمة من الاصلاحات ، وتلبية مطاليب المتظاهرين . وهذه السلوكية الشائنة ، والمهينة ، تبحث عبرها الحكومة ، عن حلول آنية ، مجزءة لاتصب في صميم المشكلة ، وانما هدفها احتواء الازمة ، وتدل دلالة قاطعة ، ان الخدمات قرارا سياسيا وليس فنيا .

وان ما تردده الحكومة ، حاليا ، على لسان مسؤوليها ، حول  ما اسمتهم بـ” المندسين ” . يذكرنا مما فعله صدام ، ايام الانتفاضة الشعبانية ، التي انتفض الشعب على الدكتاتورية المقيتة  ، وخرج في تظاهرات ، وصفت بالعنيفة . فردد النظام ، مقولته الشهيرة ، واصفا المتظاهرين ، انهم ” غوغائيين “عبروا الحدود وذلك لافراغ القيمة الوطنية على الثورة ، والانتفاضة . والحال نفسه ، ما تقوم به الحكومة الحالية ، حين وصفت المتظاهرين ،  بالمندسين . والتاريخ يعيد نفسه ،  لكن بأشكال مختلفة .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *