معهد واشنطن ينصح بايدن بضربة موجعة لميليشيا الحشد الشعبي

معهد واشنطن ينصح بايدن بضربة موجعة لميليشيا الحشد الشعبي
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- “إذا استمر معدل تبادل الهجمات الحالي بين الميليشيات، المرتبطة بإيران، والقوات الأميركية في العراق، فقد نتوقع شنّ الميليشيات ما يقرب من 50 هجومًا على القواعد الأميركية، وسقوط عدد من القتلى الأميركيين، وتنفيذ ست ضربات انتقامية أميركية، بحلول نهاية العام الحالي”. كما يتوقع “مايكل نايتس”؛ المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج؛ في (معهد واشنطن).موضحًا في مقاله التحليلي أنه: “على الولايات المتحدة العمل على إدارة مشكلة الميليشيات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة وإخراج الشرق الأوسط من جدول أعمال الرئيس الأميركي”.ويبدو أن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بصدد القيام بما تتحدث عنه كل إدارة أميركية، ولكنها لا تنجح أبدًا في فعله: “إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط”. يقول “نايتس”.فقد سحبت إدارته صواريخ (باتريوت) من المنطقة، وقلّصت استعراضات القوة التي كانت تقوم بها ضد “إيران”؛ باستعمال القاذفات من طراز (بي-52)، وتستعد لإعادة حاملات الطائرات الأميركية إلى “الولايات المتحدة”، بعد عقود من نشرها الخطير في الخليج. وبالطبع، سيضع “بايدن” أيضًا حدًا لما أسماه بنفسه: “الحرب الأبدية” في “أفغانستان”.لكن إذا كان الهدف هو تقليل التدخل العسكري في الشرق الأوسط، فإن قيام إدارة “بايدن”، ولعدة مرات بضرب الميليشيات المدعومة من “إيران”، في “العراق” و”سوريا”، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يفوق ما قامت به إدارة “ترامب”، في عام 2020 بأكمله، يُثير القلق. وإذا استمر معدل تبادل الهجمات الحالي، فقد نتوقع شنّ الميليشيات المرتبطة بـ”طهران”؛ ما يقرب من 50 هجومًا على القواعد الأميركية، وسقوط عدد من القتلى الأميركيين، وتنفيذ ست ضربات انتقامية أميركية، بحلول نهاية العام الحالي. وفي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من حزيران/يونيو 2021، ردّت “الولايات المتحدة” للمرة الثانية والثالثة على هجمات الميليشيات منذ تولي “بايدن” السلطة، فضربت أهدافًا لهذه الجماعات في “العراق” و”سوريا”، ردًا على زيادة هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على القوات الأميركية في هذين البلديْن.

يلفت الخبير الأميركي؛ لقد عملتُ في “العراق”، بما في ذلك مع الميليشيات، لمدة عقديْن من الزمن. وفي كانون ثان/يناير الماضي، توقعتُ في مجلة (بوليتيكو)؛ أن تؤدي الهجمات، التي تشنّها هذه الميليشيات، إلى استخدام “بايدن” للقوة، للمرة الأولى، وهذا ما حصل تمامًا، في شباط/فبراير 2021.وتبقى المعضلة الماثلة أمام “البيت الأبيض”، في أنه يعتبر الإبقاء على قوة صغيرة تركز على مكافحة الإرهاب في “العراق” و”سوريا”، بديلاً مفيدًا عن الانسحاب الكامل، والذي من شأنه أن يعود بالفائدة على الخصوم مثل: “تنظيم الدولة الإسلامية” والمتشددين الإيرانيين.ولكن الجماعات المدعومة من “إيران” لن تتوقف عن مهاجمة تلك المراكز الأميركية. والآن، يبدو أن الإدارة في “واشنطن” عالقة في حلقة مفرغة تقوم على استخدام الضربات الصغيرة الطفيفة الأثر في محاولة لردع الميليشيات وسط تجنب التصعيد، ولكن أنصاف الحلول هذه لا تحقق أيًا من النتائج المرجوّة.

ويرى؛ على فريق “بايدن”، إنهاء دوامة ردّ الصاع بالصاع عن طريق توجيه ضربات أكثر ذكاءً وقوةً، لكن بشكل أقل علنية.لقد جاءت الضربة الأميركية، في شباط/فبراير الماضي، ردًا على هجوم صاروخي طائش إلى حدّ كبير نفذته الميليشيات على قاعدة أميركية في “العراق”، ولكن الضربة الطفيفة الأثر أسفرت عن مقتل حارس ليلي واحد فقط.ويبدو أن العملية الانتقامية الأولى؛ أثارت شهية الميليشيات المدعومة من “إيران” لشنّ المزيد من الهجمات ضد الأميركيين. ووفقًا للإحصاءات التي جمعها مشروع “Militia Spotlight” [“الأضواء الكاشفة للميليشيات”]، التابع لـ (معهد واشنطن)، شنّت الميليشيات 24 هجومًا على قواعد أميركية، ولكنها تلقت في المقابل 03 ضربات انتقامية فقط، منذ تولّي “بايدن” منصبه.

وتقوم هذه الجماعات بشكل متزايد باستهداف أصول أميركية بواسطة طائرات بدون طيار، حيث بدأ عدد الهجمات الدقيقة التي تنفذها هذه الطائرات يتخطى الضربات الصاروخية غير الموجهة.كابوس “المُسيرات” الميليشياوية..وربما تسببت الضربة، التي شنتها المقاتلات الأميركية، في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من حزيران/يونيو 2021، في مقتل 05 من رجال الميليشيات، وفقًا لإدعاءات الجماعات المتضررة، ولكن إذا كان ذلك صحيحًا، فقد كان جميع القتلى من العناصر العاديين. ومن الصعب تقييم ما إذا كانت “الولايات المتحدة” قد ألحقت أضرارًا مادية بمصانع الطائرات بدون طيار التابعة للميليشيات والمدعومة من “إيران”، ولكن نظرًا إلى التكلفة المنخفضة لصناعة الطائرات المُسيّرة، (عادةً أقل من 10,000 دولار لكل طائرة)، فسيتم إصلاح الأضرار بسرعة. وهذا وضع مثالي بالنسبة للميليشيات المدعومة من “إيران”. فبإمكانها أن تتفاخر بقوتها الظاهرية من خلال إزعاج عدو قوي، دون تكبّدها تكاليف باهظة.

لقد كان فريق “بايدن” يردّ الضربات بشكل دوري في الوقت والمكان اللذين يختارهما، ويفصل بحكمة بين الاستفزاز والانتقام في الوقت المناسب. إلّا أن الضربات لم تكن مبتكرة أو جريئة بما يكفي للتأثير على حسابات قادة الميليشيات، وبدلاً من ذلك ضرب أهداف غير مهمة. ويبدو أن الإدارة الأميركية مصممة على توجيه رسائل رادعة واضحة وغير مبهمة ولا تعدو أن تكون واضحة ولا لبس فيها لـ”إيران” وميليشياتها. ويعزى السبب إلى كَوْن الضربات الأميركية محدودة عن قصد لتجنب التصعيد – ولكن هذا يعني أنها ضعيفة جدًا وعاجزة عن الردع. وقد تمّ ضبط كل ضربة أميركية لتكون بنفس قوة دمار ضربة الميليشيات السابقة تقريبًا، ولكن عندما لا يتمّ الرد على 11 من كل 12 هجومًا، تنفذه الميليشيات، تبقى دفة تبادل التكاليف مائلة لصالح الميليشيات إلى حدّ كبير.

ومن ناحية أخرى، كان المشرّعون الأميركيون يُشكّكون في حق الإدارة الأميركية في دخول دوامة طويلة من العمليات الانتقامية ضد الميليشيات المدعومة من “إيران”.فقد قال السيناتور “كريس ميرفي”، (ديمقراطي – من ولاية كونيتيكت)، بعد ضربتي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من حزيران/يونيو: “يكمن الخطر هنا في الوقوع في نمط من التصعيد العسكري الذي يتحوّل إلى حرب دون أن يكون للناخبين رأي على الإطلاق”.وبعد استخدام “بايدن” للقوة، للمرة الأولى، ضد الميليشيات العراقية، في شباط/فبراير، تساءل “ميرفي” أيضًا عما إذا كان يمكن وصف الضربات الانتقامية الرادعة بأنها دفاع عن النفس، قائلاً إن: “الضربات الانتقامية، التي لا تهدف بالضرورة إلى درء أي خطر وشيك، يجب أن تندرج ضمن تعريف التفويض القائم من الكونغرس باستخدام القوة العسكرية”. وبين الحادثتين، صوّت “مجلس النواب” على إلغاء: “تفويض عام 2002، باستخدام القوة العسكرية في العراق”.

وحيث كانت إدارة “بايدن” عالقة بين أعداء عنيدين من الميليشيات و”الكونغرس” الأميركي المتشكك، فقد كان عليها إيجاد صيغة أكثر نفعًا من المعاملة الانتقامية التي استُخدمت، خلال الأشهر القليلة الماضية. وبعد أن شاهدتُ خلال الفترة التي أمضيتُها في “العراق”؛ ما الذي يُردع هذه الميليشيات وما الذي لا يُردعها، يبدو أن الحل سهل القول، وصعب الفعل، بل ضروري.أولاً، لتكن الضربات على الأعداء أقوى من ضرباتهم. ومن واقع تجربتي القائمة على مراقبة قادة الميليشيات العراقية عن كثب، والعمل قربهم، بل وحتى اللقاء بهم، هناك نتيجة واحدة فقط يخشونها فعلاً وهي مقتلهم.وقد كان ذلك واضحًا عند رؤية قادة الميليشيات يتفرقون ويخافون ويبتعدون عن الأنظار، بعد قيام “الولايات المتحدة” بقتل الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، وزعيم الميليشيات العراقية، “أبومهدي المهندس”، في كانون ثان/يناير 2020.

ولكن بدلاً من استخدام الخيار الأكثر تطرفًا، على الإدارة الأميركية أن تبدأ بالتلميح إليه. وهذا يعني على أرض الواقع توجيه “الولايات المتحدة” ضربة متعمدة، شبه مخطئة، على هدف حساس للغاية، على غرار استهداف أحد قادة الميليشيات البارزين.وفي المرة المقبلة التي تتعرض فيها قاعدة أميركية لهجوم كبير بالصواريخ أو بالطائرات بدون طيار، يجب أن يلقى زعيم إحدى الميليشيات حتفه ردًا على ذلك، في الوقت والمكان اللذين تختارهما “الولايات المتحدة”.ثانيًا، للحدّ من خطر التصعيد، لا يجب إعلان تورط “الولايات المتحدة”.

فقد انتقدت الحكومة العراقية، “واشنطن”، بسبب الضربة الأخيرة التي نفذتها في “العراق”، ومع ذلك لم يتم انتقاد “إيران” والميليشيات التي تدعمها في “العراق”؛ بسبب هجماتها بالصواريخ والطائرات بدون طيار، لأنها لا تعلن مسؤوليتها علنًا عن مثل هذه الهجمات. وهذا ما فعلته “إسرائيل”، طيلة سنوات، حيث لم تتبنّ الكثير من الضربات الرادعة التي قامت بها، الأمر الذي منح أعداءها بعض المجال للتجاهل أو المراوغة أو إرجاء الرد الانتقامي.ورغم أن الضربات التي لا تتبناها أي جهة ستثير مخاوف مبرَّرة بشأن الرقابة والشفافية، إلا أن لدى الحكومة الأميركية إجراءات ليس فقط لشن ضربات باستخدام مجتمع الاستخبارات وسلطات العمل السري، بل لإبلاغ “الكونغرس” بهذه التحركات في جلسة مغلقة أيضًا.ثالثًا، عدم السماح لـ”إيران” بتحميل المخاطر على الوكلاء. على “إيران” أن تفهم أن هناك تكاليف تترتب على منحها طائرات متقدمة بدون طيار لوكلائها من الميليشيات.

كما يجب البعث برسائل إلى المؤسسة الأمنية الإيرانية – بشكل منفصل عن المحادثات النووية الجارية في “فيينا” – مفادها أن “الولايات المتحدة” ستردّ على أية تحركات سرية تقوم بها “إيران”.ومن غير المرجح أن يؤدي التخفيف من التصعيد مع “إيران”، خلال المفاوضات النووية، إلى أي إرتياح. فلم تمنع تلك المحادثات؛ قيام الميليشيات بتصعيد وتيرة هجماتها خلال عهد “بايدن”، (فبعد أن دخلت الاتفاقية النووية الأصلية حيز التنفيذ، في عام 2015، تسارعت وتيرة النشاط العسكري الإيراني، وهو الأمر بالنسبة للحرب بالوكالة).

وفي هذا الإطار، كان الرئيس الإيراني المنتخب الجديد، “إبراهيم رئيسي”، قد قال إن الجيش الإيراني وصواريخه وطائراته المُسيّرة: “غير قابلة للتفاوض”، في حين تؤجل إدارة “بايدن”، التفاوض بشأن هذه القضايا أيضًا إلى وقت لاحق.ويبقى السبيل الوحيد لحماية القوات الأميركية في “العراق” و”سوريا”، هو الردع بكل بساطة. وباستخدام عبارة “رئيسي”، يجب أن يكون حق “أميركا” في الدفاع عن قواتها غير قابل للتفاوض.

ويرى الخبير الأمني الأميركي؛ في (معهد واشنطن): “باختصار”، يريد “بايدن” تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط وخفض التصعيد مع “إيران”، كما أن أعضاء في “الكونغرس” الأميركي، مثل “ميرفي”، يريدون تجنب الاستخدامات المطلقة للقوة تحت شعار الدفاع عن النفس.وللمفارقة، يبدو أن مقاربة الإدارة الأميركية قد أضرت، حتى الآن، بجميع هذه الآمال إلى حد ما. فالاعتماد على ضربات محدودة من وقت إلى آخر؛ قد فشل بوضوح في ردع الميليشيات المدعومة من “إيران” عن مهاجمة المواقع الأميركية، الأمر الذي لا يتطلب سوى المزيد من الضربات، ويُبقي “الولايات المتحدة” و”إيران” في حالة تصادم.“وبالتالي”، فإن الرد بقوة أكبر وبشكل أكثر سرية هو الطريقة الأفضل لإنهاء هذه الحلقة المفرغة. وإذا كان الشرق الأوسط، كما دأب فريق “بايدن” على القول، مشكلة يمكن إدارتها فقط، ولكن لا يمكن حلها، فلتعمل “الولايات المتحدة”، على الأقل، على إدارة المشكلة بأكبر قدر ممكن من الكفاءة وإخراج الشرق الأوسط من جدول أعمال الرئيس الأميركي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *