لا تنتظروا شيئا من أميركا

لا تنتظروا شيئا من أميركا
آخر تحديث:

 بقلم:فاروق يوسف

حين قررت الولايات المتحدة إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فإنها كانت قد خططت لإقامة نظام بديل أسوأ من ذلك النظام الذي قررت إسقاطه. هو ما حدث فعلا في العراق بعد عام 2003.

أما بالنسبة لإيران فإن الولايات المتحدة لن تجد نظاما أسوأ من نظام آيات الله لحكم إيران. لذلك فإنها مهما هدد رئيسها الغاضب وتوعد لن تلجأ إلى استعمال القوة ضد إيران مثلما فعلت مع العراق.

تفعل الولايات المتحدة ذلك ليس من باب حاجتها لإيران وهو ما يدخل ضمن سعيها للحفاظ على مصالحها وتوسيع حاجة الدول الخليجية إليها بسبب الخوف من إيران، ولكن أيضا من باب عدم التضييق على النظام لئلا يفقد سيطرته على الداخل الإيراني، وهو ما قد يؤدي إلى انشغاله بما لا ينفع السياسات الأميركية في المنطقة. انكفاء النظام الإيراني إلى الداخل لا يخدم الولايات المتحدة.

وليس أدل على ذلك من أن الولايات المتحدة لم تكن طرفا خاسرا بسبب التمدد الإيراني في العراق، كما هو حال إسرائيل تماما في مواجهة الدعم غير المحدود الذي تقدمه إيران لحزب الله في لبنان.

صعود التيارات الدينية في العراق وهيمنة حزب الله على القرار السياسي في لبنان ما كان لهما أن يقعا لولا الوجود الإيراني الذي لم يحدث خفية، بل حدث تحت رقابة أميركية وإسرائيلية صارمة.

وكما يبدو فإن ما تعرفه إيران عن طبيعة الموقف الأميركي منها لم يتمكن العرب من فك رموزه. فلطالما نظر العرب إلى تصريحات الرئيس الأميركي المتشددة ضد إيران باعتبارها مؤشرا على بلوغ الأزمة بين البلدين مرحلة الانفجار، وهو ما يعني لجوء الإدارة الأميركية إلى الحل العراقي مرة أخرى أي إلى الحرب أو الحصار الشامل على الأقل.

غير أن شيئا من ذلك التصور لم يأخذ طريقه إلى الواقع ولن يفعل ذلك في المستقبل. فكل الاستياء الذي يبديه الرئيس الأميركي يتم امتصاصه إعلاميا أو عن طريق ردود أفعال الدول الأوروبية التي تدعو إلى التهدئة وهي تدرك جيدا أن ترامب الذي يحرجها بتصريحاته لن يستطيع أن يغير شيئا من ثوابت السياسة الأميركية.

لقد صمتت الإدارة الأميركية على أشياء كثيرة ألحقت ضررا كبيرا بدول أساسية في المنطقة كالعراق وسوريا، ولولا اعتراض السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدور الذي تلعبه قطر في دعم الجماعات الإرهابية لما صدر عن الرئيس الأميركي أي تصريح يوحي بانزعاجه من ذلك الدور.

وإذا ما كان الدور القطري عابرا بسبب حجم قطر وحجم قدرتها على التأثير، فإن الدور الإيراني في دعم الإرهاب هو علة مزمنة، ذلك لأنه يمثل جوهر العقيدة الإيرانية ما يُسمى بتصدير الثورة، ما يعني تصدير الفوضى والفتن الداخلية والأزمات تمهيدا لمشروع التوسع الإيراني الذي يتخذ من العقيدة الطائفية وسيلة رخيصة الثمن للوصول إلى الهدف.

كان الخطر الإيراني ماثلا قبل ظهور الملف النووي ولقد زاد الاتفاق النووي الأمور سوءا، ذلك لأنه أطلق يد إيران في المنطقة أكثر مما كنت عليه من قبل. لقد حررها الاتفاق النووي من مخاوف كان متوقعا أن تحد من أطماعها في المنطقة. وكم هو مؤلم أن يتذكر المرء أن العراق قد تم تدميره من خلال غزوه عسكريا بسبب كذبة امتلاكه أسلحة للدار الشامل، في حين قادت الولايات المتحدة العالم إلى الموافقة على أن تمتلك إيران سلاحا نوويا لكن ليس في الوقت الحاضر.

لذلك لا أعتقد أن من السليم أن يراهن العرب على موقف أميركي يكون من شأنه الحد من التدخل الإيراني في شؤونهم.لتكن أميركا حرة في ما تتخذه من مواقف، غير أن ما يجب أن نفهمه أن تلك المواقف لن تمثل في الحد الأدنى منها رغبتنا في منع إيران من التدخل في شؤوننا والعبث باستقرارنا. أيها العرب لا تنتظروا من أميركا شيئا في إمكانكم أن تفعلوه.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *