من تجليات الاستبداد

من تجليات الاستبداد
آخر تحديث:

بقلم:صلاح حزام

نيرون ( الامبراطور الروماني الرهيب) ، كان يريد ان يصبح اعظم فنان واعظم رياضي .
كان يكتب الشعر ويؤلف الموسيقى والمسرحيات. بنى لنفسه مسرحاً خاصاً يدعو اليه جماعات معينة ويقوم بأداء عروضه المسرحية والموسيقية والتي (يجب) أن تُبهر الحضور وتثير حماسهم.
يقال انه قد حدث زلزال أثناء أحد عروضه المسرحية لكن أحداً لم يتجرأ على المغادرة .. وذات مرة لم يُسمح لأمرأةً حامل جاءها المخاض ، بالخروج فولدت في المسرح..
ذهب الى اليونان ليشارك في عروض مسرحية وموسيقية ،
كانت العروض تنافسية ، وكما هو متوقع في هذه الاحوال ، فاز نيرون بكل الجوائز ، بالطبع !!
لايمكن ان يتفوق احد على الامبراطور.
كان يخطط للمشاركة في مسابقات الاولمبياد ، لكن الاضطرابات في روما دفعته للعودة . ولو شارك فيها لفاز في كل المنافسات ..حتماً ..
وعندما انتحر بعد ان حكم عليه مجلس الشيوخ بالاعدام كان يردد : انكم سوف تخسرون فناناً عظيماً عندما أموت !!
الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ، كان يُشاع انه يملك اجمل خط في الصين وانه اجمل الرجال..
ونظرة موضوعية مستقلة تُثبت غير ذلك ، بالتأكيد !!!
كان الزعيم الروماني السابق نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته الينا
يأمران بالتلاعب بصورهما بحيث يظهران بمظهر الشباب الذي لايشيخ وتتم ازالة التجاعيد من وجهيهما بحيث تبدو صورهما بافضل مما كانا عليه ايام الشباب الحقيقي ،
كانا يصغران مع مرور الزمن ..
ستالين كان يأمر ان يتم التلاعب بصوره بحيث يبدو أضخم وأطول مما هو عليه في الحقيقة..
قال أحد السياسيين السوفييت عندما قابل ستالين لأول مرة : لقد صُدمت بمظهره ، لقد كان يختلف عنه في الصور المنشورة … أقصر وانحف !! لقد كان رجلاً ضئيلاً ..
الأخطر من كل ذلك ، اولئك الطغاة الذين تجاسروا على عالم الفكر والفلسفة والثقافة وأمروا مساعديهم بالترويج لكونهم مفكرين كبار وفلاسفة ، بل وحتى روائيين ..
وبطبيعة الحال، عندما تتحدث المؤسسات الرسمية عن الطاغية القائد الأوحد باعتباره مفكر العصر ، فأن على الجمهور الأيمان بذلك، بالطبع.
ماوتسي تونغ كان له كتاب احمر يعتبر انجيل الأناجيل الذي يتعبد به الشعب الصيني .
كيم أيل سونغ الكوري الشمالي كان له ايضاً كتاب احمر..
القذافي حاول ان يختلف باللون عن هؤلاء السادة الموهوبين ، فجعل كتابه أخضر ..
قبلهم فعلها لينين عندما تلاعب بالماركسية واطلق منها نسخته الخاصة التي اسماها الماركسية-اللينينية..
وكل قرّاء ومفكري الماركسية الكبار يقولون انها لاتمت لبناء ماركس بصلة.
ولذلك صار فشل التجربة السوفيتية الماركسية اللينينية يعتبر في نظر العموم فشلاً للماركسية دون وجه حق.
ومن قرأ الماركسية بعناية يعرف ذلك جيداً ويعرف مكامن الخلاف الكبرى.
قرر لينين ان يكون فيلسوفاً وهو سياسي شيوعي .. كما انه وجد الماركسية الاصلية لاتنطبق على اوضاع روسيا من أجل قيام الثورة ، فقرر ان يُرغم الماركسية على ان تنطبق على اوضاع روسيا وقال مقولته المشهورة لتبرير فعلته : الامپريالية سلسلة ونحن ضربناها في أضعف حلقاتها .
وهذا كلام فيه براعة سياسية لكنه ليس كلاماً فلسفياً لأن الفلسفة بناء منطقي محكم وليست تلاعباً بالكلمات..
وعندما انتصرت الثورة الكوبية وأراد كاسترو تشكيل حكومته الثورية ، جمع رفاقه القياديين في قاعة وبدأ يطرح عليهم اسماء الوزارات ومعرفة من يرغب منهم في إشغالها..
ولأنهم كانوا شباباً ثوريين ولايعرفون البروتوكول وشكليات الحكم ، فأن اجتماعهم كان فيه احاديث جانبية ونقاشات فرعية مما أحدث بعض الضجيج في القاعة .
وعندما سأل كاسترو من يرغب في شغل منصب وزير الاقتصاد ، تصور تشي جيفارا انه يقصد وزير الصحة لأنه لم يسمعه جيداً ، فرفع يده لانه طبيب ..
كاسترو وافق على تعيينه في وزارة الاقتصاد لانه لايمكن ان يكسر بخاطره .
كما ان جيفارا لم يستطع الاعتذار لانه تصور ان كاسترو يريده في هذا المنصب .. وهكذا استمر فيه لفترة طويلة … وعاثت سياساته فساداً بالاقتصاد الكوبي الذي حوله لحقل تجارب بعضها مضحك..الى ان استقال منه بعد سنوات ..
ماحصل من مفارقات كلها وقعت في ظل نظم للحكم ليس للشعب رأي فيها وكانت ميداناً ومناسبة للعبث ..وتمجيد الذات وتخليدها..
وهنالك مقولة تقول: نظام الحكم غير العادل يقود الى نتائج مهلكة…

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *