زعماء سياسيون واصحاب عمائم في قفص الإتهام

زعماء سياسيون واصحاب عمائم في قفص الإتهام
آخر تحديث:

 بقلم:علي الكاش

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في سورة القصص/ 51((وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ))

(ثوار التحرير هم اصحاب القرار ومن يقرروا المصير)

بعد ان غرد وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري في فرنسا بأن ” القنابل المسيلة للدموع المستخدمة ضد المتظاهرين وتتسبب في قتلهم مباشرة، لم تستوردها القوات المسلحة ولا الشرطة، وهناك طرفا ثالثا يقتل المتظاهرين والقوات الامنية”، وتبين حسب وثيقة مسربة خرجت في 16/11/2019 تشير الى ان ميليشيات الحشد الشيعي هي التي استوردتها من ايران، وبالطبع هذا الأمر بديهي ومعروف، وهل هناك قوات مسلحة في العراق غير هذه الجهات الثلاث، ولا يمكن الإدعاء بأن تنظيم داعش الإرهابي استوردها وهو الذي يستخدمها ضد المتظاهرين السلميين، لأن الأمر سيكون أكثر تداعيا. وهنا لا بد من التوقف عند المحظات التالية.

  1. لماذا غرد وزير الدفاع في فرنسا ووخرس في العراق؟ أين الشرف العسكري؟ ولماذا هو غرد بدلا من وزير الداخلية وهي من مهامه؟ ثم لماذا لم يدعم وزير الداخلية تصريح وزير الدفاع، ليبرأ وزارته من الجريمة النكراء، كما فعل نظيره؟ العجيب ان وزير الداخلية العراقية مازال في سباته العميق، رغم انه المعني الأول بذكر التفاصيل والتوضيحات، لكنه مغفل وامعي لذلك يخشى الظهور في وسائل الاعلام خوفا من زلة اللسان، لأنه بصراحة لا يفقه شيئا لا في السياسة ولا في القضايا الأمنية، انظر الى وجهه واستدل على شخصيته!

  2. لماذا سكت وزير الدفاع عن الجريمة ولم يفصح عن هذه الحقيقة منذ الأيام الأولى من إندلاع الثورة العراقية الكبرى، على أقل تقدير ليبريء قواته من الجريمة، في كل يوم يتساقط عدد من الشهداء والجرحى، وضميره في إجازة.

  3. لماذا لم يسمي الطرف الثالث والذي بات معلوما للجميع، وهم الحشد الشعبي، أي الميليشيات الولائية التابعة للولي الفقيه في ايران. لاحظ إن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس البرلمان يزعمون ان الطرف الثالث هو من يقتل المتظاهرين، وهم غير قادرين على حلٌ لغز الطرف الثالث، وتسميته للشعب، على أقل تقدير لتبرئة ذمتهم أمام الله اولا، وأمام الشعب العراقي ثانية، وأروح الشهداء الخالدة ثالثا، ربما لا توجد عندهم جرأة لأن الطرف الثالث المتمثل بالدول العميقة أقوى منهم، سنكون أكثر جرأة منهم ونفك طلسم الطرف الثالث. هم عناصر من الحرس الثوري الإيراني (الملثمون)، وعناصر من قوات بدر الارهابية، وعصائب أهل الحق، وميليشيا الخراساني، وميليشيا النجباء.

  4. ألم يدعي القائد العام للقوات المسلحة ان الحشد الشعبي يخضع لأمرته؟ إذن كيف يستورد الحشد الشعبي أسلحة وذخيرة دون معرفة القائد العام للقوات المسلحة؟ اليست هذه هي الدولة العميقة؟

  5. من المعروف ان القنابل الغازية تحتوي على سموم، بمعنى أن هناك قصد واضح من إستيرادها وهو القتل المتعمد للتظاهرين. اليست الأموال التي أنفقت على إستيراد القنابل المميتة من خزينة العراق؟ كيف تقتلون الشعب بأموال الشعب؟ الآن عرفنا لماذا خصص رئيس الوزراء (2) مليار للحشد الشعبي!

  6. ما علاقة الحشد الشعبي بقمع الإنتفاضات الشعبية، هل هذه من واجباته كما نص تأسيس هيئة الحشد؟ وما رأي صاحب فتوى الجهاد الكفائي بهذا الفعل الخسيس لأتباعه؟

  7. اليس من المفروض ان يشكل رئيس الوزراء مجلسا تحقيقا ضد العميل فالح الفياض وابو مهدي المهندس بإعتبارهما المسؤلين المباشرين عن الحشد الشعبي، وهما من استوردا هذه الاسلحة المميتة.

  8. طالما ان عصابات ـ كما ادعى وزير الدفاع ـ هي التي تقتل المتظاهرين، اليس من الأولى ان يحمي الجيش الشعب من هذه العصابات؟ بل كيف يبرر لنا حماية القوات المسلحة الملثمين، وتجعلهم ورائها في الخط الثاني؟

  9. لماذا تستر القائد العام للقوات المسلحة على الجهة التي إستوردت وأستخدمت لقتل المتظاهرين، وهو يعرف من هي؟ اليس هذا الفعل يقتضي رفع دعاوي مزودة بالوثائق من قبل ذوي الشهداء والجرحى الى محكمة الجنايات الدولية ضد القائد العام للقوات المسلحة ووزيري الدفاع والداخلية ورئيس هيئة الحشد الشعبي وجميع زعمائه وقادته؟ علما أن محكمة الجنايات الدولية تنظر في إدانه (100) مسؤول عراقي، وهي تجمع الافلام والوثائق والبيانات والتصريحات الحكومية وبعد دراستها سيتم توجيه التهم الى هؤلاء المجرمين بقتل المتظاهرين عمدا.

  10. الا تكفي فضائح الحشد الشعبي ليعلن المرجع الشيعي الأعلى برائته منه، ويصدر فتوى بإنتهاء مدة نفاذ فتوته؟ ومن يزعم ان المرجعية لم تذكر في يوما عبارة الحشد الشعبي، وان الحكومة أولت نص الفتوى بعد ان أشارت الى التطوع في القوات المسلحة.

نرد عليه: هل إعترضت المرجعية على هذا التأويل لفتوى المرجع؟ اليس سكوتها يعني موافقتها على تشكيل هيئة بهذه الصيغة؟ وما الفرق ان سمته الحشد أم لم تسمه فالأمر سيان، هو محسوب على المرجعية، الا تعرف المرجعية فساد المكاتب الاقتصادية للحشد؟ فلماذا سكتت عنه وعن بقية جرائمه؟

كلمة أخيرة للمرجع الشيعي: الا ترى ان ثمرة فتوى الجهاد الكفائي حطت في سلة الخامنئي وليس سلتك، فمعظم الميليشبات التابعة لها تدين للخامنئي وليس لك؟ أم هناك إتفاق خلف الكواليس؟

انك يا مرجع تفقد قيمتك وقيمة عمامتك يوم بعد يوم، بسبب مواقفك الرمادية من الكثير من القضايا، ومنها التظاهرات الأخيرة، والدليل على ذلك ان المتظاهرين تبرأوا منك في بيانهم وردوا عليك” مع الاحترام لمقام المرجعية إلا أن بيانها ضدهم لن يثنيها وبيانها لمساندتها لن يقوينا؛ لأن المتظاهرين خرجوا من دون فتوى ولن يعودوا إلا بإسقاط عملية سياسية حكمت العراق بدعم مباشر من المرجعية، إن الصراحة تقتضى أن نبلغكم بأنكم كنتم جزء من المشكلة، لذا فلن تكونوا جزءا من الحل. نطالب الناطق باسمكم (الكربلائي) أن يسلم المصانع والمعامل التي استولى عليها إلى الحكومة التي سيشكلها الثوار قريبا”. الكثير من العراقيين إستغربوا لماذا لم تصدر يا مرجع فتوى تحرم فيها قتل المتظاهرين السلميين، او إستخدام الذخيرة الحية والقنابل السامة المميتة ضدهم، سيما ان المستورد هم ابنائك من الحشد الشعبي؟ بل حتى فتوى ضد الفساد لم تفتي بها، ما عدا إشارات في خطابات هنا وهناك لا ترتقي الى مستوى الفتوى.

يبدو ان وزير الدفاع قد وصلته رساله من سليماني ـ قبل ان يهرب من المنطقة الخضراء بحجة قمع التظاهرات التي إجتاحات اكثر من (50) مدينة ايرانية أثر رفع أسعار الوقود، علاوة على التظاهرات في عربستان في محاولة للإنفصال عن ايران وتأسيس دولة عربية مستقلة ـ بأن يلتف على تصريحه لأنه يغمز الى الحشد الشعبي، فخرج لنا بإسطوانة مشروخة ” ان الطرف الثالث هم عصابات تستخدم الأسلحة والرمانات الدخان القاتلة ضد ابناء شعبنا والقوات الامنية”. وهنا ورط نفسه في مشكلة أكبر، لأنه اعترف بوجود دولة عميقة نفوذها أكبر من القوات العراقية المسلحة، وهي التي تدير العراق وليس حكومة عبد المهدي.

الذي استفاق من سباته بعد مقتل ما يقارب (400) وجرح وتعويق (15000) متظاهر، كان (فاروق أمين عثمان) وزير العدل العراقي لا عدل الله له عمرا ولا عقلا بقوله” حدثت انتهاكات فردية من اعضاء وكالات مسؤولة عن إنفاذ القانون، ويجري التحقيق معهم”. لاحظ الأحمق يعتبر كل هذا العدد من الشهداء حالات فردية، كأنه يتحدث عن عركة شوارع ولا قمع بمستوى حرب بين دولتين. هل يعلم الوزير الأمعي ان تظاهرات السترات الصفراء في فرنسا كتنت حصيلتها (270) جريحا وبلا أي قتيل؟ وهل يعلم أن حرب المحيط الهادي التي إنتهت عام 1883 بلغت خسائرها البشرية (16000) فرد؟ وإن حرب الدونباس التي إنتهت عام 2014 بلغت خسائرها البشرية (5400). وخسائر حرب الفوكلاند عام 1982 بلغت (2750) شخصا. والخسائر البشرية في الحرب الهندية الباكستانية عام 1965 بلغت (13459) مع الأسرى. فعن أي حالات فردية يتحدث هذا الأمعي؟ لو بقي في سباته لكان أقل ضررا من صحوته المتأخرة، هل هذا وزير عدل أم ظلم، وماذا سيقول لربه ان كان يؤمن بوجود رب ويوم حساب، ولا أظن ذلك.

ما هي مسؤولية الحاكم تجاه رعيته؟

ذكر الإتليدي” لما رجع عمر (رض) من الشام إلى المدينة، انفرد عن الناس ليتعرف أخبار رعيته، فمر بعجوز في خباء لها فقصدها.

فقالت: ما فعل عمر (رض)؟

قال: قد أقبل من الشام سالماً.

فقالت: يا هذا! لا جزاه الله خيراً عني!

قال: ولمَ؟

قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين ديناراً ولا درهماً.

فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟

فقالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحداً يلي على الناس، ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.

فبكى عمر (رض)، وقال: وا عمراه، كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر! ثم قال لها: يا أمة الله! بكم تبيعيني ظلامتك من عمر، فإني أرحمه من النار؟

فقالت: لا تهزأ بنا، يرحمك الله.

فقال عمر: لست أهزأ بك.

ولم يزل حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً.

فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب (رض)، وعبد الله بن مسعود (رض)، فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين! فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: وا سوأتاه! شتمت أمير المؤمنين في وجهه؟ فقال لها عمر (رض): لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي الخلافة إلى يوم كذا، بخمسة وعشرين ديناراً. فما تدعي عليه عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي وابن مسعود. ثم دفعها إلى ولده وقال له: إذا أنا مت فاجعلها في كفني ألقى بها ربي”. ( إعلام الناس/10). هذا هو الحاكم يا أولي الألباب لا يغمض له جفن عن شعبه اينما كانوا، وليس على بعد أمتار من مقر إقامته.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *