ملتقى السينما بعيون نسائية

ملتقى السينما بعيون نسائية
آخر تحديث:

امجد ياسين  

ثمانية عشر فيلما هي غلة “ملتقى السينما بعيون نسائية” الثاني الذي اختتم يوم الثلاثاء 13 اذار 2018 في احدى صالات ميكا مول في اربيل والتي امتلأت طيلة يومي العرض. لم يذهب الملتقى بعيدا عن حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال مثل المهرجانات الاخرى، ولكن  بعض افلامه لم تكن بمستوى المشاركة والبعض الاخر ظلم بجعله على مسافة واحدة من الجائزة وبقية الافلام وتحديدا فيلم “Mother”  من ايران، اطول فيلم مشارك، للمخرجة ماريا مفاتي، الذي سلط الضوء على قضية الايزيديين وما تعرضوا له من سبي وتقتيل على يد عصابات داعش الارهابية. 

امتلك الفيلم  من جودة الصنعة  الكثير ،فقدم للمشاهد لقطة سينمائية متميزة على مستوى السيناريو المقتضب المؤثر  والاخراج المتميز الذي وظف طاقات الممثلتين الام واحدى ابنتيها لتقديم فيلم غني بالاحالات والصور المعبرة  فضلا عن توظيف المكان ، حيث شعرنا بقسوة المكان والعدو  على حد سواء لمن اتخذ من ركبه نجاة، ناهيك عن الموسيقى.. الحديث هنا عن رؤية اخراجية محترفة شدت انتباه المشاهد طيلة 30 دقيقة، بالرغم من عشرات القصص والروايات لناجيات ايزيديات او محررات من بطش داعش وما حل بهن  اثناء رحلة السبي والاسر.
 
نوعية الافلام
تفاوتت الافلام المشاركة من حيث جودتها وموضوعاتها ورؤيتها الاخراجية. عموما الافلام القصيرة تذهب دائما الى المفارقة او الضربة الفنية فتحدث انعطافة سريعة في الاحدث  لخلق دراما في زمنها المقتضب والذي تراوح  لجميع الافلام بين ( 3- 10دقائق). 
لا يخفى ان انتاج الفيلم القصير مخاض صعب يواجه اي مخرج فهو بحاجة الى احترافية عالية لايصال الفكرة وسيناريو يمتلك نبضا وايقاعا عاليين للملمة الفكرة فضلا عن مخرج متمكن لتجسيد كل هذا في زمن قصير جدا، وعلى سبيل المثال فيلم “ريد كولر”  2:11 دقيقة، للمخرج رضا محمد من اقليم كردستان، كانت فكرته غير ناضجة وتحتاج الى خبرة اخراجية اكبر  ولا نتحدث عن جودة الصورة. كذلك فيلم ” اميال واشرطة” 4:42 دقيقة، للمخرجة ارجوان عبد الجميد،  وعدد اخر من الافلام .بينما وقفنا عند بعض الافلام مثل  “Zero mm” للمخرجة سما سمير ، الذي امتلك فكرة جميلة وغريبة لطفل يعيش ويعمل في النفايات ،يريد تصوير فيلم ابطاله اطفال فقط، وسيناريو ضمن الفكرة العديد من الصور التي لامست الواقع وانتقدته بدءا من عمل الاطفال والمكان الذي يتواجدون فيه مرورا  برفضه اول الامر اشراك اختيه في الفيلم وموافقته لاحقا  نهاية بامنياتهم وتحديدا امنية اخته الصغرى.
اما فيلم الجوزاء “ Gimini” للمخرجة زمن علي ، والذي امتلك جرأة في الطرح لقضية لم تتناولها السينما العراقية، وهو الحب بين فتاتين، لنكتشف في نهاية الفيلم، 6:25 دقيقة، ان امها التي منعتها من صديقتها بدأت بممارسة ذات الفعل مع  صديقتها.
نجح فيلم “ Hayat” للمخرجة Kardinai Spi من اقليم كردستان العراق ،من تقديم صورة جميلة عبر سيناريو مدروس جيدا ، اذا تعرض لقضية شائعة في مجتمعاتنا وهي الزواج القسري بسبب المال على الرغم من ممانعة البطلة  وحبها لشخص اخر، وتعرضها الى الطرد ، بعد ان فشلت في انجاب طفل لزوجها المتزوج اصلا  ليتضح لاحقها ان العلة فيه هو ، ولمشاهدتها تنظر لحبيبتها من الشرفة.. تتشرد بعد  ان طردها اخوها من البيت .. لتبنى الاحداث على قصة واقعية  متسلسلة الاحداث يعلمها الجميع، تفقد عقلها،  وتلتحف الارض لتنهش لحمها الدواب الانسية، فتلد طفلا في مكان ما يرعاه احدهم  وتموت الام. القصة ليست غريبة واحداثها المتسلسلة كذلك، الا ان الفيلم فرض التعاطف معه بسبب قصته الانسانية المؤلمة وصورته الجميلة ، ولو ان بعض المشاهد كانت طويلة نسبيا، ربما لو اختصر الفيلم ليصبح 8 دقائق لكان اكثر تركيزا.

الرؤية الاخراجية
مثل ما سلط الملتقى الضوء على امكانيات عدد من المخرجات والممثلات في الافلام المشاركة ليكشف لنا عن خارطة العنصر النسوي في مجال السينما وتحديدا المخرجات، فانه كشف في الوقت نفسه عن مشكلات ربما لاتختلف كثيرا عن مشكلات اقرانهم من المخرجين الشباب، وهي غياب الرؤية الاخراجية ، فالمفارقة والدهشة  والتشويق والصورة المعبرة وانتقالات الكاميرا وسيناريو الفيلم  والموسيقى، قد يكون الفيلم بدون حوار  وهنا يأتي دور السيناريو البصري، كلها عوامل مهمة في انتاج الفيلم القصير. 
بعض الافلام غاب عنها عنصرا التشويق والنهاية المؤثرة، ففقد الفيلم خاصية جذب المشاهد ، والبعض الاخر افتقد الى الضربة الفنية المختبئة في طياته بانتظار ان تخرج فجأة وتحقق الغاية منها وهو ادهاش المشاهد والانتقال به من حال الى اخر ، لتبدا رحلة التساؤلات والاحالات وهذا هو ديدن الفيلم الناجح. بعض الافلام شكت الامكانات المادية فكانت فقيرة في كل شيء. وليس غريبا ان نجد ان الافلام الفائزة بجوائز المهرجان اكتسبت تعاطف المشاهد عبر قصتها سواء الواقعية مثل فيلم  “ Hayat” و “Mother” او الفنتازية مثل فيلم “Zero mm”.

ورش عمل
شخصيا مع استمرار مثل هذه الملتقيات والانفتاح بها على مديات اوسع لتكتسب الصفة الدولية بعد وضع شروط معينة سواء للمشاركة او لجان اختيار الافلام او لجان التحكيم. فما نؤشره اليوم من ضعف في مجال ما سيكون ومع استمرار العمل والاجتهاد نقطة قوة للملتقى في المستقبل. وللتفكير بصوت عال ، اقترح على المنظمين تنظيم ورش عمل لكتابة السيناريو، وفي الرؤية الاخراجية، والتصوير لتشجيع المخرجين الشباب ، على يد اساتذة مختصين يمتلكون رصيدا مهما في صناعة السينما.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *