في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات».. مقاربة تحليلية ونقدية

في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات».. مقاربة تحليلية ونقدية
آخر تحديث:

بغداد/شبكة أخبار العراق-صدر عن المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كتابٌ للباحث المغربيّ عبد الرزاق الدواي* عنوانه: «في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات» (215 صفحة من القطع الكبير).ويركز هذا الكتاب على مقاربة تحليلية ونقدية لإشكالية الثقافة في الفكر المعاصر، وللمفاهيم المتفرعة عنها، الحديثة النشأة. مثل: الهوية الثقافية، المثاقفة، الهيمنة الثقافية، العولمة الثقافية، الصراع والحوار بين الثقافات، الديمقراطية الثقافية.ومن ثمّ يتصدّى بالنقاش لآراء عددٍ من المفكّرين والمؤرّخين والباحثين، أمثال: السيد ياسين، رضوان السيد، وجيه كوثراني، محمد عابد الجابري، نادية مصطفى. ويخلص إلى استنتاج أنّ مقاومة العولمة لا تعني، ويجب أن لّا تعني، رفض الحداثة ومكوّناتها كالعقلانيّة والتنوير والعلم والديمقراطيّة وحقوق الإنسان. بل على المقاومة المجدية للعولمة أن تعتمد على القيم الإنسانيّة للحداثة نفسها.يقسم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول، ويتناول في الأول منها: العناصر الجديدة لإشكالية الثقافة، ويدرس المكونات والعوامل الخاصة بالتصور الجديد لإشكالية الثقافة، مع رصد لمجمل التحولات الدلالية التي طرأت على الخطاب العام عن الثقافة، ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين.وصعوداً إلى الطلائع الأولى من القرن العشرين. ويبين المؤلف أن أهم تلك التحولات تتعين أساساً في كون مفهوم الثقافة قد أصبح في المرة الأولى، في مسار تطوره الدلالي، مرتبطاً بقيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكذا قضايا التحرر والتنمية بصفة عامة.

ويشرّح الفصل الثاني في الكتاب، ماهية الخطاب بشأن «حرب الثقافات» في الفكر الغربي المعاصر، إذ يتناول فيه الدواي، واحداً من الأطروحات المهمة المرتبطة بإشكالية الثقافة والمستأثرة فيها منذ تسعينيات القرن الماضي. ويجري إطلالة جديدة على مضامين خطابات غربية معاصرة، حول الموضوعة المذكورة، وهي خطابات صاغها مفكرون أميركيون مرموقون، ينتمون إلى جامعات مشهورة.ويهتم الفصل الثالث، بإشكالية الحوار بين الثقافات وسياقات تطورها في الفكر المعاصر، منطلقاً من تساؤل: في هذه المطالع الأولى للألفية الثالثة، هل يمكن القول إن الحوافر والإمكانات والشروط، الكفيلة بإنجاح مبادرات إقامة حوارات مثمرة ومستمرة بين الثقافات البشرية، تتوافر فعلاً؟ وفي سبيل الإجابة عن التساؤل يبرز المؤلف ما اعتبره عراقيل تنتصب أمام محاولات إيحاد أرضية ومبادئ عامة للحوار الثقافي على الصعيد العالمي، يقبل بها الجميع، خاصة في عالم اليوم الذي انكشفت فيه حقيقة ان كل واحد من الكيانات الثقافية الموجودة، يتشبث بمنظومة المرجعية والقيمية الخاصة، بدرجات تتفاوت من حيث التطرف.

ويتوسع المؤلف في الفصل الرابع للكتاب، في بحث مساقات النقاش العربي النقدي لإشكالية «صدام الحضارات»، مقدماً «معها لمحة عن موضوع»، توضح مضمون حوار الحضارات ومفاهيمه، وتبين كيف انه ولد من رحم اعتراض تلك الحضارات.والتصدي له. ويخصص الفصل الخامس والأخير في الكتاب، للنظر في اشكالية «الهوية والعولمة الثقافية». ويلاحظ المؤلف هنا، أن الاهتمام بإشكالية الهوية الثقافية يتعاظم يوماً بعد آخر، بسبب تجدد مشاعر الارتباط العاطفي المثالي بالأرض وبالذاكرة الجماعية، وكذا بالتاريخ والحنين الى الماضي والى الأوطان عموماً. ذلك اضافة الى التأثيرات التي تخلقها أيديولوجيات التحرر الوطني والانتفاضات والثورات الشعبية الجديدة التي تنجز بفضل عزيمة الشعوب.ويتساءل المؤلف في نهاية الكتاب، عن ما يمكن ان يحمله بزوغ فجر ربيع الثورات العربية، من عناصر جديدة لتطوير الثقافة والهوية العربيتين؟* عبد الرزاق الدواي. كاتب وباحث مغربي. أستاذ الفكر الفلسفي والاجتماعي المعاصر في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس الرباط. لديه دراسات ومؤلفات عديدة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *