ثقافة الورد فـي التراث العربي

ثقافة الورد فـي التراث العربي
آخر تحديث:

باسم عبد الحميد حمودي 

هل عبّرت اللغة العربية عن ثقافة الورد؟ تجيب المؤلفة عن هذا السؤال  بالقول:(تظهر ثقافة الورد في التراث العربي من خلال أكثـر من وجه من وجوه الحياة العامة شملت مظاهر السلوك والعادات …ومنحت قدرة اللغة العربية على الاشتقاق والتوليد ثقافة الورد تنوعاً واتساعاً ) يتألف هذا الكتاب الذي يعطي الكثير  للمتتبع من 304 ص من القطع الوسط بفصوله  التسعة ومراجعه الوفيرة,أضافة للمقدمة التي تفتتح الحديث عن هذا الاهتمام الحضاري بالورد زراعة وتهادياً وشعراً وادباً وتأليفاً وتنسيقاً لأطباقه واهتماماً بأنواعه الكثيرة.ولا سبيل هنا الى مراجعة متكاملة لكل الفصول ولكننا سنقف على أبرز معالمها وأطرفها لنؤكد اهتمام الثقافة العربية في أيامها الغابرة بالورد وحضارته ممارسةً استخدامية وذائقةً جمالية وغرساً وتنسيقاً وحباً (بالنتيجة ).
جاء مفتتح الفصول تحت عنوان( الاهتمام بالورد والأزاهير ) إن كلمة (ورد) في اللغة اطلقت على نور كل شجرة ثم إختص بألوان ثلاثة هي الأحمر والأبيض والأصفر ثم غلبت الصفة على الاحمر الذي اشتهر منه(الجوري ).وتفصل المؤلفة في صفات الورد,الجوري وسواه وقد سمته الكتب المتخصصة بالطيب والفلاحة روح الزهر وسلطان الرياحين وسيد الزهر ,وعني به الخاصة والعامة ,وبلغ من استئثار المتوكل به انه منع غيره من التزين به أو زراعته ,وذلك نوع من حماقات الحكم واستئثار الحكام بالنبات وتفضيل أنفسهم على سواهم من البشر.
وتورد المؤلفة الكثير من الروايات عن حب الحكام للورد وهيامهم به وتفرد أخباراً طريفة عن عشق الناس له مما لايتسع المكان لإيضاحه لكننا نشير الى حضارة الورد زمن بغداد العباسية وعشق أهل الاندلس له وغزلهم به . وتقف المؤلفة عند اخبار الورد ذي اللونين والبنفسج والإقحوان والبهار والمنثور والزنبق والسوسن والشقائق والنرجس والنسرين والنيلوفر والياسمين والسندس في الحضائر والمدن الشامية والاندلسية والمصرية اضافة للحاضرة العريقة ..بغداد.
الفصول الأخرى جاءت تحت عناوين : أنواع الورود والأزاهير-الورد ومجالس الأنس- التزين بالورود والأزهار – التهادي –أطباق الورود والأزهار- تجارب العرب في استنبات الورود والأزهار –الدراسة الفنية- المفاضلة بين الورود والأزهار, اضافة للمراجع الوفيرة والهوامش .
من ذلك نجد أن هذا الكتاب المتخصص بحضارة الورد والازهار يكشف عن جوانب ثرية من اهتمام الشعر والأدب بالورود وارتباط لون النبات بالعاطفة الحية وأذواق الناس في مراحل تقدم الحضارة الشرق أوسطية زمن ازدهار الدول الاسلامية في عصور النضج والتأسسيس وصولاً الى خير ما اعطاه القرن الرابع الهجري من تقدم علمي وحضاري.
والمؤلفة موضوعية في اختيار أخبار الورد والازهار فهي تقف من الحضارة الفارسية التي نهلت من الاسلام موقف الناهل من عطائها الحضاري كما هو الأمر من عطاء المجتمعات الاخرى التي دخلها المسلمون وتعلموا منها واثروا عليها حضاريا.الحضارة هنا حضارة مشاكلة ومثاقفة وتلك صفة الحضارة الحية المعطاء والناهلة معاً.
واعتنت المؤلفة بفصل خاص بعنوان –تجارب العرب في استنبات الورود والأزهار –بفضل التجارب الزراعية اتي اعتمدها عشاق هذه الورود وتوابعها, فطافت بتجارب تطوير زراعة الياسمين واستنبات البنفسج واعتمدت على كتب الفِلاحة في ذلك مثل رسالة الأزهار لابن الاثير وحدائق الانوار لجنيد بن محمود والقانون في الطب لابن سينا وكشف الاسرار عن حكم الطيور والأشجار لعز الدين المقدسي وكثير غيرها .والكتاب بذلك مادة ثقافية حضارية بالغة الجمال والاثر اضافة للمادة الادبية الموجودة فيه مما يغني القارئ عن كثير من الكتب في هذا الباب.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *