جبار صبري والفكر الفلسفي الحداثوي

جبار صبري والفكر الفلسفي الحداثوي
آخر تحديث:

صباح محسن كاظم
منذ الريادة الأولى للوجود الإنساني وهو يبحث في أسئلة  العقل والروح والفِكر والوجود، وكل نظرية طرحت أفكارها، ومتبنياتها، واعتقادها، منذ بواكير الخليقة، إلى ماوصل لنا اليوم، ومايستنتجه الفكر الإنساني من رؤية للمكان والزمان والخلق والكون بكل أبعاده الوجودية وماهيته وأصله وشروحات عن الأخلاق والعلم والمذاهب الفلسفية التي تعاطى بها الفلاسفة في أمكنة وأزمنة متلاحقة، وظلال تلك النظريات الحديثة له مساحات اشتغال متعددة لاتنحصر في رؤية واحدة، حسب التصورات والإدراكات الذهنية العقلية والحسية والتجريبية، بل بكل مجالات التفكير وفق متبنيات تؤمن بها، وتعالج الموضوعات الوجودية وفق أنساقها .ولابد من مقدمة سريعة على الرؤى الفلسفية كما يعتقد مؤرخو الفلسفة من حكماء اليونان الذين عاشوا قبل الميلاد بستة قرون تلك الأفكار والرؤى التي تتسم بالعلم والحكمة، وكان يُطلق تسمية الحكيم  على من يحترف مهنة التعليم  والخطابة والمناظرة وفن الحوار بالاستدلال للوصول إلى الحقائق، وظهرت تاريخيا مجموعة أُطلق عليهم السفسطائيون في المحاججة والمغالطة والشك والذين يعدون الأشياء غير قابلة للمعرفة اليقينية ويستخدمون التعليم والتعلم لأهداف مادية وسياسية، وقد وقف ضد أفكارهم  الفيلسوف «سقراط» 
وقد رد على تخيلاتهم بأدلة محكمة، ثم نهض تلميذه  «افلاطون» الذي حضر درس أستاذه سنوات وتعلم فنون الحكمة ،وجاء بعد ذلك تلميذه» أرسطو» الذي أوصل الفلسفة إلى أوج ازدهارها ،ودون قواعد التفكير والاستدلال ،وأخرجها بصورة علم المنطق، واستمرت قرون إلى إصدار إمبراطور الروم الشرقية ( جستنيان ) أمره في عام 529 م بإغلاق الجامعات وتعطيل المدارس في أثينا والإسكندرية، ففر العلماء خوفاً على أرواحهم وإنطفاء مشعل العلم والفلسفة في ظل إمبراطورية الروم. يذكر» محمد تقي مصباح» في (كتابه المنهج الجديد في تعليم الفلسفة ) عن ظهور التفكير الفلسفيّ الإسلاميّ وتنوع الآراء من الرؤى الفكرية العميقة والتحليلية و الصوفية والعرفانية والتأملية والإشراقية عن الوجود والماهية والعلة وفك الشبهات وشروحات وآراء الفارابي وابن رشد وصدر المتألهين وغيرهم من الفلاسفة الذين أثروا الفكر الإنساني  ..  ص 19 frown رمز تعبيري انّ فسيل الثقافة الإسلامية الذي غُرس بيد رسول الله (ص) قد نما وأزدهر وأثمر بفضل أشعّة الوحي الإلهيّ وبغذاء من مواد الثقافات الأخرى ، وامتصّ الموادَ الخام من الأفكار الإنسانية بالمقايسِ الإلهية الصحيحة وحوّلها في بوتقة النقد البنّاء إلى عناصرنافعة ،..). 
وفي عرض مقتضب لكتاب الدكتور «جبار صبري»  (المجال الصفري ميتا فلسفة لمرحلة مابعد / بعد الحداثة ) الصادر عن دار ضفاف /2015 /ط1 ب374 صفحة؛  أرى أهميته الفكريّة ..والمعرفية.. والعلمية.. لاطروحاته المعمقة، وشروحاته المفصلة، وحداثة الرؤى، وتعمق المَغزى .. واستجلاء آراء الفلاسفة قديمهم ومعاصرهم وطرح أفكاره بقناعة ووثوق قبال آراء ركزت في معالجتها للوجود على المكان، وليؤكد بطروحاته على أهمية الزمن من خلال المعطيات والاستقصاء للخروج على ماقيل سابقا وفق معطى الزمان والطاقة  الاختفاء  من خلال رؤية ( انا اتصفر انا موجود) من خلال الفراغ وتماشيا مع ماتبديه القمية براهن عصرنا، و التي توصل لها كما يؤكد بمقدمته في اطروحته  ص12 ( ان معطى هذا النظام 0،1 قد تغلغل في كل شيء .أصبح الارادة ، الفعل، الفكرة ، الهدف ،في تحقيق اليومي والحياتي والوظيفي والمعرفي ، وقد وفّر هذا المعطى مؤشرات متلازمة معه ،بل هي فيه، ومنه، ومعه ، في آن واحد. وهذا قد منحنا تصورا مغايرا عن كل تصور سابق. الذي لديه شبر في الفضاء لديه فكر، خطاب متعالي، في الأرض. وهذا انقلاب صريح…..) وقد درس بعمق مفاهيم وتصورات وقناعات ومرتكزات لتعميق الفهم بالأفكار التي أوردها بشروحاته، ومخططاته، وتلك الإضاءات المعرفية التي تفتح الذهن على أسئلة الوجود وفق الرؤى الحداثوية لتلك الاطروحات التي ربطها بفصله الثالث  بالمسرح، فجاء فصل الكتاب الأول  المجال الصفري، المجال، الصفر، مرتكزات المجال الصفري، الفراغ، التصفير، حجب الدوال أو الغياب الغياب ، الانتشار الحركي/ فراغ الحركة داخل الزمن ،الرمز والاسطورة ،التزامن ،التصغير والتجزئة، القيمة، ثنائية العقل الطبيعي والآلي، السرعة أو الغاء المسافة، المجال الصفري ميتا فلسفة لمرحلة مابعد/مابعد الحداثة 
ثم يُعرج بالقارئ الى جرح القوس 1مابعد الحداثة – بعد الحداثة ، جرح القوس 2 مابعد – بعد الحداثة ، جرح القوس 3 مابعد – بعد الحداثة، ويخصص فصله الثالث لتطبيقات في رؤاه وأفكاره وإستنتاجاته عن المسرح الصفري بفصول وأبواب وتفريعات مهمة من ص 241-313  ثم ملحق الزمن في المراحل الفلسفية  الزمن في الميتافيزيقيا؛ والزمن في الحداثة ومبابعدها؛ في هذا الجهد المعرفي التنظيري ..والتطبيقي ..والتأصيلي الذي بذله، وإجتهد  فيه د. جبار صبري، يستدعي القراءة المعمقة لهذه الرؤى وأن لاتمر مر السحاب على المتلقي المعرفي أو القارئ للفكر، والثقافة، والفن وبالخصوص تناوله لجوانب مهمة جدا في اشتغاله المسرحي المعرفي وفق تلك الرؤى التي عرضها ،ونظر لها ،وآمن بها، في ص 241 يُناقش المسرح الصفري بتحليله ( ان الوسط المسرحي هو وسط مادي /حي، وإن كان في انبثاقه يعد وسطا مفترضا عن أصل هو الواقع المعاش، على اعتبار أن مجمل أحداثه وأفعاله الدرامية إنما هي تناسخ فني عن الواقع الأصل .وبحضور تقانة التحويل من الجنس الحياتي اليومي باسلوب الأدب إلى الجنس الدرامي المفتعل باسلوب فني…….) ولأهمية تلك الرؤى  المعاصرة والخلاصات الحداثوية للفكر  الفلسفي  بأزمنته المختلفة ،فقد ناقش بكتابه، واستعان برؤى فلسفية ،لفلاسفة أثروا العالم بالتنوير والمعرفة مع مايتبناه «المؤلف» في كتابه من رؤى تخدم الإنسان ووجوده ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *