اللاحقون.. ساءوا سبيلا

اللاحقون.. ساءوا سبيلا
آخر تحديث:

 بقلم:علي علي

من الجميل جدا أن تكون خطوات المرء في أي عمل يقدم عليه مدروسة ومحسوبة العواقب، وأن يكون التأني والروية دأبه في اتخاذ القرارات قبل البت بها والعمل على أساسها، فبهذا يضمن النتائج المتوخاة من خطوته تلك. إذ كما تعلمنا في صغرنا ان في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، كذلك لم يفت هذا شاعرنا الذي قال:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا روية فإن فساد الرأي أن تستعجلا

ولم يبخل آخر في نصحه وإرشاده لنا حين أنشد:

قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل

ولنا في أمثالنا العراقية الشعبية ما تنوء به أسفار التاريخ في جميع أمور حياتنا اليومية كمثلنا القائل: (اللي تهدّه ماعثر). لكن الذي يثير التساؤلات والعجب هو تمادي مؤسسات البلد التشريعية والتنفيذية على حد سواء -الحالية والموعودة في مقبل الأيام- بإقرار القوانين أو تنفيذها، ولاسيما القوانين التي لها من المنتظرين ملايين من أبناء هذا البلد، ممن تأملوا الخير في التغيير الذي آل اليه العراق قبل خمس عشرة سنة، أي مضى عليه ما يقرب من نصف المدة الزمنية التي جثم فيها شبح صدام ونظامه على صدورنا ولاقينا مالاقيناه فيها، واذا أردنا ان نبدأ العد التنازلي من اليوم فما هي إلا خمس عشرة سنة أخرى ونكون حينها قد أكملنا الثلاثين، وينطبق علينا إذاك المثل (يخلص من الطاوة تتلگاه النار) أو المثل الآخر -والأمثال كثر- (بدلنا عليوي بعلاوي).

قبل أيام جرت في البلاد أهم عملية سياسية، وهي ليست الأولى من نوعها، إذ يترتب عليها مستقبل البلاد وملايين العباد، ومن المفترض أن تكون التجارب السابقة نقطة مثابة وخط شروع للقائمين على العملية السياسية، ويكفي الاعتماد على أخطاء التجارب السابقة لتكون بتحصيل حاصل دروسا للآتي من الأعوام، فهل اتعظ ساستنا بها؟ وهل استنبطوا من الإحباطات السابقة محفزا لنجاحات قادمة؟

إن الحديث عن مصالح المواطن وحقوقه في بلده، وما يعانيه من تداعيات إخفاق ساسته ومسؤوليه في جوانب البلد كافة، طيلة عقد ونصف عقد مر من عمره، حديث له أول وليس له في الأفق آخر، وما عاد معقولا السير السلحفاتي في اجتماعات مجلسي التشريع والتنفيذ، والتي لم تفض فيما مضى إلا الى النكوص والتراجع والتقهقر في كل حيثيات البلد، وكأن إدارته برمتها قضاء وقت وتمشية أعمال لا غير، وإنه من غير اللائق بمسؤولين وضع الشعب فيهم ثقته وأمله ان يخذلوه فهم بهذا يضحكون على الذقون، ويتسببون بتأخير مرافق البلد ومفاصله، ويباعدون الفجوة بين المواطن وحكومته، لاسيما ان هناك من يتربص ويتحين الفرص من أجل تمرير أجندة مبيتة داخلية وأخرى خارجية، هدفها النيل من العراق والسعي في إبقائه في واد ناء عن باقي الأمم، وهذا من المؤكد لايخدم أي عراقي شريف.

فالقول أن عجلة البلاد توقفت يعني أن كل من يدعي عراقيته وانتماءه للعراق، تكون قد توقفت مصلحته وتأخرت مسيرة حياته، وبذا يكون حريا بالجميع وأولهم قادة البلد الحفاظ على العجلة سائرة بأمان، محفوفة بحماية الجميع من عبث الأغراب بدواليبها، ليضمنوا سيرها بالاتجاه الصحيح تحت رعايتهم المباشرة وغير المباشرة، ومن الطبيعي أن سرعة السير يجب ان لاتأتي على حساب سلامة الوصول، كما أن القول؛ (سيري وعين الله ترعاك) ليس كافيا من دون فعل حقيقي ملموس على أرض الواقع، يبعد الشر ويدرأ الأخطار عن مسيرتها.

إن عقدا ونصف حريا بها أن تكون أعظم دورة تدريبية في إدارة أي بلد، وأظن التلاميذ الذين سجلوا بالأمس في صناديق الاقتراع فوزهم، من المفترض أن يسجلوا قصب السبق في نيل رضا الناخب، فهل هم فاعلون؟ أم لهم في السابقين أسوة وقدوة وساءوا سبيلا!.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *