في ظل غياب دعم الدولة للثقافة

في ظل غياب دعم الدولة للثقافة
آخر تحديث:

استطلاع / صلاح حسن السيلاوي

كثيرة هي الأفكار التي تخفق في سماوات المبدعين بأجنحة الأحلام والأمل،  كثيرة هي حاجات المثقف العراقي لينتج المزيد في سبيل دعم وعي المجتمع بأهمية الإبداع والمعرفة والتجديد  والابتكار ، عديدة هي المشاريع الثقافية المؤجلة ، أما على مستوى البنى التحتية التي يحتاجها المبدع والفنان فالفقر في هذا المجال واضح جدا. من كل هذه الزوايا انطلقنا لنسأل مثقفينا عن الافكار التي تشغلهم في سبيل دعم ذائقة المجتمع بما ينتجونه ، في سبيل تحصين الحياة بسور فني وثقافي قادر على منع امواج الظلمات المحيطة به ، فكان هذا الاستطلاع مع نخبة متميزة من مثقفينا.  

مجلس أعلى للثقافة

الروائي كاظم حسوني  تحدث عن أهمية فكرة تأسيس مجلس أعلى وكيف يمكن له ان يكون داعما حقيقيا لثقافة البلاد ثم أشار إلى ما اعلنته لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب قبل اعوام عن سعيها لتأسيس ذلك المجلس  ليُعنى بقضايا الابداع العراقي وسبل الارتقاء بها، من خلال تشريع قوانين تضمن حقوق المثقف العراقي، والسعي الى ترسيخ ثقافة جديدة فضلا عن ضمانات لرعاية الانتاج الثقافي بمختلف الحقول والمجالات. لافتا إلى أن هذا المشروع  سرعان ما اخذته بريحها عواصف الاحداث الامنية والسياسية ومخاطر احتلال داعش للعديد من المدن العراقية.  ومع توالي الاحداث ومارافقها من تدهور امني وسياسي ومخاطر الحرب. بات الاهتمام بالشان الثقافي بعيدا عن الرعاية  من قبل الجهات المعنية الى جانب تفشي الفساد وسرقة المال العام.

وأضاف حسوني بقوله : لقد أضحى الالتفات الى الثقافة والنهوض بها امرا بعيدا وحلما في الوقت الذي غدا فيه العيش صعبا. لكن بالرغم من ذلك اثبت المثقف العراقي نزاهته ونبله وحرصه على اعلاء قيمة واهمية حضور الكلمة وألق الجمال في شتى مجالات الفن. عبر المبادرات الفردية والجماعية واقامة النشاطات والفعاليات والمهرجانات. الى جانب طبع الكتب والنتاجات الادبية والمعرفية وسواها من الاختصاصات. 

  المناهج التربوية

 الشاعر علي مجبل المليفي  أشار إلى ضرورة أن يقتنع الجميع أن كل مشاكلنا تعود بجذرها للثقافة، ولذا يلفت المليفي إلى أهمية تقصى مناهجنا التربوية وخاصة المراحل الأولى وما بها من إهمال واضح للبعد الثقافي بكل اطيافه الملونة من آداب وفنون مؤكدا على عدم اهتمام مناهجنا بالدور الثقافي المعني ببناء أطفالنا وتسليحهم بما يحميهم لمقبل ايامهم من التعاطي مع الثقافة بوصفها مرهما ناجعا لبناء الانسان وتكوين شخصيته الايجابية الخلاقة ، وكذلك المجتمع الذي هو الجهة الضاغطة الاخرى التي تحول دون انطلاقة كبيرة لإشاعة الثقافة بكل جمالياتها المعروفة.

وقال أيضا : إذا تمت معالجة هذه القضايا بمبضع خبير سوف تولد التشريعات التى تحمي الطبقة المثقفة ومنتجها بسهولة ومن دون عناء وبعدها إقامة المؤسسات الثقافية  الضرورية لإدارة المنجز الإبداعي عبر عمل جماعي مؤسساتي مبرمج ومدروس ومستقل ومنتم للأوطان وعابر للطوائف والأديان والمناطق والأعراق .

تشريعات جديدة

القاص أحمد محمد الموسوي تكلم عن ضرورة وجود تشريعات جديدة تخدم الإبداع  والمبدعين، فرأى أن الثقافة العراقية ظلت بعيدة عن اهتمام راسمي السياسات الاقتصادية وأصحاب القرار، وذلك على  الرغم مما يعانيه الواقع الثقافي من تردٍ وتراجع كبيرين في مجال الإنتاج والتسويق طيلة السنوات بعد 2003، وعلى الرغم من الميزانيات الضخمة التي امتازت بها سنوات ارتفاع أسعار النفط ، فكان ما يخصص للثقافة من التواضع بمكان لا يسمح معه الحديث عن مشاريع وبرامج ثقافية ذات قيمة ، واقتصر دعم الحكومة على منحة بائسة قطعت لاحقا وكانت قد وزعت للمئات من الطارئين والفضائيين إلى جنب بعض الأدباء والمثقفين، على أنها – أي المنحة – لا نستطيع أن نعتبرها من خطوات دعم الثقافة بأي حال من الأحوال. على حد قوله .

وذهب الموسوي برأيه إلى ضرورة أن يتم تمويل الثقافة عبر اعتماد مؤسساتها على طرق جديدة تغنيها عن عطاء الحكومة ومنتها ، كأن تفعّل دعم رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص للأنشطة الثقافية ، وأن تبحث عن مصادر تمويل مستقرة ودائمة ، وهذا بالتأكيد يتطلب تشريعات جديدة تمكن هذه المؤسسات من إدامة تمويل مشاريعها الثقافية .

الاستثمار الثقافي

الشاعر مالك المسلماوي أشار الى إمكانية سعي المؤسسات  للأستثمار الثقافي ثم لفت إلى إهمال الجهد السياسي لكل ما انطوى تحت عنوان ثقافة بينما سعت جادة إلى تدعيم المؤسسة السياسية وما يسندها .وذلك حسب المسلماوي لأنها ترى الثقافة تشكل خطرا على السلطة فسعت الى عزل الفعل الثقافي المعارض.. وتنمية ثقافة بديلة تخدم مشاريعها القائمة .وأضاف أنه في زمن الامتلاء لم تقدم السلطة للثقافة ما يسد رمقها.. وفي زمن الخواء سيكون افلاس الدولة شماعة تعلق عليها تقصيرها . الثقافة العراقية لا تموت على الرغم من السنين العجاف. لقد كان عليها ان تنشط التمويل الذاتي بمساعدة المثقفين ومحبي الثقافة والانفتاح على الدعم الاهلي من الافراد والمؤسسات الخاصة.. وتفكر بأهمية الاستثمار في مشاريع وان كانت صغيرة فانها توفر حدودا دنيا  يمكن تطويرها مستقبلا تحت لافتة الثقافة من اجل الحب والسلام.. علينا ان نركز الاهتمام على الانشطة النوعية ونقنن الصرف ونحسب لكل شيء حسابه .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *