بغداد الرشيد .. وهَرطَقات الفُرْس بقلم مكي معتز الجميل

آخر تحديث:

لَمْ أَكُن أعرف أنَّ التعدي على حُريات الآخرين والتجاوز عليهم رجولة ولكنه اليوم كذلك !!!
ففي الكثير من المُجتمعات والشعوب يوجد بين شرائِحهم التخلف والجهل ولكن الخطير بالموضوع أن هذه الشرائح ترى جهلها وتخلفها هذا مُقدساً والسبب غِطاءُه بعباءة الولاء للمذهب وآل البيت .
ففي كُل موسم وتحديداً شهر مُحرّم بالتقويم الهِجري تتزايد وتتنامى طقوس الشعائر الحسينية كما يُطلِقون عليها حد الإنفلات والتجاوز على الآخرين ، فما المُشكلة لو تَقطعت الطُرق وأحتاج المواطنين للوصول لأماكن عملهم أن يقتضي منهم المشي لِعِدة كيلومترات ؟؟ ومن بينهم كبير السِن والمريض وذوي الإحتياجات الخاصة ، وما المُشكلة لو توقفت جميع الخدمات في العاصمة بغداد وباقي المُدن لإحياء هذه الطقوس ؟؟
بسبب هذه الشعائر والطقوس ومِن جَرّاء التدافع فقد إثنين وثلاثين شخصاً حياتهم هذا الرقم المُعلن الرسمي ومن مصادرنا الخاصة العدد تجاوز الثمانين شخصاً والحكومة عاجزة عن إصدار شهادات وفاة لهُم !! وبعد يوم من الحادث خرج علينا رئيس عِصابة المنطقة الخضراء بتصريح أقل ما أصِفه مُثير للجدل والسُخرية حيث قال (هذا يحدث حتى في الدُول المتقدمة ، وعن الضحايا قال أنهم كانوا يتمنون هذا وحتى الجرحى كذلك) عن أي دول مُتقدمة كنت تتحدث ؟ وأي دولة مُتقدمة تسمح بهكذا إنتهاكات للإنسانية ؟
مسألة العِبادة والإلتزام الديني أصِفها بأنها مسألة شخصية ما بين العابِد والمَعبود فليس من حق أي فَرد التَدخل بهذه العلاقة المُهم أنكَ كيف تُعامل المُجتمع والناس وإحترامك للقانون والآخر ، بنفس الوقت ليس من حق أي فرد التعدي والتجاوز على حُريات الآخرين وإجبارهم على ممارسة شيء هُم رافضيه أو يعملونه لِدرء الخطر عن أنفُسِهم من رفع الرايات بِمُختلف ألوانها فوق سُطوح المنازل والتوشح بالسواد وعدم إرتداء الألوان الزاهية بالنسبة للسيدات في مؤسسات الدولة العراقية .
العراق ليسَ حِكراً لطائفة أو مذهب وليس مُلكاً لأحدْ !! فمُنذ الأزل نعيش سوية بِحُب وأخوية بِمُختلف دياناتِنا ومَذاهِبِنا تحت راية واحدة تجمعنا ألا وهي علم العراق و وزارة واحدة ترعى مصالح كُل الديانات والمذاهب بإسم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ولكن بعد إحتلال العراق ودخول قوات الإحتلال الأمريكي جعلوا العراق تحت أكثر من خمسين راية كُل راية تُمثل ميليشيا وفصيل وبعد عام ٢٠١١ جعلوا هذه الميليشيات بوضع رسمي وقانوني تحت إسم الحشد الشعبي وأضافوا لها كلمة (مُقدس) لإضافة صفة القُدسية لميليشيا الحشد فكل شيء بالعراق الجديد يجب تقديسه والأرض الخصبة للتقديس مُتوفرة دوماً ، وألغوا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي ذكرتها سلفاً وعملوا ديوانين للوقفين السني والشيعي وعتبتين العباسية والحسينية للتفرقة أكثر وتدعيم ركائز الطائفية المَقيتة والديانات الأُخرى هُم يَرعوا مصالحهم !! وكُل حكومة تأتي وبِكُل وقاحة وتَبَجُحْ يقولوا نحن حكومة عابرة للطائفية وبِكل مرة يُرسخوا قواعد اللُعبة أكثر وأكثر .
ليس من المُحرمات إطلاقاً كما تزعمون عدم إقامة مواكب اللطم وإحياء هذه الشعائر بل أُجزم أنَّ المُحرمات هو تهجير الناس وتشريدهُم وإجبارهُم على مُغادرة البِلاد والتعذيب والقتل وترك العِباد بالعراء بالمُخيمات يلفَح وجوههم حَرّ الصيف وبردْ الشتاء وإن تناولوا وجبة الغداء إستحالة يحصلوا على وجبة العشاء وإجبار الناس على دفع الرشوة بكل مؤسسات العراق بعد إحتلاله لإنجاز معاملاتهم وتنصيب الأفراد الغير مؤهلين بمناصب كانوا يحلموا أن يَمُرّوا من أمام بابِها لإضعاف الهيكل الإداري والتنظيمي ،، هذا هو الوقت المُناسب من كل عام لإعطاء الشعب إبرة البنج بإسم الشعائر الحسينية وبهذه الخُزعبلات تتم عملية التخدير لعام كامل كي لا يثوروا على القتلة والمُجرمين والفاسدين حتى النُخاع .
لو أبدى أي شخص إنزعاجه من هذه التجاوزات فمصيره معروف وتُهمته جاهزة بعثي ، صدّامي ، ناصِب العداء لآل البيت والمذهب ، فإمّا أنْ تلتزم الصَمتْ وهذا ما يُريدونه أو أن تكون مُطَبِلاً للرَكبْ .
١٣ أيلول ٢٠١٩

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *