حدود المستعمرة الإيرانية الجديدة

حدود المستعمرة الإيرانية الجديدة
آخر تحديث:

بقلم:إبراهيم الزبيدي

عندما نقلّبُ صفحات التاريخ فإننا لا نقدم للأجيال اللاحقة دروسا من إخفاقات الأجيال التي سبقتها ومن نجاحاتها، فقط، بل لنتعلم نحن، قبلها، لكي نرسم طريقنا الآمن للوصول إلى أهدافنا، الشخصية أو الوطنية، ونحن بأحسن حال.

ولكن الذين لا يقرأون ولا يتعلمون ممن كان قبلهم يعيشون أسرى خيالاتهم وأحلامهم وحدها، كمن يسير في ظلام بلا دليل. وقادة النظام الإيراني من أولئك الذين اختاروا أن يسجنوا عقولهم وقلوبهم وضمائرهم في كهوف الأساطير الميتة والخيالات الخائبة.

فهم، كما يبدو، لا يريدون أن يتعلموا مما مرَّ بالعراق من عواصف وزلازل عبر تاريخه الطويل، ولا مما فعله العراقيون بالجيوش الغازية التي كانت منها، أقواها وأكبرَها، الإمبراطورية الفارسية التي خرجت منه وهي منتوفة الريش يكللها العار والدخان والغبار، وأخبارُ هزائمها قائمة إلى يوم يُبعثون.

وحين كنا نكتب ونؤكد أن العراق أصبح مستعمرة إيرانية كانت تهبّ علينا عواصف الضغينة والاتهامات بالطائفية والعمالة من خدم النظام الإيراني منكرين أنه احتلال، وداعين له بطول العمر وحسن الإقامة والسلامة، ولا يخافون ولا يستحون.

حتى حلّ علينا، أخيرا، وريثُ القتيل قاسم سليماني المدعو إسماعيل قاآني لا زائرا متعففا رحيما مُنصفا يتفقد جيرانه ويبادلهم الود بالود والثقة والاحترام، بل جاء محتلا حاملا عصا وليه الفقيه يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، وله فيها مآرب أخرى. ومؤكد أن أصغر عراقي قد علم بما فعله قاآني، وما تحدث به مع خدمه العراقيين.

فقد تحدثت تسريبات من داخل الغرف المغلقة عن مهمته التي تمثلت في اجتماعاته السرية مع “المجاهدين” هادي العامري ونوري المالكي وفالح الفياض وقيس الخزعلي، والتي قَصَرها، حصريا، على ملف رئيس وزراء العراق الجديد، وعلى حرب المواجهة التي يريد من ميليشيات خدمه العراقيين أن يُشعلوا نيرانها، هم فقط، وأن يتحملوا هم وشعبهم أوزارها، وهم صاغرون.

فإسماعيل قاآني جاء متدخلا في ما لا يعنيه من أمور العراق والعراقيين الوطنية الخاصة، ومُبلغا من كبر مقامُه أو صغر في العراق السليب بأن دولة وليه الفقيه “ستمنع أي شخص معادٍ لإيران من الوصول إلى رئاسة الوزارة في العراق”.

وكان قد سبقه الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الذي زار المستعمرة الإيرانية العراقية في مطلع مارس الماضي، للغاية ذاتها، وفشل.

وفي أعقاب الزيارتين المعيبتين هاتين خرج علينا رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري، بتصريح فجّ ومليء بقلة الذوق والخلق وبموت الضمير والدين، ليضع النقاط على حروفها ويقول إن “التحركات الأميركية الأخيرة في المنطقة، إذا كانت لديها أدنى نوايا سيئة تجاه أمن (بلادنا) فسوف تُواجه بأشد ردود الأفعال من قبل الحشد الشعبي والحرس الثوري”.

والثابت أن ميليشيات الحشد الشعبي المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أصبحت حكومية عراقية ويتقاضى مسلحوها رواتبهم من خزينة الدولة العراقية ستة مليار دولار سنويا، عدا الأسلحة والتجهيزات ونفقات الإعاشة.

والأهم والأخطر في تصريحه هذا هو قوله ” لقد أصدرنا أمرنا لهم بضرب قواتهم (الأميركان) في العراق”.

ثم يهدد قائلا إن “استمرار بقاء القوات الأميركية في العراق رمزٌ لانتهاك السيادة الوطنية العراقية، وإذا لم تكن الإدارة الأميركية ملتزمة بالقوانين الدولية، فعليها أن تتقبل تبعات وجودها غير القانوني في الأراضي العراقية، وإن السياسة العامة لحكومة إيران تتمثل في الدفاع عن الحكومة العراقية وحقوقها القانونية”.

إن هذا الإعلان لم يأت “نقلا عن”، ولا بطريقة “ذكرت مصادر مقربة” ولا “صرح مصدر رفض ذكر اسمه”، بل هو إقرار واضح وصريح وبعظمة لسان واحد في منزلة محمد باقري بين القادة الإيرانيين، بأن العراق مستعمرة إيرانية خالصة. وعلى من ينكر هذه الحقيقة أن يشرب من البحر، وأن يركب أعلى ما لديه من خيول، وعلى السيادة الوطنية العراقية السلام.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *