أبغض حلال الدستور ….

أبغض حلال الدستور ….
آخر تحديث:

 

  طالب سعدون

ما يحصل اليوم في المنطقة ، لا يمكن تصور تفسيره خارج إطار نظرية المؤامرة التي يرفضها البعض في التحليل وارجاع الامور الى اصولها … فهو ليس وليد الصدفة ، وانما هو مخطط قديم ، يجري تنفيذه بعناية فائقة على مراحل زمنية ، وبمسميات تبدو للبعض طبيعية ، لكنها تفضي في النهاية الى الهدف وهو التقسيم ( بالتقسيط المريح لهم ) ، وتغيير الهوية ، ابتداء من نظرية برنارد لويس التي وافق عليها الكونغرس الامريكي عام 1983 ، ومرورا بهنري كيسنجر، وصولا الى جو بايدن الذي دعا الى تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم ، وكأنه دولة يصعب إدارتها إن لم تتقسم الى أقاليم ، وفيدراليات ، وكونفيدراليات ، أوكأنه بمساحة روسيا أوكندا أو أمريكا ، أوبنفوس الصين ، أو عدد اللغات والقوميات والاديان في الهند ..!! وتقوم نظرية ( برنارد لويس ) التي تدور في فلكها خطط التقسيم على جعل دول المنطقة 88 دولة ، بدلا من 56 ، وكان نصيب العراق منها ثلاثة ، وقد تحقق منها الى الان تقسم السودان الى دولتين في الشمال والجنوب ، والثالثة مؤجلة الى ظرفها المناسب .. ولك أن تتصور أهمية برنارد لويس عندما يقول هنري كيسنجر أنه تعلم من كتاباته الكثير … فأمر في غاية الغرابة ان تكون ( الديمقراطية ) طريقا الى التفكك والفوضى والتناحر وتنتهي بالتقسيم لا سمح الله … فهل الديمقراطية في كثرة الاحزاب والاقاليم ..

وهل الادارة السليمة في الفيدرالية فقط او في زيادة عدد المحافظات … وهل الحصول على الحقوق يأتي من خلال تفكك البلاد ، وحل الخلاف يكون بتشضي الوطن … والحجة الدستور … والدستور الذي يستند اليه من يدعو الى تشكيل إقليم أو غيرها ، ليس أقدس من كلام الله عز وجل ، عندما عد الطلاق أبغض الحلال اليه ، ولو إستند الازواج ، على سماح الباري عز وجل بالطلاق ، ولجأوا اليه ، في كل خلاف بسيط ، يحصل بين الزوجين ، لما تكونت أسرة متماسكة . والسياسيون انفسهم يعترفون أن هناك ملاحظات كثيرة على الدستور ، وفيه الغام ، وقد ترك الباب مفتوحا لتفكيك العراق ، وتهميش المركز ، واضعاف المواطنه ، ومع ذلك تظهر بين مدة واخرى دعوة ، وتتجدد أخرى ، هنا وهناك ، لتشكيل إقليم ، وصعودا الى الكونفيدرالية أو الاستقلال وتقرير المصير ، ونزولا الى تحويل هذه المدينة أو تلك الى محافظة ، وكأنه هو الحل الأمثل في تقديم الخدمات ، أو لحل الخلافات ، رغم ما تواجهه البلاد من هجمة إرهابية تدميرية ، أجهزت على ما لم ينله الاحتلال في حينه ، وحولته الى ركام ، وتراكم من الاحزان والمشاكل والازمات . وكما أنه ليس كثرة الاحزاب دليل عافية ، وأمامنا الولايات المتحدة ، التي يتنافس فيها حزبان على الرئاسة ، وليس خمسمائة حزب أو يزيد .. كذلك ليس كثرة الاقاليم ، وضعف المركز، دليلا على الادارة السليمة ، والديمقراطية الرشيدة ، والطريق الأمثل لخدمة المواطن ، وكأن الخدمة بمستواها ( الديمقراطي الحضاري ) لا تقدم إلا من خلال تقسيم العراق الى أقاليم ، ولا طريق أخر غيرها ، لحل المشاكل الادارية والتظيمية والسياسية والخلافية .

أن المواطن تهمه بالدرجة الاساس الخدمات والأمان ، ومستوى تطور مدينته ، وليس تسلسلها الاداري ، فهناك قرى في العالم أفضل بكثير من مدن كبيرة ، يهرب اليها من ينشد الراحة بعيدا عن الضجيج والزحام ، وفيها من وسائل الراحة ما تتقدم بها على مدن كبيرة…. فهل من شروط الادارة الديمقراطية الناجحة ، تفكيك الوطن وتقسيمه تحت مسميات كثيرة ، وتضيع وحدته الشعبية ، ويمن بعضه على الاخر ، بما حبا أرضه من ثروات ، تركزت في هذه المنطقة ، وحرمت منها أخرى ؟؟.. وهل الديمقراطية في كثرة الاحزاب وتوزيعها بالتساوي بين المواطنين ، والعدالة في تشكيل الاقاليم ، والطموح لما هو أكبر ، وصولا الى ما تريد ما دام الدستور يجيز … وليس لنا غير ان نقول …رحمة بالعراق ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *