مع تصديق المحكمة الاتحادية العراقية على نتائج الانتخابات، وإنتظار مصادقة الرئيس عليها، إنطلقت الحوارات والتحالفات بين القوائم الفائزة ،والكتل الصغيرة، لإعلان تشكّيل التحالف الأكبر أو الكتلة الأكبرتحت قبة البرلمان ،لضمان تشكيل حكومة عراقية، ومنذ أشهر قبل وبعد الانتخابات ،كانت هناك لقاءات وحوارات وإعلان تحالفات ثنائية داخل التحالف الوطني( دولة القانون وسائرون والفتح والنصر والحكمة والفضيلة)، ولكنْ وكما توقعنا ، انْ الصراعات والانشقاقات داخل التحالف ، حول المكاسب والمناصب والمغانم، وفقدان البرنامج الوطني البعيد عن العباءة الايرانية ، التي تمسك إيران مقودها بقوة، لهذه الاحزاب ترغيباً وترهيباً وتهديداً، جعل إستحالة حصول تحالف حقيقي داخل التحالف الوطني المنهار منذ سنتين،وهكذا نرى جميع اللقاءات والحوارات للوصول الى (تحالف الكتلة الاكبر) ، مع بقية القوائم لنفس السبب أمراً عسيراً ،إن لم نقلْ مستحيلاً،في وقت يجري صراع علني ،وأمام ومسمّع العالم كِلّه بين الإدارة ألأمريكية وإيران، بين المبعوث الرئاسي الامريكي بريت ماكغورك وقاسم سليماني في بغداد، لإخراج حكومة عراقية ولاؤها لإحدى هاتين الدولتين،فكيف ستشكّل حكومة عراقية ،والصراع الامريكي – الايراني ،على أشدّه في المنطقة وليس في العراق فقط،إبتداء لكي نفكك أزمة تشكيل الحكومة، لابد من عرض الاستراتيجية الامريكية الجديدة تجاه إيران، وأين وصلت بنودها، لكي نعلم حجم القوة الايرانية داخل العراق، وتأثيرها في تشكيل الحكومة ،وهنا نعلم جيداً ، أن الحصارالاقتصادي الأقسى في التاريخ ، الذي فرضته إدارة الرئيس ترمب على إيران،قد فعلَ فِعلَهُ، وفاق ماكان متوقعاً منهُ ،حسب تصريح جون بولتون مستشار الأمن القومي الامريكي، وأشدُّ المتشدّدين لأسقاط نظام حكام طهران، ومانراه على الارض داخل إيران، يؤكد أن هزيمة وسقوط حكام ونظام طهران، بات قريباً جداً واقرب من أي وقت مضى، وإن الادارة الامريكية وحلفاءها، جادون الآن ،ومقتنعون بضرورة إسقاط هذا النظام ،الذي بات يشكّل خطراً على أمن وإستقرار المنطقة والعالم، حسب الرؤية الامريكية والتحالف الدولي والعربي ، وهم يرّونه قد زعزّع أمن منطقة الشرق الاوسط ،وتغوّل في العراق واليمن وسوريا ولبنان ، كداعم أساسي للاذرع والميليشيات الموالية والتابعة لولي الفقيه الايراني،وداعم للارهاب العالمي وراعٍ له،وهناك مؤشرات على إقتراب إنهيارالنظام الايراني بفعل الحصار الخانق عليه، ومنها إنهيار تام في الريال والتومان الايراني، وتوقف ورحيل جميع الشركات النفطية والصناعية والزراعية العالمية عن إيران، وتوقف الرحلات الجوية الاوربية الى إيران، ورفض طلب حكومة العبادي إستثناء العراق من العقوبات الدولية ضد إيران، والتي خرقها نوري المالكي في فترة ولاياته، والتي تعتبّرها إيران (المنقذ الوحيد ) لها ،في التخلص والإفلات من حبل العقوبات الدولية الذي يلتّف حول الرقبة الايرانية بقوة، والتي تعتبّرها طوق النجاة لها، في حين أبقت تركيا العلاقة الاقتصادية مع ايران ، ولهذا انفجرت الازمة بين ادارة ترمب والرئيس اردوغان ، بحجة اعتقال الجاسوس ورجل الدين اندرو برانسون في تركيا،لهذا تُعلّق إيران آمالها ،على ضرورة تشكيل حكومة عراقية خاضعة لها، من (الفتح ودولة القانون والحكمة ،والعصائب)، لتضمن كسر الحصار الاقتصادي ،وإفشال الإستراتيجية الامريكية في العراق،وتعمل بكلّ قوّتها على تفجير الأوضاع الامنية هنا وهناك وخاصة في المحافظات الجنوبية بحجة داعش وتحت مسماه ،لأشغال امريكا وارباكها في تشكيل حكومة تابعة لها، وهكذا راينا صدور قرارين بتوقيع نائب قائد الحشد الشعبي لسحب الحشد الشعبي من المحافظات المحرّرة، دون علم القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، مما حدا بالعبادي إصدار قرار برفض الانسحاب وإبطال القرارين، وهذا يُظهر أنّ قادة الحشد الشعبي ،لايأتمرون بأوامر حيدر العبادي كما قلناها سابقا، وإنمّا بأوامر قاسم سليماني، وإن الحشد الشعبي جهة قائمة بذاتها، لاتخضع للحكومة العراقية ولا لأوامرها العسكرية، وهذان الكتابان يؤكدان هذا القول، والحقيقة الأخرى ،من دواعي إنسحاب الحشد الشعبي من المحافظات ،هو لإحراج حيدر العبادي أمام الشارع العراقي، والضغط على القوائم والكتل، للإلتحاق بقائمة دولة القانون والفتح ،لتشكيل الكتلة الأكبر وإبعاد العبادي وافشاله في ولاية ثانية، والتي يحظى بدعم وإصرار أمريكي لامحدود لتشكّيلها، ووضع (فيتو أحمر) على تولّي المالكي – العامري رئاسة الوزراء، وهكذا تتفرّج وتتقاتل القوائم فيما بينها، للحصول على المكاسب والمناصب في الحكومة المقبلة، بعيداً عن المشروع الوطني العابر للطائفية والمنقذ للعراق، حيث الجميع يصيح بالغاء المحاصصة والغاء الدستور، ولكن الجميع مستقتل على إبقاء المحاصصة الطائفية، وإبقاء الدستور الطائفي ،فكيف إذن يتمّ تشكيّل حكومة عراقية ،خارج الولاءات والتدخلات الامريكية – الايرانية ، حيث جميع القوائم مختلفة مع بعضها ،وفاقد الثقة ببعضها، والجميع يبحث عن مصالحه ومغانمه، ولايهمه مصير العراق وشعب العراق المهّجر والنازح بسببهم، نحن نرى أن أزمة العراق، مرتبطة بمستقبل أيران ونتائج الحصار الاقتصادي عليها، والذي بدأت ملامحه تتوّضح وتنذر بإنهيار وشيك للنظام، الذي بدا يهدّد ويتوّعد ، ويقوم بأفعال واعمال عسكرية لإرباك الوضع اكثر في العراق وتفجيره من الداخل ،وخلق أزمات مستديمة ليس لها حل من خلال تعقيد ازمة تشكيل الحكومة وتنفيذ وعد المالكي والعامري وإيران بحرب اهلية، إذا لم تشكّل حكومة تابعة لإيران، يرأسها نوري المالكي أو هادي العامري، وهذا ما يعمل عليه بقوة أتباع إيران لتنفيذ المخطط الايراني مابعد الانتخابات ،ولكي يبقى الاخرون منشغلون عنه، ونحن نعلم أن أية حكومة ستتشكل في العراق ،هي حكومة غير شرعية، ومولود غير شرعي لإنتخابات غير شرعية ومزورة، بالدليل القاطع أنتجتها المؤسسة القضائية المسّيسة ومفوضية الانتخابات، التابعة كلها للمالكي وزمرته، بمعنى حكومة مزوّرة فاقدة للشرعية، كانت نسبة التزوير 60% ، بإعتراف كبار موظفي مفوضية الانتخابات ، بعد ثبوت تزوّير مراكزالخارج وحرق مراكز الداخل ، وتزوّير فاحش في مخيمات النازحين ،لجهات حزبية معلومة لدى المفوضية وبإشرافها، إذن لم يبق أمام ألادارة الامريكية ،لكي تتخّلص من عدوّين لها في تشكيل الحكومة، هُما( القوائم الايرانية والتزوّير) ، والذهاب الى حكومة الإنقاذ الوطني أو حكومة طوارىء لفترة محدودة، واليوم جميع الشعب العراقي ،أدرك أهمية الخروج من الأزمة ،بالذهاب الى حكومة طواريء وطنية عراقية ،ولاؤها للعراق فقط، وبإشراف دولي وعربي،وبضمانات دولية، هو السبيل الوحيد في إنقاذ العراق ، من براثن إيران واحزابها الطائفية والتي كل ولاؤها لايران، نعم ليس إلا حكومة الانقاذ التي طالبنا بها قبل الإنتخابات هي من يُنقذ العراق ، ويعيده الى حاضنته العربية، وما نراه اليوم في مشهد مابعد الإنتخابات، لَهو مشهد أقل مايقول عنهُ الشارع العراقي، بأنه إعادة إنتاج الفاسدين الذين نهبوا العراق وهجّروا شعبه، ودمروا بِنيّته التحّتية، وأوجدوا ظاهرة داعش الارهابي ،وسلموا المدن لهم، العراق بكل وضوح أمام مفترق طريقين لاثالث لهما ،إمّا إزاحة هذه الأحزاب الطائفية المسئولة عن خراب ودمار العراق وقتل أبناءه ونهب ثرواته بالتظاهرات المليونية، كما هو الآن حاصل في الجنوب،والذهاب الى حكومة انقاذ وطني، وإما ّ ابقاء الاحزاب واعادة تدوّير نفاياتها في السلطة ،من قتلة وطائفيين ولصوص وفاشلين ،ليكون القادم أسوأ مما كان، الادارة الامريكية عليها مسئولية اخلاقية وقانونية بوصفها هي من أتت بهذه الاحزاب الفاسدة الفاشلة والطائفية التي أوصلت العراق الى ماهو عليه الآن، أن تخضع لصوت وإرادة الشعب العراقي كلّه ،بتشكيّل حكومة الإنقاذ الوطني، وإعتبار أية حكومة غيرها ،هي حكومة فاقدة للشرعية ،جاءت بإنتخابات مزوّرة ،حسب إعترافات مجلس الامن والامم المتحدة ،وبدلائل ووثائق وشهادات وافلام تثبت التزويرالواسع الذي يرقى الى جريمة وفضيحة كبرى…..