شناشيل :”ارنست آند يونغ”.. جهدٌ ضائع!

شناشيل :”ارنست آند يونغ”.. جهدٌ ضائع!
آخر تحديث:

عدنان حسين

لأن طاعون الفساد لم يترك مؤسسة أو دائرة حكومية أو شبه حكومية دون أن يتفشى فيها، ولأن المؤسسات التي أوكلت إليها مهمة مكافحة هذا الوباء لم تسلم هي أيضاً، في الغالب، منه، كان لابدّ من طلب العون من الخارج لفكّ شفرة الإخفاق المتواصل والمتأصل في علاج هذه الظاهرة.

اختارت وزارة المالية منذ بضع سنوات مؤسسة عالمية رصينة، هي “ارنست آند يونغ” المتعددة الجنسية ومقرها في لندن، للقيام باللازم، وقامت باللازم، فقد راجعت حسابات “صندوق تنمية العراق” الذي تدخل فيه، وتخرج منه لأغراض إنفاق الدولة العراقية، الأموال المتأتية من إنتاج وتصدير البترول، منذ العام 2006. حتى الآن انتهت المؤسسة الدولية من مراجعة وتدقيق حسابات الصندوق ونفقات الوزارات والمحافظات وسواها من هيئات الدولة العراقية، حتى العام 2015 الذي صدر للتوّ التقرير الخاص به والمذكرات المرافقة. دائماً سجّلت تقارير”ارنست آند يونغ” على الوزارات وهيئات الدولة الأخرى مخالفات مالية كبيرة، ومن المفترض أن تقوم جهة ما أو أكثر في الدولة، مجلس النواب والحكومة ولجنة الخبراء الماليين، وهذه هيئة حكومية شبه مستقلة مكلّفة بالعمل مع “ارنست آند يونغ”، باقتفاء آثار الأموال موضوع هذه المخالفات، وهي تتراوح بين عشرات الآلاف ومئات الملايين من الدولارات. لكن من الواضح أن أحداً لم يهتمّ بهذا الأمر.لجنة الخبراء أصدرت منذ يومين بياناً بنتائج أعمال “ارنست آند يونغ” الخاصة بالعام 2015، لاحظت فيه أن عمليات التدقيق التي قامت بها المؤسسة العالمية “أظهرت استمرار تكرار الملاحظات المشتركة في عدد من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة رغم التأكيدات المستمرة لتجاوزها، خاصة وأن بعضها هام جداً ومؤثر على سلامة التصرف المالي وكفاءة التدقيق سواء الداخلي أو الخارجي”.وعلى سبيل المثال، أشار البيان إلى أنه “ما زال الرأي المتحفظ بالبيانات المالية قائماً بسبب عدم التحقّق من كميات انتاج النفط في اقليم كردستان للأعوام 2013 – 2015، وعدم تمكّن حكومة العراق من اعتماد تقدير دقيق لقيمة الموجودات المجمّدة في الخارج التي يمكن تحويلها الى صندوق تنمية العراق”. كما أنه “قد تعذّر على شركة التدقيق الدولية تدقيق بعض أنشطة الجهات المعنيّة التي لها أهمية نسبية عالية في طبيعة نشاط هذه الجهات بسبب عدم تزويدها بالوثائق المطلوبة، ومنها تفاصيل مبلغ 615 ملياراً و129 مليوناً و916 الفاً و720 ديناراً، لأغراض إغاثة النازحين في وزارة الهجرة والمهجرين (!ّ)، كما أن هنالك وزارات ودوائر ومحافظات أخرى رفضت تقديم موقف تفصيلي بعقودها المبرمة خلال عام 2015 وتلك المتلكئة من سنوات سابقة”.معلوم أن ديوان الرقابة المالية يقوم بعمل مماثل تقريباً، فهو يراجع ويدقّق فصلياً حسابات الوزارات والهيئات الأخرى، وعلى الدوام أيضا يسجّل الديوان على الوزارات والهيئات الأخرى في تقاريره خروقات وتلاعبات مالية كبيرة، لكن تقارير الديوان تنتهي هي الأخرى إلى المصير ذاته، فما من أحد يتابع الخروقات والتلاعبات ويقتفي آثار القائمين بها. الحقّ على مَنْ في هذا؟ .. إنه في المقام الأول على مجلس النواب، فالدستور الذي تشكّل المجلس بموجبه يُلزمه بعدم تمرير الموازنة العامة للدولة ما لم تقترن بالحسابات الختامية للسنة السابقة، لكنه لم يفعل هذا في أي سنة. ولو كان المجلس أميناً على اليمين الدستورية ولم يحنث بها ما كانت مئات مليارات الدولارت من المال العام قد طارت تماماً من حسابات الدولة في السنوات الماضية لتختبئ في الحسابات الخارجية للفاسدين والمفسدين، وهم في الغالب من كبار مسؤولي الدولة.المال السائب يعلّم السرقة، ومجلس النواب يصرّ على إبقاء المال العام لدولتنا سائباً، لأن عدداً غير قليل من أعضائه وزملائهم في أحزابهم قد أتقنوا السرقة واستمرأوها…

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *