ما بين حق الملكية والمساءلة والعدالة

ما بين حق الملكية والمساءلة والعدالة
آخر تحديث:

 بقلم:مصطفى عبد الخالق الشاهر

يعتبر حق الملكيّة بأنّه الحق الأكثر قوة بين جميع الحقوق الممنوحة للأفراد، ويضع هذا الحق تحت يد المالك ثلاث سلطات لا تُنتزع منه وهي سلطة الاستعمال، وسلطة الاستغلال، وسلطة التصرّف، أي أنّ له كل شخص الحق بالتصرف بما يملك تحت يده، وهو من أبرز الحقوق، والاحتياجات الفطريّة لدى كل إنسان وكل دساتير العالم ترفض الحرمان من حق الملكية حيث تنص المادة (السابعة عشر / 1-2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه (لكلِّ فرد حقٌّ في التملُّك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره ولا يجوز تجريدُ أحدٍ من مُلكه تعسُّفًا)

أما في العراق فقد أعلنت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، عن مصادرتها اموال (4354) شخصآ لشمولهم بالقانون (٧٢) لسنة ٢٠١٧ الخاص بحجز ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة لأركان النظام السابق وبعيدآ عن أركان النظام السابق مع الأسف كانت القائمة تحتوي على عدة أشخاص تركوا النظام السابق وعملوا مع النظام الحالي وايضآ هناك عدة أشخاص قد غادروا الحياة وهناك من بينها ايضآ شخصيات وطنية ضحت بأرواحها في سبيل حماية الوطن في النظام الحالي كالعميد (أحمد صداك الدليمي) قائد شرطة الأنبار السابق والذي إستشهد في معارك ضد تنظيم داعش، والذي تم تكريمه من قبل رئيس الوزراء السابق لقيامه بعمل بطولي من جهة وتمت مصادرة أمواله من قبل هيئة المساءلة والعدالة من جهة أخرى مكافأة له على بطولاته ووقوفه في وجه الإرهاب

ونوهت هيئة المساءلة والعدالة الى ان “من حق المشمولين بإجراءات الحجز تقديم الطلبات الى اللجنة الخاصة المشكلة من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء للبت بمصير الاموال المحجوزة” و يحق الطعن بقرار اللجنه امام القضاء خلال 30 يوما لمن كان داخل العراق و60 يوما لمن هم خارج العراق وسيكون للمحكمة القول الفصل في اعادة هذه الاموال لصاحبها من عدمه وذلك يعني ان القانون منح مجلس الوزراء واللجنة الوزارية صلاحية تغيير الاسماء الواردة في القوائم وشطب البعض منها وهذا الطريق هو الطريق الاداري في تعديل القوائم والاسماء وهنالك الطريق القضائي اذ للمحكمة اعادة الاموال لأصحابها وفي حالة اصدار اللجنة قرارا برفض الطلب باعادة الاموال الى صاحبه اذ للمتضرر الطعن بقرار اللجنه امام المحكمه وللمحكمه القول الفصل في ذلك وقد قضى القانون بتشكيل لجنة من الامانة العامة لمجلس الوزراء تتولى اعفاء دار سكن واحدة لعائلة مم يتم شمــــــــولهم بالمصادره 400 متر ودفع قيمة 209 متر بسعر السوق

من الناحية القانونية تعد مصادرة الأملاك خرق واضح للدستور العراقي والذي يعد القانون الأسمى و الأعلى في العراق حيث نصت المادة (الثالثة عشر / أولآ-ثانيآ) على أنه : (يُعدُ هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق، ويكون ملزماً في انحائه كافة، وبدون استثناء ولا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نصٍ يرد في دساتير الاقاليم، او أي نصٍ قانونيٍ آخر يتعارض معه) والذي ينص في المادة (الثالثة والعشرون / أولآ-ثانيآ) على إن : (الملكية الخاصة مصونة ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها ولا يجوز نزع الملكية إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل) وإن هذه المادتين من (المبادئ الاساسية) و (الحقوق والحريات) وهذان البابان مقدسان في كل دساتير العالم ويصبح الدستور لا قيمة له إذا تم خرق اية مادة من مواد هذين البابين

وأخيرآ أن عمل هيئة المساءلة والعدالة لا يعد عمل نهائي وقطعي بل هناك لجنة سيتم تشكيلها من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمن قد تعرض للظلم من قبل هيئة المساءلة والعدالة من هؤلاء الأشخاص اللذين ورد ذكرهم في القائمة وايضآ هناك قضاء بعد لجنة مجلس الوزراء حيث يحق الطعن أمامه لكل من تعرض للغبن من قبل لجنة مجلس الوزراء وهناك طريق أخير معنوي وهو اللجوء إلى المجتمع الدولي وطريق مادي وهو اللجوء إلى المحكمة الإتحادية العليا والتي هي إختصاصها مراقبة دستورية القوانين لإن قانون مصادرة الملكية يتعارض مع الدستور العراقي حيث تنص المادة (الثالثة والتسعون) على أنه (تختص المحكمة الاتحادية العليا الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة) وبما إن عمل هيئة المساءلة والعدالة والقانون رقم (72) يتعارضان مع الدستور فهنا يأتي دور المحكمة الإتحادية و التي يحق لكل شخص اللجوء إليها حين يشعر بالغبن نتيجة صدور أي قانون أو أي قرار يتعارض مع الدستور وهذا ما نصت عليه المادة (الثالثة والتسعون / ثالثآ) : (الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والانظمة والتعليمات، والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة) فعلى المشمولين بهذه القائمة التي أصدرتها هيئة المساءلة والعدالة توكيل محامي من الدرجة (ج) لإسترجاع حقوقهم لأن المحامي الذي يقدم الطعن لدى المحمكة الأتحادية العليا يجب أن يكون من الدرجة (ج) والله ولي التوفيق

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *