سراب المعموري
تنظيم ” داعش ” الارهابي ، الذي يعني اختصارا لمفهوم ( دولة العراق والشام الاسلامية ) ترعرع في احضان مجموعة مخابرات دولية كبرى بضمنها المخابرات الاميركية والبريطانية والاسرائيلية ، وقدمت لها كل اشكال الدعم والاسلحة المتطورة والخبرات، حتى تحققت لها كل هذه (المكاسب) التي حصلت عليها الان داخل محافظات المكون العربي.
وقد وجدت ايران أن من مصلحتها ان يكون لها كيان ضارب في بنية هذا التنظيم ، فعمدت الى تكوين مجموعة تختفي تحت نفس الإسم لكنها تعمل بصورة منفصلة، وقد اعتمدت على جماعة خاصة لها في سوريا أردات من خلالها تخليص النظام السوري من محنة تعرضه لضربات خطيرة على يد فصائل المعارضة السورية، ويرى مختصون بالشأن السياسي العراقي أنه لايمكن اعفاء تركيا وحتى روسيا من ان تكون لها أجنحة تنتمي الى داعش ، وتعمل تحت إمرتها، وهي من تنفذ جرائمها داخل المحافظات المحسوبة على المكون العربي.
أما المخابرات الاسرائيلية فمهمتها رسم سيناريوهات التحرك ومدها بالاجهزة المعقدة والخبرات، في حين تتولى المخابرات المركزية الاميركية والبريطانية ادارة شؤون النشاط العسكري واللوجستي وساحات التحرك ، وهي من تنصب القادة ومن يليهم في الأهمية.
ويقول متابعون لتطورات الاحداث في العراق انه ما ان يصحو المكون العربي من سكرته وشدة الصدمة التي تعرض لها حتى يتبين مدى الارهاب الامريكي الغربي الايراني الذي استهدفه لكي يحدث كل هذا الخراب والدمار وهذه الفوضى الخلاقة الاميركية لتسرح في ربوعه، بتوجيه امريكي بريطاني اسرائيلي تركي ايراني.
حقيقة ارتباط داعش بالاميركان
ويقول خبراء غربيون رفيعو المستوى لهم صلة بالمخابرات الاميركية والبريطانية ان المخابرات الامريكية ادركت بعد خروج الولايات المتحدة من العراق وبعد شن
حملة شعواء ضد النظام السوري ، ان المخابرات الامريكية ادركت مخاطر الاوضاع في العراق بعد انسحاب قواتها منه عام 2010 ، فوجدت ان السنة العرب مازالوا يشكلون عنصر القيادة في الجبهة المعارضة للوجود الاميركي، ولاحظت ان وجودهم بدأ يتعاظم في سوريا بعد اتساع نشاط المعارضة السورية في مدن كثيرة، لهذا وجدت ان من مصلحتها توظيف عناصر قيادية على مستوى رفيع من الاجنحة السنية بهدف تركيع المكون العربي السني وقظم أظافره، بعد ان اظهر قدرة على اعادة تنظيم نفسه بعد الانسحاب الامريكي، عندها ادرك الاميركان وبنصائح بريطانية الى ان دعم قيادات التنظيمات السلفية بطرق غير مباشرة من خلال تجنيد كبار قيادييها بشكل سري ومدهم بكل وسائل العون هو السبيل لابقاء جذوة الارهاب والفوضى مشتعلة في العراق وفي سوريا ايضا وبخاصة في الجناح السني ، لهذا تم مفاتحة الاستخبارات الامريكية لكي تخلق الفرصة المناسبة للتوغل واحتضان قيادات الصف الاول من الرؤوس الكبيرة والعمل على مدها بكل ما تحتاجه من دعم مالي وعسكري وخبرات، وابقاء حركة تلك القيادات تحت اشراف سري عالي المستوى من قبل الاستخبارات العسكرية الامريكية وحتى البريطانية التي لديها تنظيمات سبق ان مدت لها يد العون في بريطانيا وتم وضع كل تلك التنظيمات وقياداتها الكبرى تحت اشر اف المخابرات البريطانية التي مدت المخابرات الامريكية بكل ما تحتاجه من خبرة قيادات اصولية للعمل في الساحتين العراقية والسورية.
نصائح بريطانية للتحرك على سلفيين
كان الاميركيون يدركون اهمية النصائح البريطانية ازاء ما يود اغلبية الاطراف والحركات السلفية التعبير عنه من وجهات نظر حتى وان اظهرت عداء في العلن للولايات المتحدة، لكنها تعمل تحت واجهاتها وتحت اشراف قيادات بريطانية متمرسة في الصلات مع هذه الجماعات السلفية كون بريطانيا الساحة الاكبر لتحرك هذه الجماعات، ووجدت ان افضل شعار ترفعه هذه التنظيمات هو اقامة ( دولة العراق الاسلامية ) و ( دولة الشام الاسلامية ) الى ان وحدت كلا الفصيلين في تيار سلفي واحد يسمى ( دولة العراق والشام الاسلامية ) والذي تم جمع حروفه بـ ( داعش ) اذ ان المناطق السنية في العراق وسوريا لديهما هذه الرغبة الدفينة بتحقيق حلم وحدة العراق وسوريا ولكن هذه المرة ليس بإطار قومي كما بزغ في فجر الاربعينات والخمسينات وامتد حتى التسعينات ولكن هذه المرة تحت الواجهة الاسلامية، بعد ان ادرك الاميركان والبريطانيين ان توحيد سوريا والعراق في اطار
اتحاد قومي علماني لم يعد من بين اهدافهما ، كونه يشكل خطورة على مصالحهما الجديدة في المنطقة، وكان تشجيعهما للمد القومي في الاربعينات والخمسينات هو لمواجهة المد الاسلامي الاصولي، وفعلا تم تحجيم التنظيمات ذات الطابع الديني في العراق سواء كانت منها السنية او الشيعية وظهرت الحركات الوطنية تحت لافتات قومية سواء في العراق وسوريا ومصر ولبنان واليمن وفي بقاع عربية اخرى انتشر فيها الوعي القومي العربي، ما ارعب الاميركان والغرب، الذين وجدوا في توجهات القيادات العربية انذاك محاولة للخروج عن الفلك الاميركي، وارادوا تبديل وجوه الانظمة العربية من قومية وعلمانية الى دينية سنية كانت ام شيعية وتغذية كل عوامل الفرقة والتناحر بينها لتفتك بالجسد العربي تحيله الى اشلاء متنارثرة، وما جرى في العراق وسوريا واليمن وحتى في مصر وبلاد المغرب العربي محاولة لدعم المد الديني الذي ابدأته بمد ايران في عهد الخميني ومن ثم السلطة الدينية في ايران عبر سنوات حكمها واقامت معها علاقات متميزة حتى وان اظهرت في العلن خلاف ذلك.
الفرصة الذهبية لايران
ولقد وجدت ايران ان النظام الديني ذا الغالبية الشيعية الذي اقيم في العراق فرصة ان تتمدد من خلاله ايران ليس الى العراق فحسب بل الى كل دول المنطقة ، لهذا قدمت كل وسائل الدعم والمساندة للنظام السياسي القائم في العراق منذ بدء العملية السياسية في عام 2003 وحتى الان ووجدت ايران ان فرصتها في تقاسم السلطة في العراق مع الامريكان وقد رضي الاميركان بتقاسم السلطة في العراق مع ايران ومنحوها الضوء الاخضر ليكون لها اليد الطولى في السيطرة على مقدرات الاوضاع في هذا البلد، وكان لها ما ارادت ان تحكمت بمقدرات العراقيين واشتركت في صنع القرار مع الرؤوس الحاكمة في العراق.
رجل السي آي أي سنودن وارتباطات داعش
وكانت وثائق سرية صادرة عن وكالة الأمن القومي الأمريكي سربها الموظف السابق في الوكالة إدوارد سنودن قد أكدت أن تنظيم داعش الإرهابي هو صنيعة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والاسرائيلية كجزء من الاستراتيجية المسماة عش الدبابير بهدف استقطاب المتطرفين من كل أنحاء العالم وتوجيههم إلى سوريا.
وبحسب وثائق سنودن التي أوردها الدبلوماسي الروسي السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط ( فيتشسلاف ماتوزوف ) فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والاسرائيلية تتحمل مسؤولية إنشاء داعش لافتاً إلى أن متزعم التنظيم الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي خضع لتدريب عسكري مكثف لمدة عام كامل من قبل جهاز الموساد الاسرائيلي بالتوازي مع تلقيه دروساً في اللاهوت وفن الخطابة.
وأكد ماتوزوف بهذا الصدد أن كل المعلومات حول داعش تؤكد أنه تنظيم عميل للاستخبارات مستشهداً بما كشفه نبيل نعيم رئيس ما يسمى حزب الجهاد الإسلامي الديمقراطي والقائد السابق في تنظيم القاعدة الإرهابي في تصريح له مؤخراً: “إن كل الأجنحة المتحدرة من تنظيم القاعدة بما فيها داعش يعملون لدى المخابرات المركزية الأمريكية”.
كما أشار ماتوزوف إلى تصريح موظف أردني في حزيران الماضي أكد فيه أن أعضاء تنظيم داعش تلقوا في العام 2012 تدريبات عسكرية على أيدي مدربين أمريكيين في إحدى القواعد العسكرية السرية في الأردن وقد شاعت في العام ذاته أخبار كثيرة إن الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والأردن مسؤولة عن قاعدة عسكرية تدريبية خاصة بالإرهابيين المتسللين إلى سوريا في مدينة غور الصافي بمحافظة الكرك الأردنية.
ولفت ماتوزوف إلى أن وسائل الإعلام للدول الكبرى ى أضافت عمداً شيئاً من الأساطير عن الإرهابي البغدادي تؤكد تبعيته للاستخبارات حيث يؤكد الضابط السابق في أمن القوات الجوية الأمريكية والقائد المسؤول عن معسكر البقعة للعامين2006 و2007 أن هذا المعسكر كان بمثابة طنجرة البخار بالنسبة للتطرف.
وبين ماتوزوف في ختام تعليقه على صفحته الالكترونية أن تنظيم داعش الإرهابي المسلح تسليحاً جيداً والمدرب تدريباً عالياً يسيطر الآن على مساحات من العراق وسورية.
مستشرق روسي يؤكد ارتبط البغدادي بالسي آي أي
وفي 8 تموز 2014 أعتبر المستشرق الروسي فيتشيسلاف ماتوزوف، أن زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي متعاون مع المخابرات الأمريكية، لافتا الى مكوثه في سجن بوكا جنوب العراق قبل الافراج عنه عام 2009.
وقال ماتوزوف في حوار مع إذاعة صوت روسيا إن “البغدادي اعتقل من قبل القوات الأمريكية عام 2004، وكان يمكث في سجن معسكر بوكا جنوب العراق، ولكن تم الإفراج عنه في وقت لاحق من عام 2009، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما”، لافتا الى أن “البغدادي متعاون بشكل أو بآخر مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية”.
وأضاف أن “كل الحقائق تشير إلى أن البغدادي مرتبط مع وكالة المخابرات المركزية، ومن الواضح أنه خلال سنوات السجن تم إشراكه ضمن مخططات الوكالة الاستخباراتية”، موضحا أن “الأمريكيين بوسعهم الوصول إلى زعماء داعش، ولا يحتاج الأمر إلا إدخال تعديلات لمسارات الطائرات الأمريكية بدون طيار، ولكن ليس هناك أي قرار بهذا الشأن في البنتاغون الأمريكي”.
ظهور ونشأة داعش
أول ظهور للاسم الجديد «داعش» في (نيسان) 2013، ليس بهدف الإعلان الرسمي أو محاولة تضخيم شأن التنظيم كما يخطئ عادة من يقرأ جماعات العنف المسلح خارج نصوصها وسجالاتها الداخلية، فالتسمية كانت هدفا استراتيجيا للتنظيم لابتلاع كل المجموعات الصغيرة.
الهدف الأول لإعلان «داعش» لم يكن قرارا دعائيا أو محاولة تضخيم قدرات التنظيم الذي يجول طولا وعرضا في مناطقه المحببة في العراق والشام بقدر ما كان تحديا وجوديا لافتراس الأسماك «القاعدية» الصغيرة، وهو ما أدركته «جبهة النصرة» مبكرا فرفضت الاندماج وبدأت معارك إثبات الوجود التي لا تزال مستمرة إلى الآن وإن كانت الغلبة على مستوى أبناء «القاعدة» ويتامى بن لادن لـ«داعش» رغم أن التنظيم رسميا يرفض الاعتراف بالهزيمة حتى اللحظة.
التقاسم الإرهابي لكعكة الشام والعراق كان سببا في الخلاف بين التنظيمات المسلحة؛ «داعش» و«النصرة» بالأساس وبقية الصغار حسب ولاءاتهم ومصالحهم الصغيرة وإن كانت المبرر المقدم للأتباع والجمهور العريض هو «الشرعية»، فالاتهامات المتبادلة بالبغي والخروج على سلطة الحاكم الشرعي والمفاوضات، بل والمحاكمات المجانية والإعدامات، كشفت ما كان مستورا ولم تظهر واقعا جديدا في الخلاف بين التنظيمات المسلحة حول أحقية تمثيل «الجهاد» وهو ما يعني إدراكهم لدورهم والانتعاش المقبل لدورات الإرهاب والعنف بعد انهيار الربيع العربي.
الخلاف مع القاعدة
إذن «داعش» هي منتج إرهابي منفصل عن «القاعدة» بعد أن كان جزءا منها، ثم أضيفت إليه أفكار جديدة إلى أن آل الوضع إلى هذا المزيج الذي يقترب من العصابات المنظمة منه إلى عمل جماعات العنف المسلح الدينية.
تعود بذور «داعش» للخلاف الفكري بين تيار الصقور الذي كان يمثله الزرقاوي، و«القاعدة» التقليدية، وبعد مقتله ومقتل أبو حمزة المهاجر دخلت «داعش» مرحلة مشروع الدولة في العراق.
جزء من أزمة تحليل «داعش» تعود إلى أسباب كثيرة وأهمها القراءة الخاطئة لـ«التيارات المنغلقة»، فالصورة المغلوطة عن جماعات العنف المسلح منذ حركة الخوارج تاريخيا ووصولا إلى «القاعدة» وأخواتها، فهناك أولا تغيرات بحكم التاريخ وتغير الوضع السياسي وأخرى بسبب التأثر والتأثير على الواقع نفسه، فالنواة الأولى لمجاهدي الثمانينات قبل نشأة «القاعدة» تختلف عنها في مرحلة «مطبخ بيشاور» التي أشرنا إليها، كما تختلف جذريا عن مرحلة القتال بالوكالة التي مارستها «القاعدة» عبر إرسال مقاتليها إلى البوسنة والشيشان.
الخلاف إذن ليس فقط على مستوى الأفكار، وهذا فرق جوهري، بل على مستوى موقفهم من الأنظمة العربية أو قتال العدو القريب أو البعيد، موقفهم من التحالف مع استخبارات دول أخرى في مصلحة التنظيم، التدفق المالي، وأيضا انفصال المرجعيات الشرعية للتنظيم عن المناخ الشرعي السائد من حيث تحرير مسائل الجهاد أو فقه الثغور الذي تغير عدة مرات من تكوين علماء تنظيم مختصين وصولا إلى غياب الرؤية بحكم دخول أطراف قادمة من خلفيات بعثية وأخرى أقرب إلى الثوار المناطقيين كالعشائر في العراق وبعض المناطق السورية.
ابو بكر البغدادي.. سيرة مجهولة
لم يكن أمير المؤمنين المزعوم أبو بكر البغدادي شيئا مذكورا قبل أن تقوم الولايات المتحدة في عام 2013 برصد جائزة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يساهم في اغتيال وقتل أو اعتقال البغدادي، المكنى بـ«أبو دعاء» وهي ثاني أعلى جائزة ترصدها وزارة الخارجية الأميركية لرأس إرهابي بعد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
الشيخ أبو دعاء ويلقب بالشيخ الشبح لما يقال عنه من ارتدائه الوشاح حتى في لقاءاته الخاصة مع المقربين من العراق، وتعود أصوله، كما يزعم أتباعه، إلى آل البيت، وهي إضافة رمزية مهمة يجري استخدامها لاحقا في منافسة الظواهري ثم شرعية إعلان الخلافة.
ولد الشيخ أبو دعاء عام 1971 في سامراء العراقية. كان يعمل في خدمة المساجد أثناء الغزو الأميركي، بالدعوة وجمع الأموال والتدريس الشرعي والإفتاء؛ بحكم أنه يحمل دكتوراه في الفقه الإسلامي. اعتقل لاحقا في معسكر بوكا الأميركي (جنوب العراق) ونجا مجددا من محاولة اغتياله بغارة جوية عام 2005، ثم ظهر بعد صمت سنوات عبر صفوف «القاعدة» مقاتلا وموجها ومرشدا، وهو ما كان كفيلا بتصعيده خلال خمس سنوات تقريبا ليتربع على عرش تنظيم الدولة الإسلامية في العراق 2010.
حروب داعش في سوريا
كانت حروب «داعش» في سوريا من أكثر حروبها ذكاء وحنكة، فهي تدرك أن قوتها محدودة لا تقارن بحجم حضورها في العراق، فساهمت في تقليل خساراتها الحربية والعسكرية عبر تجنب الصدام مع نظام الأسد واستهداف المناطق غير الخاضعة لسيطرته، فيما ظن كثير من المحللين أن ثمة تعاونا مباشرا بين النظام السوري و«داعش»، وما حدث في العراق من تقدم مذهل لداعش في المحافظات التي وقفت بوجه بقاء بشار الاسد لشاهد على ذلك.
انتظرت «داعش» حتى مطلع هذا العام 2014 لتحول استراتيجيتها من الاهتمام بالمستنقع السوري إلى العودة إلى أرض التمكين كما يسميها أتباع «داعش» (العراق) وأوفياء العيش بأسلوب حياتها في المدن العراقية التي تحتلها وعلى رأسها «الفلوجة والرمادي» ثم الموصل لاحقا فمحافظة الأنبار التي كانت مسرح ولادة دولة الخلافة، إلا أن السيطرة على محافظة صلاح الدين كانت الحدث الأهم لـ«داعش» حيث حلقة الوصل بين شمال العراق ووسطه، وحيث الدخول في مرحلة دولة الخلافة النفطية، وهو ما ساهم في غرور «داعش» وطغيانها إلى الحد الذي جعلها تصل إلى لحظة رمي «حجر النرد» للإرهاب الجديد عبر إعلان دولة الخلافة الإسلامية.
اقتصاد «داعش»
في تقرير لمجلس العلاقات الدولية صدر مؤخرا أكد على أن بدايات الانتعاش الاقتصادي لتنظيم داعش كانت متأخرة في حدود 2013 قبل تحول الاستيلاء على الموصل الذي يعده الخبراء نقطة تحول اقتصادية كبرى ليست في مسيرة «داعش» فحسب، بل كل العمل المسلح في المنطقة، فـ«داعش» ما قبل الموصل كانت تحصل على ما يقارب عشرة ملايين دولار شهريا عبر سرقة الأموال وفرض الضرائب على أصحاب العمل المحليين بل واقتطاع حصص من المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في مقابل الإذن بالدخول، وهو سلوك لم يأت مصادفة بل من الواضح أن «داعش»، وخلافا للتنظيمات الأخرى، تطور من سلوكها الإداري على الأرض على طريقة العصابات أكثر من بناء برنامج عمل مستقى من التصورات الإسلاموية لشكل الدولة، وتتحدث التقارير باستفاضة حول ميزانية «داعش» بعد التحولات الجديدة بينما يجزم معظمها بأن رأسمال التنظيم لا يقل عن ملياري دولار.
تمويل داعش
وفي تقرير مهم نشرته «سي إن إن» كشف أهم محاور التمويل لـ«داعش» التي احتكمت إلى منظومة أخلاقية مفارقة للأسلوب التقليدي في التمويل الذي كانت «القاعدة» تتبعه في مراحلها السابقة، من جملتها المنح والتبرعات وبيع النفط الخام، المخدرات وغسيل الأموال والابتزاز والغنائم، وهناك حديث عن ثروة عينية من الذهب فقط تقدر بـ430 مليون دولار.
ولادة تنظيم ارهاب امريكي جديد
في 19/9/2014 تحدث جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية عن تنظيم اخر يناهض سطوة داعش وارهابها الا وهو ما اطلق عليه تنظيم “خرسان” الإرهابي الذي يضم في صفوفه إرهابيين ومتطرفين قدموا من أوروبا واليمن وأفغانستان وغيرها لارتكاب جرائم مروعة في سوريا يشكل خطرا على الولايات المتحدة لا يقل عن الخطر الذي يشكله تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأشار كلابر خلال مؤتمر صحفي في واشنطن نقلت شبكة فوكس نيوز الأمريكية مقتطفات منه إلى أن تنظيم “خرسان” الإرهابي الذي ينشط في سوريا والمنطقة يشكل تهديدا وخطرا على الولايات المتحدة. وأوضح كلابر أن أجهزة الأمن
الأمريكية تشعر بالقلق تجاه الخطر الذي يشكله تنظيم “داعش” الإرهابي داخل الولايات المتحدة نظرا للصعوبة البالغة في تعقب نشاطاته وامتلاكه شبكة معقدة لعمليات التجنيد.
وحذر مسؤولون أمريكيون في وقت سابق من أن إرهابيي تنظيم “خرسان” يشكلون تهديدا مباشرا بالنسبة للولايات المتحدة فهو يضم في صفوفه عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابي سافروا إلى سورية للانضمام إلى تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي بهدف تجنيد أوروبيين وأمريكيين في صفوفهم واستغلال جوازات السفر التي يحملونها لتنفيذ هجمات إرهابية حيث تسمح لهم هذه الجوازات بركوب طائرات أمريكية بتدقيق أقل من قبل المسؤولين الأمنيين.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن التنظيم الإرهابي المعروف باسم “خرسان” يعمل مع صناع المتفجرات من فرع تنظيم القاعدة في اليمن وذلك لاختبار طرق جديدة لتمرير متفجرات عبر أمن المطارات ويكمن خوف السلطات الأمريكية في أن يعطي تنظيم “خرسان” الإرهابي هذه المتفجرات المتطورة لإرهابيين غربيين قد يتمكنون من التسلل للرحلات الجوية المتجهة إلى الولايات المتحدة.
الخاتمة
من خلال هذا الاستعراض يتأكد لنا بما لا يقبل الشك ان داعش وارهابها هو صناعة امريكية بريطانية اسرائيلية وجدت كل من تركيا وايران وحتى روسيا ان من مصلحتها ايجاد تنسيق لها مع هذه الجماعات، او ابتكار جماعات مثيلة لها في مناطقها الجغرافية للعمل بنفس التوجهات وهو القضاء على محافظات المكون السني العربي وزرع الفوضى والتخريب بين اجزائها والعمل على احتلالها وهو ما تحقق لها بدعم من الحكومة العراقية السابقة في عهد المالكي التي تركت بعض الجماعات تسرح وتمرح في غربي العراق للسيطرة على هذه الاماكن ومن ثم الامتداد شرقا وشمالا لاحتلال محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين والاصطدام مع مدن كردستان العراق، وما كان لداعش ان تحصل على كل هذه المكاسب السياسية والعسكرية واحتلاها لكل هذه المحافظات لولا الدعم الامريكي البريطاني الاسرائيلي الايراني التركي، اذ ان كل هذه الجهات الدولية والاقليمية متورطة في ارهاب داعش وتحويلها الى غول لايمكن مواجهته وكانت محافظات المكون العريي السني احدى ضحاياها واجرامها، وما خلفته من مآس وويلات على سكان هذه المحافظات من قتل وتهجير وراهاب متعدد الاشكال والالوان للقضاء على اخر
مقومات الدولة العراقية في جانبها العربي وتسليم مقدرات العراق لدول اقليمية ودولية تعبث فيه على هواها، وهو ما يحصل للعراق، وان كل احاديث عن سعي امريكي غربي لمواجهة داعش هو اكاذيب وعمليات تضليل ليس الا، اما الحقيقة المرة فأن كل هذه الجهات التي أشرنا اليها متورطة في دعم داعش وفي فرض تسلطها على رقاب المكون السني العربي وتحطيم ركائزه لسنوات مقبلة وهو ما حصل فعلا، وما ان يصحو المكون العربي من سكرته وشدة الصدمة التي تعرض لها حتى يتبين مدى الارهاب الامريكي الغربي الايراني الذي استهدفه لكي يحدث كل هذا الخراب والدمار وهذه الفوضى الخلاقة الاميركية لتسرح في ربوعه، بتوجيه امريكي بريطاني اسرائيلي تركي ايراني.