هل تكون الهيئات المستقلة فعلاً خارج المحاصصة السياسية؟

هل تكون الهيئات المستقلة فعلاً خارج المحاصصة السياسية؟
آخر تحديث:

بغداد/ شبكة أخبار العراق- يشهد “التحالف الوطني” الحاكم في العراق صراعاً حاداً بشأن رئاسة أكثر من عشرين هيئة مستقلة يدير أغلبها حزب “الدعوة” الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، الرجل القوي في الحزب. وفيما أكد العبادي أن الترشيح للمناصب العليا سيكون مفتوحاً أمام الجميع قريباً، أعلن سياسيون أن رئيس الحكومة يتعرض لضغوط كبيرة داخلية وخارجية لإقناعه بالتراجع عن قراراته بهذا الشأن.” وكشف عضو في “التحالف الوطني” عن نيّة رئيس الحكومة العراقية استبدال جميع رئاسات الهيئات المستقلة بما فيها تلك التي يترأسها قادة من حزبه، وذلك في إطار جهود الإصلاح في الهيئات المستقلة، التي أعلن عنها العبادي في وقت سابق. وأكد المصدر نفسه ، أن التغيير سيشمل “هيئات النزاهة والحج والإعلام والاتصالات والبنك المركزي العراقي”، والتي يترأسها قادة من حزب “الدعوة”، إضافةً إلى هيئات أخرى. وأشار إلى نشوب خلافات كبيرة داخل “التحالف الوطني” على خلفية توجه رئيس الوزراء لمنح رئاسات الهيئات المستقلة لشخصيات من خارج “التحالف الوطني”، لافتاً إلى أن العبادي يتعرض لضغوط كبيرة بهدف إقناعه بالتراجع عن قراراته، لا سيما أن دورة حكومته لم يتبق منها سوى ثمانية أشهر. وأضاف المصدر أن “العبادي يتعرض لضغوط داخلية من حلفائه في التحالف الوطني، وقيادات الحشد الشعبي، وأخرى خارجية من إيران”، مبيناً أن العبادي رفض الانصياع للضغوط وقرر المضي بإجراءاته، من دون الإعلان عن الموعد المحدد لذلك.وأوضح عضو “التحالف الوطني” أن أبرز المعايير المعتمدة في الأشخاص الذين يرغبون بالترشح للهيئات المستقلة هي حصول الفرد المعنيّ على شهادة جامعية، وألا يتجاوز عمره الستين عاماً، وأن تكون لديه خدمة فعلية في مجال تخصصه لا تقل عن عشر سنوات. وأكد أن ملفات المرشحين سترسل إلى هيئة النزاهة، والمحاكم العراقية، وهيئة “اجتثاث البعث” للتأكد من سلامة موقفهم. وقال إن لجنة مقابلات المرشحين ستضم ممثلين عن مجلس الوزراء ولجنة الخبراء وهيئة المستشارين التابعة للحكومة، مؤكداً أن الفوز سيكون بالاعتماد على نظام النقاط المعتمد عالمياً.وأعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي، علي العطار، أن الأيام القريبة المقبلة ستشهد تغييرات جذرية في الهيئات المستقلة، داعياً العراقيين إلى انتظار خبر قريب بهذا الشأن. ولفت إلى أن الحكومة ستقوم بإصلاح الهيئات المستقلة سواء كان من خلال دمجها مع مؤسسات أخرى أو فتح باب الترشيح لرئاستها. وأوضح خلال مقابلة متلفزة أخيراً، أن الإعلان عن التغييرات فيها سيتم بعد حسم ملفها بشكل كامل. وأضاف أن “التغيير سيكون حسب الاستحقاقات والمعايير التي وضعت من قبل لجنة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء”، مؤكداً وجود مستشارين للإسراع بإنجاز هذه المهمة.” وكان العبادي أعلن الأسبوع الماضي، عن إطلاق الترشيح للمناصب العليا والهيئات المستقلة ضمن برنامجه الإصلاحي، ذاكراً خلال مؤتمر صحافي، أن الهيئات المستقلة يجب أن تخرج من المحاصصة لتكون مستقلة بالفعل. وقال إن “عدم تكافؤ الفرص وانعدام العدالة يؤدي إلى الظلم والفساد وتدمير المجتمع”، مشيراً إلى وجود تمدد حزبي إلى داخل مؤسسات الدولة من خلال التعيين على أساس الولاء الحزبي والشخصي. وأضاف “لدينا كمرحلة أولى مجموعة هيئات مستقلة ستعلن على مرحلتين من خلال موقع إلكتروني خاص، وفسحنا المجال أمام المواطنين الكفوئين للتقديم لإنهاء التعيين بالوكالة”، موضحاً أنه يريد السير بخطوات صحيحة نحو الإصلاح السياسي.وفي سياق متصل، شدد نائب رئيس البرلمان العراقي، همام حمودي، على ضرورة إفساح المجال أمام المرشحين الكفوئين للوصول إلى رئاسة الهيئات المستقلة، معتبراً هذا الأمر خطوة في الاتجاه الصحيح. ودعا الحكومة إلى الإسراع بتفعيل الإصلاحات التي أعلنت عنها في وقت سابق، مطالباً في بيان، بتعزيز دولة المواطنة من خلال الاعتماد على الشفافية الكاملة.لكن أطرافاً أخرى تؤكد صعوبة منح المناصب العليا لمستقلين في ظل هيمنة “حزب الدعوة” على أغلب هذه المناصب. وبدا عضو البرلمان العراقي عن “تيار الحكمة الوطني”، محمد اللكاش، غير متفائل باحتمال قدرة العبادي على إجراء تغييرات في الهيئات المستقلة. وقال في تصريح، إن “حزب الدعوة” الذي يسيطر على 90 بالمائة من هذه الهيئات لن يتنازل عنها بسهولة. وأشار إلى أن العبادي سيتعرض للابتزاز من قبل الكتل السياسية في حال عرض الأسماء الجديدة المرشحة لرئاسة الهيئات المستقلة للتصويت في البرلمان.ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، أن الدستور العراقي ألزم الحكومة بأن يكون رؤساء الهيئات المستقلة من المستقلين غير الخاضعين للانتماءات الحزبية. وقال ، إن الحكومة السابقة التي كان يترأسها نوري المالكي ضربت الدستور بعرض الحائط، ووضعت قيادات “حزب الدعوة”، الذي ينتمي إليه المالكي، على رأس هذه الهيئات. وأضاف أن “التركة ثقيلة على رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي”. لكن العيداني استدرك قائلاً إن بإمكان العبادي “من خلال الصلاحيات الممنوحة له، أن يغيّر احتكار رئاسات المناصب العليا في الهيئات المستقلة من قبل الأحزاب الكبيرة، خصوصاً حزب الدعوة”، لافتاً إلى أن الدستور منح رئيس الوزراء حق تعيين بعض المرشحين للمناصب العليا، واقتراح آخرين على البرلمان ليصوت على ترشيحهم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *