حكومة حزب بارزاني تستغل “ضعف” عبد المهدي وتوزع قطع أراضي للبيشمركة خارج حدودها

حكومة حزب بارزاني تستغل “ضعف” عبد المهدي وتوزع قطع أراضي للبيشمركة خارج حدودها
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- أقدمت حكومة إقليم كردستان العراق، أخيراً، على توزيع قطع أراض لعناصر أمنية من البشمركة و”الأسايش” (قوات الأمن الكردية)، وكذلك لموظفين بوزارة التعليم خارج الحدود الإدارية للإقليم. الأمر الذي أثار حفيظة مسؤولين في تلك المناطق التي أدت إلى خلاف دستوري بين بغداد وأربيل، الذين أطلقوا تحذيرات من خطوات تصعيدية لكردستان تفتح أبواب أزمات جديدة.وعلى الرغم من أنّ الحكومة العراقية الحالية تسعى لتفكيك الأزمات مع أربيل عن طريق الحوار، إلّا أنّ مراقبين أكدوا أن الخطوات “الاستفزازية” من قبل كردستان قد تجبر الحكومة على تغيير سياستها، تجاه كردستان، ما يعني العودة إلى الأزمات من جديد. وقامت حكومة الإقليم خلال الأسابيع الماضية وفقاً لمصادر عراقية، بـ”منح قطع أراض في بلدة فايدة التابعة إداريا لمحافظة نينوى، والتي تسيطر عليها قوات البشمركة منذ سنوات”.

وقال مسؤول محلي ، إن “حكومة الإقليم تضيّق الخناق على المناطق ذات الغالبية العربية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين بالمناطق التي تسيطر عليها بغير وجه حق وهي مناطق متنازع عليها”. وظهر عقب الاحتلال الأميركي للعراق (2003) مصطلح “المناطق أو الأراضي المتنازع عليها”، والمقصود بها 13 مدينة وبلدة وناحية وقصبة، سيطرت عليها القوات الكردية عقب الغزو الأميركي واعتبرتها مناطق تابعة لها، ومارست عمليات تغيير ديمغرافي بحق المسلمين والمسيحيين العرب على حد سواء في تلك المناطق، أبرزها كركوك ومخمور وزمار وفايدة وطوزخورماتو وخانقين وبلدات أخرى ضمن محافظة نينوى.وفي عام 2005 خلال كتابة الدستور الجديد للبلاد، مُرّرت فقرة بهذا الخصوص، ضمن المادة 140، التي تنصّ على أن يتم تنظيم استفتاء يخير السكان بين البقاء مع بغداد أو الذهاب لإدارة الإقليم، إلا أن الكتل السياسية العربية في بغداد بمختلف مشاربها رفضت تنفيذ هذه المادة، بعد اكتشاف عمليات “تكريد” واسعة للمناطق وطرد العرب منها، مشترطة تنفيذ البند الدستوري باعتماد إحصاء السكان قبل عام 2003 لمعالجة آثار التغيير الديمغرافي.

وذكرت مصادر محلية ، أن “الإقليم منح العشرات من قطع الأراضي السكنية في فايدة وقرى أخرى حدودية مع الإقليم وتابعة إدارياً لمحافظة نينوى، بمساحات تبلغ 200 متر و250 متراً وكذلك 300 متر، وتباع بسعر رمزي من الحكومة”.بدوره، قال أحد سكان فايدة، محمد الشمري، إن “حكومة كردستان تعمل على تضييق الخناق على القرى العربية بمحيط بلدة فايدة في خطوة للسيطرة على البلدة بشكل كامل”، لافتاً إلى أنّ “كردستان تتبع خطوات مدروسة وممنهجة بفرض أجنداتها على البلدة، وتتعاون مع جهات أخرى كواجهات لها في البلدة وتنفذ مخططاتها”. وأوضح أنّها “أسست خلال الفترة الأخيرة جمعيات تعاونية عدة في البلدة بالتنسيق والتعاون مع أشخاص منها. وقد أقدمت تلك الجمعيات على شراء عشرات الهكتارات من أراضي الفلاحين في البلدة بمبالغ مغرية”،

مشيراً إلى أنّها “أوهمت الفلاحين بأنّ تلك الأراضي سيتم تحويلها مستقبلاً إلى مشاريع استثمارية ضخمة”. وأكد الشمري أنّها “قامت بتقطيع تلك الأراضي كمناطق سكنية، ووزعتها بشكل رسمي على قواتها الأمنية”، لافتاً إلى أنّها “اشترطت على قواتها من المستفيدين من تلك الأراضي عدم بيعها إلّا بعد مرور خمس سنوات”.في هذا السياق، قال النائب عن نينوى عبد الرحيم الشمري، إنّ “ناحية فايدة التابعة لمحافظة نينوى محتلة من قبل قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهي تعمل بها بشكل متفرد بعيداً عن حكومة محافظة نينوى، وبعيداً حتى عن حكومة المركز، وهي تستولي على كل شيء فيها”. وأوضح أنّ “توزيع حكومة كردستان أراضي البلدة، خرق للقانون والدستور”، مشدّداً على أنه “لا يحق لأي جهة، عدا الحكومة المركزية، توزيع الأراضي في فايدة، فهي تابعة لها”.

واستغرب “الصمت المطبق من قبل الحكومة المحلية في محافظة نينوى، التي لم تحرّك ساكناً إزاء هذه الانتهاكات القانونية”، لافتاً إلى أنه “في حال استمر هذا الوضع فسيكون هناك تغيير ديمغرافي للمنطقة. الأمر الذي يتطلّب موقفاً حكومياً عاجلاً للوقوف بوجه هذا التجاوز ومنعه”.وبحسب الشمري، إنّ “قوات البيشمركة بدأت منذ عام 2003 بعملية تغيير ديمغرافي لكثير من المناطق، لكن سوء إدارتها وضغطها على الناس بعد عمليات التحرير، أديا إلى انتفاضة الأهالي مع القوات العراقية وإخراجها من هذه المناطق، لكن كردستان لم تتراجع عن سياساتها ونهجها بالسعي للتغيير الديمغرافي كلما سنحت لها الفرصة، وهذا الحال مستمرة في فايدة”. في المقابل، رد الجانب الكردي على التطورات الأخيرة بالقول إنها “مناطق كردية وصدام حسين اقتطعها منهم واتبعها بمحافظة نينوى”.

وقال القيادي في الحزب الديمقراطي، النائب ماجد شنكالي، إنّ “بلدة فايدة تبعد عن مركز محافظة دهوك 5 كيلومترات فقط، وهي تابعة لقضاء سميل القريب أيضاً من مركز دهوك، بمسافة لا تزيد عن ثلاثة كيلومترات. وهي مناطق كردية لم يطرأ عليها أي تغيير ديمغرافي”، مشيراً إلى أنّ “النظام السابق لجأ لإلحاقها بمحافظة نينوى وفقاً لرؤيته السياسية وأحدث فيها تغييراً ديمغرافياً”.وتساءل شنكالي، “كيف سيكون التغيير الديمغرافي إذا كانت البلدة الآن داخل محافظة دهوك، وحتى العرب الذين يسكنون فيها ما زالوا موجودين وينعمون فيها حالهم حال المواطنين الأكراد وبنفس حقوقهم وواجباتهم؟”. واعترف بـ”وجود عملية توزيع أراضٍ في البلدة”، لكنه أكد أنها “كانت لأشخاص يسكنون في البلدة ذاتها ولم يأتوا من خارجها وهم من العسكريين”، في إشارة إلى البشمركة.وتنذر توجهات حكومة كردستان، بأزمات جديدة مع بغداد، في وقت تسعى الأخيرة لتفكيك الصراع والأزمات العالقة بين الجانبين. وأنّ “حكومة كردستان تستغل الظرف السياسي دائماً لتنفيذ أجنداتها”، معتبراً أنّ “هذا التوجه قد يطيح بكل توافقاتها مع بغداد، وعلى كردستان أن تتنبّه لذلك”.وأنّ “بغداد حتى وإن أبدت مرونة مع كردستان، إلّا أنّها لا تستطيع تقديم تنازلات كبيرة خشية من موقف الشعب الرافض لذلك”، محذراً من أن “تجبر استفزازات الإقليم، حكومة بغداد على فض التوافقات الأخرى التي يتقارب الجانبان بشأنها، ما يعني عودة الأزمة بين الطرفين إلى المربع الأول”.يشار إلى أنّ البرلمان العراقي، كان قد أقرّ العام الماضي، قانوناً يمنع الاستحواذ على أراضي نينوى. وجاء القانون نتيجة رفض القوات الكردية الخروج من الأراضي التي استطاعت تحريرها من قبضة تنظيم “داعش”، الذي اجتاح الموصل ومحافظات أخرى صيف 2014.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *