العراق يموت ببطء ..

العراق يموت ببطء ..
آخر تحديث:

بقلم:عزيز الخزرجي

دخلت بغداد قبل إسبوعين بدعوة من رئاسة الوزراء وسط أجواء ملتهبة و مسمومة و أنا مثقل بالهموم, حاملاَ بين جوانحي ملامح نظرية كونيّة هي الوحيدة التي تعتبر سفينة النجاة وسط بحر من الفساد و الضياع و التيه و القوانين الفاسدة, لم أفلح في مسعاي حتى عن مثقف واحد يفهم روح لغتي الكونية التي تختزن تأريخ الفكر الذي وحده يمثل حقيقة الوجود و الأنسان, لأبوح له بآلحقيقة, رغم لقائي بآلكثير من المسؤوليين و المختصّين حتى في أقرب دائرة لرئاسة الوزراء!؟

لقد قالها (بوش), بلغة غوبلزية مُتقنة إستخدم فيها تمام أوزان نظرية التأطير الأعلامي, بتصريح تمّ تطبيقه فيما بعد بإتقان, حيث قال: [سنجعل من الشعب العراقي يأكل و ينام على الحرير], و حقا تخدّر هذا الشعب إلى الحدّ الذي بدأ يشكر الله على هذا الموت الملون بألوان الأسى و الحقارة و الجهل الذي حسبه حياةً بسبب المسخ و غبائه المفرط.

حكومات تمّت تحديد مسارها بشكل لا يقبل أيّ تطور و تجديد و بناء حقيقي أو مراجعة لتصحيح المسار لفقدانها آلنظرية الكونيّة التي على أساسها فقط يمكن أن تُشيّد البلدان السعيدة لنجاة الشعوب!

مسؤولؤون همّهم الأول الحصول على ما يمكن من المال الحرام و تعيين المقربين كيفما كان لراتب حرام, والوزراء على أساس المحاصصة لا الكفاءة و التأريخ يُنتخبون .. و أموال تسرق و تُدخر في بنوك تستخدمها لبناء التقنيات من أجل قتل الشعوب بإطار عصري و مدنيّ و بحماية الأساطيل.

لا تحسبنّ لساني لكم هجاء .. بقدر ما هو دعوة لتعديل كفة الميزان ..

لا تدعهم يجعلون منا شعبا غبيا يأكل و ينام كما هو حاله الآن ..

شعبا لا يصلح إلا للهتاف و الجنس و المخدرات ..

يتبجّح بدين تقليدي ظاهري موسميّ ..

لا تدعو المسؤوليين ينتهزون فرصة الإفلات من العقاب بشكل قانوني ..

حكومات سرقت منا الميراث و الحاضر و المستقبل, وجعلت منكم حميراً تعشق البرسيم ..

بسببها خرجتم من التاريخ بطريقكم للفناء وآلمسخ ..

بسببها كل شيء أصبح عنا يصيح..شعب بئيس أيامه تكرار ..

بسبب الفساد و البهتان صفق لهم الشيطان..

قرعوا الطبول وأعلنوا جنازة الأوطان..

كل شيء عليهم يهون..

إلا أن يكونوا رجالا ويعلنوا الغروب ..

أموالهم أموال الشعب مكدسة في بنوك البلدان..أبناؤهم غير أبنائنا يولدون في بلاد سام..عشيقاتهم في رحلة مستمرة بين فرنسا و لندن واليونان..يبحثن عن وطن جديد يستحق احترامهن..عن جواز سفر لونه كأحمر الشفاه..

يبحثون عن نسب شريف..عن تاريخ جديد..عن شعب جديد يتحايلون عليه..

أزواجهم ينهمون الغلة..وينعلون الملة..

بلا رحمة..منشغلون باغتيال من يسأل عن عدل السلطان ..

و في مقابل كل ذلك .. تتنمّر العشائر و القوانين الجاهلية لتأكل حتى ذلك الذي يعيش خارج التأريخ في صحراء الربع الخالي أو على حدود الموت بين السعودية و الأردن و بقية الجيران.

في العراق شعب يموت ببطء و يعتبر موته حياةً!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *