طشطشة

طشطشة
آخر تحديث:

بقلم:كاظم المقدادي

وهل اتاك حديث الطشة والطاشين ، الذين يتصدرون الصف الأمامي من جهلة وأميين ، فأصبحوا على حين غرة .. منعمين مكرمين .. و لسان حالهم يقول : هذا من فضل الشهرة في عراق المغفلين .اقول هذا .. بعد ان طاش ما طاش ، في هذا الزمن الرديء ، بفضل الفضائيات وعالم التواصل الالكتروني ، الذي ترك الباب مفتوحا لمن هب ودب ، ومن كره وسب ، واساء الاخلاق والادب ، و ساوى في مساحة النشر ، بين المثقف و الجاهل ، وبين الاسطة والعامل .. حتى اصبح المجتمع التواصلي ، ساحة مفتوحة ، اختلط فيها الخير بالشر .. والبحر بالبر ، فألغيت مسافات الاحترام .. وكثر هتك الأعراض من اهل المقام ، ولا من رقيب و لا معاتب ، ولا من قضاء يحاسب .

ان كنت تريد ان تكون شهيرا ومشهورا ، وطاشا ، ومطشوشا..فما عليك الا تقديم ورقة اعتماد للسيد مارك ، لتفوز باقطاعية الكترونية من بركاته ، و تتلمذ بعدها على يد الحاج ( ميكافيلي ) وتتعرف على وسائله و غاياته ، ولا تنسى المرور بالملا ( غوبلز ) لتتثقف على تضليله وأكاذيبه .. بعدها لا يهم بأي لغة تكتب ، وبأي ارقام تحسب ، ومن اي عمل تكسب .. المهم ان تكون بارعا في النصب والا حتيال ، والتطاول على اهل الشأن والحال ، و عارفا بلغة التنكيت والتبكيت ، و ملما بالفذلكة والتبخيت .. واعلم انك ستطش بسرعة البرق ، طالما ان لظهرك حزام ، ولك في الحكومة قدم ومقام .

وطرائق الطش كثيرة ، منها الضارب والمغرور ، والحالم والمسرور .. / و يحكى ان ممثلة متواضعة ، ضجرت من اداء الأدوار الثانوية .. فاشتكت الى احد المخرجين الكبار من هذه القضية ، فضحك منها وقال : لا بأس يا عزيزتي .. غدا ستكونين مشهورة قوية ، ويكفيك الذهاب الى حفلة توزيع جوائز الأوسكار ، وسيحضر معك النجوم الكبار ، وما عليك الا اختيار النجم الساطع ، والطول الفارع ، فانقضي عليه بقطعة من الكيك ، وعنفيه على رؤوس الأشهاد ، وامام كاميرات الاصدقاء والأوغاد .. وفي اليوم التالي ، ستجدين صورتك في كل المجلات والصحف ، وستطشين كما طش حجي حمزة في محافل السلف .

وارى ان حالة هذه الممثلة البائسة .. تقترب في جوهرها وفحواها .. من حال سياسي البلد من المتسلقين ، الذين طشوا وطاشوا في البلاد ، وكانوا حديث العباد ، و سار خلفهم جيش جرّار ، من الذين يركضون وراء الكاميرات في الحفلات ، صعاليك ومتزلفين .. تتبعهم موجة جديدة من ( المطشطشين ) الذين ما تَرَكُوا مناسبة الا وحضورها ، ولا موجة الا وركوبها .. فتراهم وعلى ( صفحاتهم الفيسبوكية ) لايتركون امرا في السياسة الا وناقشوه .. ولا وعظا في الدين الا وسخروه ، يتوسلون القنوات في الظهور .. وفي أحاديثهم كم هائل من التدليس والفجور .

الغريب.. ان ادارة الفيسبوك تركت الحبل على الغارب.. وساوت في حق النشر بين الصادق والكاذب ، وبين الجاد والخائب ، مع انها نجحت في الغاء التمايز الطبقي في الصورة والعنوان ، ونمت روح الذكاء الجماعي بين الشعوب والبلدان ، لكنها للاسف .. أطلقت للجحوش الالكترونية العنان ، وهي الان مستنفرة خلف سياسيين زعران ، لا ضمير لهم ولا وجدان .غريب امر هذا الطش ، رغم انه مثل القش.. لكنه مدمر للاخلاق والانسان .. ويصنع قادة بلا قيادة ، ويخرج معممين بلا حوزة ولا شهادة ، وينتج عنه سياسيين بلا ارادة ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *