“هتلر الاعظمي”

“هتلر الاعظمي”
آخر تحديث:

من الشخصيات الشعبية  البغدادية في منطقة الاعظمية “هتلر الاعظمي”

 بقلم جمال الاعظمي

قد يبدو الاسم غريبا لمن لايعرف الأمر ويعتقد أن الزعيم الألماني هتلر “معظماوي”.هتلر الاعظمي مواطن بسيط من أهالي الاعظمية يدعى جاسم ويكنى “أبو تقي” اشتهر هذا الرجل في الاعظمية والكاظمية ومناطق عديدة من بغداد في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي .كان معجبا بالزعيم الألماني ادولف هتلر أيما إعجاب وله شبه عجيب به وكان يقلده بحركاته وسكناته وطريقة كلامه وعصبيته وبتحيته المشهورة برفع الذراع الإمام (هايل هتلر) وأصبحت فيما بعد جزء من شخصيته وبعد ان سيطرت عليه هذه الأوهام قص شاربه وشعره على طريقة هتلر واخذ يرتدي المعطف الطويل ويحمل عصا المارشالية ويسير متبخترا بالشوارع كأنه هتلر والناس (متقصر) بهذا الموضوع وآخذو ينادونه بالزعيم وهو منتشي ومزهوا بإعجاب الناس به ويرد عليهم بالتحية النازية “هايل هتلر” .كل الناس الذين عايشوه وأنا منهم أدركته أوائل السبعينات متفقون على انه نسخة ثانية قلبا وقالبا من الزعيم الألماني الراحل هتلر.في يوم من أيام السبعينات وقرب مقهى “الجرداغ “المشهورة بمنطقة السفينة استوقفه احد أصحاب المحلات المجاورة للمقهى (إبراهيم أبو البورك ) قائلا له أستريح زعيم ..فأجابه بنبرته العصبية المعهودة وبكبريائه المعروف عندي شغل، فسأله إبراهيم زعيم وين رايح فأجابه الجماعة “عازميني بكهوة الجرداغ” , اليوم الزعيم (هتلر) يطلع بالتلفزيون ويريد أيسلم عليه فعيب لازم أكون موجود وكان في ذلك الوقت برنامج شيء من التاريخ لمقدمه د, محمد مظفر الادهمي وهو يقدم بعض الحلقات التلفزيونية عن الزعيم الألماني هتلر .وفي مرة أخرى كان يسب ويشتم وهو يمشي فاستوقفه أبو سلام (إسماعيل الدليمي) مصلح التلفزيونات قرب المقبرة الملكية وسأله عن السبب ولماذا يسب ويشتم الحكومة فأجابه بأنهم “ميرخصون العرك ويخلون العالم تتونس”، كان يعمل بالبناء وتكسير الصبات الإسمنتية و قوي الجسم مفتول العضلات . وكان الناس من أهالي الاعظمية ينمون فيه هذه الروح بقصد أو بدون قصد وأهدى له احد الأصدقاء معطفا طويلا من الحقبة النازية وكان يحوي على عدد كبير من الأزرار المعدنية اللماعة وقد علق وسام النازي (الصليب المعقوف ) على صدره اضافة لعدد كبير من النياشين والأوسمة الألمانية .كان دائم التردد على قهوة “شهاب توشه “بالاعظمية مقابل جامع الإمام ابي حنيفة النعمان (مجاور حلويات نعوش المشهورة) وكان الشباب والناس يستقبلونه بالترحاب (هلو زعيم) وكان يمشي مشية عسكرية بعصى المارشالية التي لايفا رقها أبدا وهو يحي الجماهير .وكان المرحوم “شعوبي إبراهيم “عازف الجوزة وابن الاعظمية يجلب له مسجل للمقهى وقد سجل عليه (بصوت شعوبي طبعا) تسجيلات من إذاعة برلين باللغة العربية وبصوت مذيعها المشهور يونس بحري ( هنا إذاعة صوت العرب من برلين ,الفوهرر يعني هتلر بالألمانية يرسل تحيته وسلامه الحار إلى جاسم أبو تقي في بغداد ), ويختمها شعوبي بالنشيد النازي الألماني .وفي احد الأيام بدا أبو تقي زعلان فسأل عن السبب فأجاب ان الاعتبارات والأصول قد فقدت من بعض الناس, لان “احمد حسن البكرعندما زار الاعظمية  لم يمر على ” كهوه توشه لزيارته ”  وطبعا هذا عيب برأي أبو تقي ومخالف للأعراف “الدبلوماسية بين الزعماء “.كان الناس وخاصة الشباب فرحين بوجود الزعيم هتلر (أبو تقي ) بينهم فيضحكون معه ويمازحونه لكن على طريقته بتعظيم روح الزعامة فيه وانه الزعيم الأوحد . كان يقف فجرا بملابسه ومعطفه وعصا المارشالية التي أهداها له احد العسكريين قرب جسر الأئمة بالاعظمية وهو يحي الجنود أو السيارات العسكرية المارة بالتحية النازية (هايل هتلر) والعسكريون يردون التحية له بكل جديه وهو موهوم بأنه هتلر فعلا , ولما سئل عن سبب وقوفه في الصباح الباكر وفي البرد أو المطر قال انه يبعث بالجنود الروح العسكرية القتالية لان الحرب العالمية الثالثة على الأبواب ،كانت تحيط به دوما في مقهى “شهاب توشه” مجموعة من المعجبين ، اهدى له جارنا المرحوم “عدنان الشطب” (بايب معوج ) وتبغ أجنبي جلبه له من ألمانيا في احد رحلاته على انه من مخلفات الزعيم وأبو تقي ” هتلر” كان لايعرف ان الزعيم هتلر لايدخن ،كان له مقعده الخاص في “مقهى توشة ” والويل كل الويل لمن يجلس مكان الزعيم وعندما يجلس تنهال عليه عبارات التمجيد والتفخيم اشلونك زعيم , الله بالخير زعيم , حساب الزعيم واصل علينا , إلى أخر عبارات الاستحسان والتمجيد وأصبح موهوما بالزعامة وتقمصه لشخصية هتلر ، وهنالك رواية لا دري مدى صحتها بان احد شركات الإنتاج السينمائي العالمية في الستينات قد بعثت مندوبها إلى بغداد بعد ان علمت بالشبه الكبير بينه وبين هتلر لمفاوضته على تمثيل فلم يجسد قصة حياة الزعيم الراحل هتلر،وفي بداية الاحتلال الأمريكي وأثناء حملات التفتيش بالاعظمية شاهد الأمريكان صورة أبو تقي في أستوديو “زهير كاكا” في شارع 20 واعتقدوا ان المصور تعمد وضع صورة هتلر ولم تفيد محاولاته لشرح الموضوع وإفهامهم ان هذا جاسم أبو تقي وهو شخص عراقي من الاعظمية وقاموا بتكسير المحل وتمزيق الصورة .

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *