مؤشرات لا تبّشر بانتخابات حرّة ونزيهة وشّفافة

مؤشرات لا تبّشر بانتخابات حرّة ونزيهة وشّفافة
آخر تحديث:

بقلم:اياد السماوي

في مقالنا السابق الموسوم ( لا خير بانتخابات تعود لنا بالمزّورين واللصوص والسفلة ) والذي تناولنا فيه ردّ يونامي على رسالة القاضي جليل عدنان خلف رئيس المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات التي بعثها إلى جانين بلاسخارت الممثل الخاص للأمين العام في بعثة الأمم المتحدّة يونامي , والتي رفضت فيها يونامي المصادقة على تعيين المدراء العاميين في المفوضية , حيث كان الرّد صفعة للمفوضية الجديدة التي لا تختلف عن المفوضية القديمة من حيث الشكل والمضمون .. في هذا المقال سنتعرف على بعض خروقات المفوضية الجديدة , والتي لا تبّشر بانتخابات حرّة ونزيهة وشّفافة .. فبعد أن استبشر العراقيون خيرا بتشكيل مجلس جديد للمفوضية العليا المستقلّة للانتخابات بموجب القانون رقم (31 ) لسنة 2019 والذي تكوّن من تسعة أعضاء , سبعة منهم من السادة القضاة من الصنف الأول وإثنان من السادة مستشاري مجلس الدولة والذين تمّ اختيارهم وفق ما جاء في نص القانون أعلاه , والذي نصّ في المادة ( 25 / رابعا ) على ( ينقل معاونو المدراء العامون في المفوضية الحالية مع الدرجة والتخصص المالي إلى مؤسسات الدولة أو إحالة من يرغب منهم إلى التقاعد استثناءا من أحكام قانون التقاعد الموّحد رقو ( 9 ) لسنة 2014 المعدّل , ويعفى مدراء الأقسام ومدراء الشعب الحاليين من مناصبهم ) , كما نصت المادة ( 26 ) من القانون نفسه على ( لا يعمل بأي نص يتعارض وأحكام هذا القانون ) ..

لكن المفوضية الجديدة التي جائت على دماء شهداء أبناء العراق , والتي علّق العراقيون الآمال عليها بتجاوز آثام وفساد المفوضيات التي سبقتها والتي كانت جزء لا يتجزء من حالات التزوير الفاضح الذي رافق كلّ الانتخابات السابقة دون استثناء , قد سقطت بأول اختبار لتنفيذ القانون , حيث شرع مجلس المفوضين الجديد إلى استخدام أسلوب الخداع والالتفاف في تنفيذ ما جاء في نص الفقرة ( 25 / رابعا ) من القانون أعلاه من خلال ما يلي : أولا / أبقت المفوضية الجديدة معاونو المدراء العامين داخل المفوضية بصفة موظفين بنفس درجاتهم وتخصيصاتهم المالية السابقة من دون توّليهم المنصب , وهذه مخالفة صريحة لتطبيق فقرات القانون الذي ألزم المجلس بنقلهم خارج المفوضية أو الإحالة على التقاعد لمن يرغب منهم …

ثانيا / تكليف بعض معاوني المدراء العامين ومدراء الأقسام ومدراء الشعب الذي تمّ إعفائهم بموجب القانون من شغل أي منصب إداري جديد , بمنصب مدراء للدوائر الحالية لفترة مؤقتة , ولا زالوا حتى هذه اللحظة بالرغم من مرور سبعة أشهر على تكليفهم .. وهذه مخالفة قانونية أخرى يرتكبها مجلس المفوضين دون أي مسوّغ قانوني ..

ثالثا / شملت المادة 25 من القانون أعلاه , الموظفين ممن توّلوا المناصب السابقة حتى تاريخ المصادقة على القانون , بمصطلح ( الحاليين ) ولم يشمل الموظفين الذين شغلوا المناصب الإدارية وأعفوا منها قبل المصادقة على القانون .. إلا أنّ مجلس المفوضين أصدر قرارا بشمول الموظفين الذين شغلوا المناصب لغاية انتخابات مجلس النواب 2018 من الذين تمّ اعفائهم من قبل مجلس المفوضين السابق .. وهذه مخالفة قانونية كون القرار الصادر من المجلس لم يكن منصوص عليه بالقانون أعلاه ..

رابعا / المخالفات القانونية والإدارية التي اتخذها المجلس بتكليف أشخاص لا تنطبق عليهم الشروط والمؤهلات المطلوبة لشغل المناصب في المكتب الوطني ومكاتب المحافظات التي شابت هذه العملية وتمّ تداولها في وسائل الإعلام المختلفة , وبقاء المجلس وإصراره على اتباع نفس الآلية بضغط من بعض الكتل السياسية النافذة وبالمشورة المقدّمة من بعض الموظفين الذين يمّثلون هذه الكتل في داخل المكتب الوطني وبتوجيه من بعض المسؤولين من المدراء العامين والمفوضين السابقين , وهي واضحة وجليّة لكل من يعمل بالمفوضية أو خارج المفوضية حيث سيطرت جهتين فاسدتين أو ثلاثة على كلّ المناصب الإدارية , واستبعدت الكثير من العاملين النزيهين والشرفاء من توّلي أي منصب في المفوضية رغم توّفر كلّ الشروط فيهم إلا شرط الانتماء الحزبي والولاء للاصنام ..

خامسا / صدور قرار لمجلس المفوضين بتشكيل لجنة مستشارين ترتبط برئيس المجلس من الموظفين ممن كانوا يشغلون المناصب الإدارية سابقا والذين تمّ إعفائهم بموجب القانون وهم من يقدّم الاستشارات الفنيّة والقانونية والإدارية إلى المجلس وكلّ ما يتعلّق بإجراءات العملية الانتخابية , بالإضافة إلى عضويتهم باللجان الفنيّة والعملياتية المهمة والحساسة في المفوضية ..

وقد يسأل سائل ما الذي تغيّر بعمل المفوضية ؟ جوابنا له أنّ الذي تغيّر هو تسعة وجوه ذهبت وحلّت أخرى محلّها , لكنّ المنهج والسياسة والأدوات والعوامل المؤثرة في نتائج الانتخابات , هي نفسها لم يتغيّر منها شيء .. والنتيجة المتوّقعة ستكون نفسها التي حصلت في انتخابات مجلس النواب لسنة 2018 وما شابها من حالات تلاعب وتزوير , إن لم تكن أسوء منها .. لأن الجهات التي سيطرت على المفوضية هي نفسها من تمتلك المال والسلاح والسطوة والخبرة العالية في التزوير , ولكونها تمتلك ماكنات انتخابية معظم أعضائها من الموظفين المتنفذين بالمفوضية .. نسخة من هذا التقرير لرئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستور .. ونسخة منه لرئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى باعتبارهم القائمين والمشرفين على الانتخابات القادمة ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *