آخر تحديث:
بقلم: فاروق يوسف
فشلت قمة بغداد ومرت كما لو أنها لم تُعقد. فلا القادة العرب حضروا ولا صدرت عنها قرارات هامة ولا تابعتها وسائل الإعلام العربية والعالمية بما يليق بقمة تُعقد في ظرف تاريخي حساس. على الأقل في ظل استمرار إسرائيل في حرب الإبادة الشرسة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من أهل غزة فيما مُحي الجزء الأكبر من القطاع. حتى إن العراقيين قد اعترفوا بأنفسهم بفشل تلك القمة التي راهنوا عليها نقطة انطلاق جديدة لعاصمة بلادهم في استعادة مكانتها بين المدن العربية الأساسية. ولم يكن ذلك الاعتراف مصحوبا بمراجعة الأسباب التي هي من صنعهم بقدر ما جاء لتوجيه اللوم إلى الآخرين الذين أفشلوا القمة من وجهة نظرهم. غير أن التسريبات تؤكد أن فشل القمة أحدث شرخا عميقا في علاقة الحكومة ممثلة برئيسها بباقي أعضاء قيادة تحالف الإطار التنسيقي الحاكم في ظل تدهور تلك العلاقة استعدادا للانتخابات المقبلة التي ستُجرى في أكتوبر القادم.
وإذا ما كانت القمة قد فتحت شهية الميليشيات الموالية لإيران لفتح ملفات الرئيس السوري يوم كان يتخذ من “أبومحمد الجولاني” اسما حركيا أثناء قيادته لجبهة النصرة التي اتضح أنها كانت فاعلة في العراق فإن العراقيين لم يهتموا بالقمة بقدر اهتمامهم بأخبار المنازعات القانونية التي تتعلق بسيادة بلادهم على جزء من مياهها الإقليمية في خور عبدالله بالبصرة الذي تنوي الحكومة تسليمه إلى الكويت فيما أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا بعدم دستورية ذلك الإجراء الذي ينتقص من السيادة الوطنية.
بين الجولاني وخور عبدالله كان صدى القمة ضعيفا على مستوى الشارع العراقي. هناك مَن طالب بإلقاء القبض على الرئيس السوري ما إن تطأ قدماه الأراضي العراقية وتقديمه إلى المحاكمة بتهمة ارتكابه جرائم في حق العراقيين.من المستغرب أن ينتسب المطالبون بمحاكمة الشرع إلى تحالف الإطار التنسيقي الذي تنتسب إليه الحكومة التي وجهت إلى الرئيس السوري الدعوة لحضور القمة.
أما خور عبدالله وهو الممر المائي الأخير للعراق على الخليج العربي فإن الأصوات التي تنادي ببقائه عراقيا وعدم التخلي عنه قد قويت شوكتها بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية الذي يسعى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى نقضه وقد كان حاضرا في حفلة التوقيع على “بيعه” في الكويت عام 2013 بحضور نوري المالكي الذي كان رئيسا للحكومة يومها.