الفساد والفوضى يقود حراكاً سياسيا لتحويل محافظات الجنوب إلى أقاليم!

الفساد والفوضى يقود حراكاً سياسيا لتحويل محافظات الجنوب إلى أقاليم!
آخر تحديث:

بغداد/شبكة أخبار العراق- يعول العديد من نواب الوسط والجنوب على تحويل محافظاتهم إلى أقاليم “متحررة” من السلطة المركزية في بغداد، معتبرين أن الخطوة الأهم لتحقيق ذلك هو نقل صلاحيات تسع وزارات إلى الحكومات المحلية، وتتصدر البصرة باقي المحافظات في هذا المسير وهي الأقرب إلى إعلانها إقليماً خاصاً أو مشتركاً مع ميسان وذي قار والمثنى.ويقود النواب حراكاً في مجلس النواب للمباشرة بتحقيق “حلمهم” فور تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش، إلا أن التحالف الوطني نفى مناقشته فكرة إنشاء الأقاليم ما بعد داعش، مؤكداً وجود مساعٍ لتشكيل أقاليم في المحافظات السنية، لكنه في الوقت نفسه أقر بأن نقل الصلاحيات إلى الحكومات المحلية في الجنوب سينهي كل الخلافات مع بغداد.

ويتهم رئيس كتلة حزب الدعوة/ تنظيم الداخل، المنضوية في ائتلاف دولة القانون، علي البديري، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بتأجيجه حرباً باردة بين الحكومات المحلية وبعض الوزارات المشمولة بقانون المحافظات رقم (21)، معتبرا أن منح صلاحيات واسعة لمجالس المحافظات جعلها تتصرف كأنها دول مستقلة.ويمنح التعديل الثاني لقانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008، الذي صوّت عليه مجلس النواب في دورته السابقة، الحكومات المحلية صلاحيات تسع وزارات خدمية مع التصرف بجزء كبير من إيرادات منافذها الحدودية، ومنح المحافظات المنتجة للنفط خمسة دولارات عن كل برميل يتم استخراجه.

 وقرر رئيس الوزراء حيدر العبادي، في بداية توليه منصبه، سحب الطعن الذي قدمته حكومة المالكي بقانون رقم 21، وطالب الوزارات والحكومات المحلية بتقديم مقترحاتها لتضمينها في التعديل الثاني للقانون، لكن الطعن الذي قدمته حكومة العبادي بقانون الموازنة، الذي يتضمن منح المحافظات مخصصات البترودولار ونصف ايرادات المنافذ، أثار سخط المحافظات الجنوبية من تنصل الحكومة عن تعهداتها بتنفيذ قانون المحافظات، ووجهت الحكومة بتجميد قانون المحافظات ريثما يمرر مجلس النواب نسخة معدلة من قانون المحافظات.ويصف البديري التقاطعات الحاصلة حاليا بين الحكومات المحلية وبعض الوزارات، التي تعترض على صلاحياتها، بأنها “دخلت ضمن مرحلة الصراعات”، كاشفا عن رغبة هذه المجالس في الحصول على صلاحيات واسعة وكبيرة ترتقي إلى تشكيل أقاليم.وتمتنع وزارة الزراعة عن نقل ملكية الأراضي الزراعية التابعة لها إلى الحكومات المحلية، الأمر الذي تسبب بتوتر العلاقة بين الطرفين ويدور حول اراضٍ زراعية شاسعة في عموم البلاد.

ويعزو البديري إصرار العبادي على تطبيق قانون نقل الصلاحيات إلى “الخلاف مع المالكي الذي سبق وان طعن بهذا القانون”، محذرا من “محاولات كتل معينة للحصول على الأراضي الزراعية التابعة للحكومة الاتحادية عبر نفوذها في الحكومات المحلية واستغلالها في دعايتها الانتخابية المقبلة”.وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، نهاية شهر شباط الماضي، أن مجلس الوزراء قرر نقل شركة نفط الوسط إلى محافظة واسط، تنفيذا لقانون المحافظات.ولكن خلافات حادة تدور بين الحكومة وبعض الحكومات المحلية حول نقل صلاحيات إبرام العقود، اذ ترفض وبشكل قاطع وزارة الصحة منح الحكومات المحلية صلاحية استيراد الأدوية وتصر على إبقائها اتحادية.ولم تقف هذه التقاطعات عند هذا الحد بل راحت الأحزاب والكتل السياسية تتفاوض فيما بينها لتوزيع المناصب الجديدة التي ستتمخض عنها عملية نقل الصلاحيات إلى المحافظات، والتي تقدر بتسعة مناصب في كل محافظة سيتم توزيعها وفق مبدأ المحاصصة.

ويكشف البديري عن وجود حراك برلماني يقوده نواب من مختلف الكتل لترتيب أوضاع محافظاتهم تمهيدا لإعلانها أقاليم بعد تحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش، مؤكدا أن “المؤتمرات التي تعقد خارج العراق تسعى إلى تطبيق بنود الدستور الاتحادي لإنشاء الأقاليم في المرحلة المقبلة”.وكانت الكتل السنية قد كشفت يوم الاثنين الماضي، عن بنود جديدة ألحقتها بورقة “التسوية السنية تحت عنوان “مبادرة استعادة الثقة” التي قدمها اتحاد القوى العراقية للأمين العام للامم المتحدة لدى زيارته الأخيرة الى بغداد، وتنص الوثيقة على ضرورة تلبية الحكومة لطلبات إقامة الاقاليم التي قدمتها محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى، وتخصيص موازنة لإجراء الاستفتاء. ويمنح الدستور في المادة (119) الحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء يقدم أما بطلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو بطلب من عُشر الناخبين في كل محافظة.

ويرى النائب علي البديري أن “أقرب المحافظات التي ستشكل إقليما بعد القضاء على داعش محافظة البصرة التي ستعطي حافزا إلى المحافظات في الوسط والجنوب للمطالبة بتشكيل الأقاليم”، لافتا الى ان “هذه الحكومات أصبحت تمتلك الأموال بعد نقل الصلاحيات لها من تسع وزارات خدمية”.يذكر أن نواب عن كتلة التغيير الكردية، أعلنوا دعمهم للقوانين والقرارات والمشاريع الهادفة لتطوير محافظة البصرة، وذلك عبر زيارة قالوا انها تهدف لدعم هذه المحافظة ولإيصال رسائل تؤكد ضرورة التلاحم بين جميع مكونات الشعب.وقال النائب عن الكتلة كاوه محمد، خلال مؤتمر صحفي عقده الأحد الماضي 9 نيسان الجاري، في مكتب مجلس النواب بمحافظة البصرة بحضور أعضاء من التغيير ونواب البصرة، ان على جميع أعضاء مجلس النواب دعم البصرة بتفعيل القرارات الخاصة بالبترودولار للمحافظات المنتجة للنفط.واضاف ان زيارتهم إلى البصرة لا علاقة لها بتصريح مسعود بارزاني الأخير حول مسألة انفصال إقليم كردستان، مشيرا الى أن كتلته ترى ان جميع المشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية يجب ان تحل عن طريق الحوار.

وبالعودة إلى النائب البديري، فهو يؤكد أن هناك “رغبة لدى المجالس المحلية للتفاوض مع الحكومة الاتحادية لنقل صلاحيات وزارتي الداخلية والمالية لها”، مضيفا “الكتل السياسية على علم بهذه التحركات ولم تستطع التحدث عنها في الإعلام خشية ردة فعل الجماهير”.ويكشف البديري عن مساعٍ يقوم بها لجمع تواقيع لتشريع قانون يجمد أو يلغي قانون نقل الصلاحيات.ويرفض التحالف الوطني أية خطوة لتقسيم العراق وتبني فكرة الأقاليم في الفترة الحالية، مؤكدا انه مع نقل الصلاحيات إلى الحكومات المحلية وتطبيق قانون رقم 21.

ويقول القيادي في ائتلاف المواطن فادي الشمري، ان “نقل الصلاحيات كفيل بإنهاء كل الخلافات والمشاكل بين الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية”، نافيا أن يكون التحالف الوطني قد ناقش موضوع تشكيل الأقاليم بعد مرحلة داعش.ويؤكد الشمري وجود مساع لبعض السياسيين لتشكيل الإقليم في المحافظات الغربية التي تدخل في ظل الصراع الانتخابي، لكنه يؤكد أن “هناك أغلبية سنّية تقف بالضد من هذه التوجهات وتصر على وحدة العراق”.وتضع لجنة الأقاليم البرلمانية لمساتها الاخيرة على التعديل الثالث لقانون رقم 21، مؤكدة أن الجلسات المقبلة ستشهد عرض تعديل هذا القانون للقراءة الثانية بعد ان ضمنت مسودته ملاحظات الكتل السياسية والنواب.

ويقول رئيس اللجنة سيروان إسماعيل، ان “التعديلات الجديدة على قانون المحافظات يتضمن الموظفين المشمولين بفك الارتباط ورواتبهم والمناصب أيضا، وكذلك الغاء مجالس النواحي والاكتفاء بمدير الناحية”، مشيرا إلى أن “الموضوع ما زال قيد التشاور والبحث وسيترك إلى مجلس النواب”.ويؤكد النائب اسماعيل أن لجنته “استضافت وزيري التربية والزراعة واستمعت إلى تبريراتهم بشأن تحفظهم على نقل بعض الصلاحيات للحكومات المحلية”.يشار إلى أن ثلاث منظمات “إيزيدية، مسيحية، تركمانية”، أعلنت في الخامس من شهر آذار الماضي، عن تشكيل تحالف ثلاثي “عابر للطائفية” باسم “التحالف الوطني لإقليم الرافدين” في محافظة نينوى، يضم مناطق سهل نينوى وسنجار وتلعفر.ونقل بيان صحفي مشترك للمنظمات الثلاث، وهي: المجلس الإيزيدي الأعلى المستقل (إيزيدي)، ومنظمة الرافدين (مسيحية)، ومنظمة إنفاذ التركمان (مسلمة)، إن “إقليم الرافدين” يجمع أقليات العراق التي “سكنت منطقة بلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين ضمن إدارة ذاتية مرتبطة بحكومة بغداد”.وأوضح البيان الذي حمل شعار “إقليم الرافدين ضمانة أكيدة لاستقرار الأقليات في العراق”، أن الإقليم يتكون من ثلاث محافظات وهي “سنجار وتلعفر وسهل نينوى، كإقليم متعدد القوميات والأديان والثقافات العراقية”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *