أصاب حسن السنيد وأخطأ لؤي حقي … بقلم سلام الشماع

أصاب حسن السنيد وأخطأ لؤي حقي … بقلم سلام الشماع
آخر تحديث:

قرأت ما كتبه الشاعر العراقي لؤي حقي في ردّه على المستعرق حسن السنيد حرفاً حرفاً وكلمة كلمة وجملة جملة ثم أعدت القراءة مرة ومرتين، فوجدت فيه نقاشاً بين عراقي ومستعرق، بين شاعر قومي وطني وبين شاعر طائفي متعصب، بين قلب أبيض وقلب أسود، بين من يريد العراق وبين من يريد طائفة من العراق، بين من لا يتنازل عن جذوره في العراق وبين من لن يتنازل عن جذوره خارج العراق.
أخطأ لؤي حقي عندما ظن، وإن بعض الظن إثم، أن التلاقي ممكن بين هذه المتضادات وبين هذين الخطين المتوازيين، بين الطهارة والنجاسة، بين المحبة والكراهية، بين التسامح والحقد، بين من يريد العراق كله وبين من لا يريد إلا جزءاً من العراق، والأدب والشعر لن يكون نسبة بين شاعرين أحدهما يغني للجمال وآخر يغني بصوت نشاز للقبح، فيما أصاب حسن السنيد، في رده، لأنه ترجم ما بنفسه من أحقاد ورأى أن التلاقي بين هذه المتضادات مستحيل إلى يوم الدين.
والواقع، أن هذا النقاش أمتعني كثيراً واطلعت من خلاله على الثراء اللغوي واللغة المشرقة التي لم تتنازل عن وظيفتها الإنسانية التي استعملها الشاعر لؤي حقي، واللغة التي تفح كراهية وحقداً ولاإنسانية وفقراً بيّناً، التي استعملها حسن السنيد، وإني أوصي كل من مازال يعتقد أن العراق يمكن أن يبنى ويزدهر في ظل وجود العملية السياسية التي فرضها المحتل وفي ظل لقطائها، أن يقرأ هذا النقاش ليتأكد أن اعتقاده من سابع المستحيلات، بل أولها.
وشتان بين شاعر للشعب وشاعر لحزب طائفي.

وفيما يأتي ما كتبه الشاعر لؤي حقي:
لا أدري كيف أصبحنا أنا والأستاذ مسؤول لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الشاعر حسن السنيد أصدقاء على صفحات الفيس بوك فكلانا ينتمي إلى جهة وأفكار تقف بعيداً عن الأخرى وتتقاطع بشدة، رغم اعتقادي الموقن بضرورة الحوار الواعي المشترك حتى بين المتباعدين والمتباغضين مهما بلغ تقاطعهما وصولاً إلى منطقة وسط للقاء خاصة حين يكونون أبناء وطن واحد، وقد استبعدت كل العوامل الأخرى التي قد تستثني غير المشتركين بها كالدين والقومية، لقد كنت أرى دائما في الأدب نسباً وقربى يجمعان أبعد الأبعدين بصدق ونبل وسمو الأهداف والرؤية، لذا فقد اعتبرت صداقتنا المفترضة في الفيس بوك نوعاً من هذا النسب والقربى اللذين يجبّان ما دونهما، وسبيلاً لقراءة كل منّا أفكار الآخر بهدوء وروية بعيداً عن لغة العداء والتشنج والتقاطع والاجتثاث، وقد حاولت أن أتجنب التعليق على أي رأي أو فكرة يدلي بها الأستاذ السنيد مخافة سوء التفسير ودفعاً لأي تصادم بالأفكار أو المعتقدات والرؤى قد ينجم عن رأي مختلف معارض نظراً لحساسية الموقف بيننا، فالرجل قيادي في حزب الدعوة الحاكم وأنا شاعر زمن حاربوه وحاربهم طويلاً. إضافة إلى سبب آخر منعني كثيراً من تداول الحوار وتبادل الرأي مع هذا الرجل رغم أن الغرض الرئيس من التواصل عبر الفيس بوك هو هذا التحاور والتقارب, والسبب يكمن في صورته الشخصية الغاضبة التي يضعها عنواناً لصفحته حيث يبدو متجهماً جداً بعينين تقدحان شرراً وهي برأيي المتواضع لا تصلح أن تكون وسيلة تعريفه للآخرين لسببين أولهما كونه شاعراً وثانيهما كونه ممثلاً للشعب الذي يتوقع منه صورة مبتسمة تعطيه حساً بالطمأنينة والأمن، خاصة وهو رئيس لجنة الأامن في البرلمان، لقد حدث اليوم ما حاولت تجنبه كثيراً حين نشر الأستاذ السنيد تعليقاً راداً على ادعاء أحد المواقع الإلكترونية التي تتهمه بشراء فيللا فخمة جداً في دبي تحوي صالة سينما ومسبحاً خاصاً بمبلغ 7 ملايين دولار، نعم سبعة ملايين بالتمام والكمال عداً ونقداً، وقد أنكر الرجل امتلاكه للفيلا المذكورة – وهو صادق – وذكر أيضاً أنه لا يمتلك أي عقار أو أموال في أي مكان في الدنيا، وتعاطفاً معه وكرهاً مني للاتهامات الباطلة والادعاءات الكاذبة التي غالباً ما تطال الشرفاء والأبرياء فقد كتبت له تعليقاً من أربع كلمات ليس إلا (الشعر كان أولى بك) أي والله ليس سوى هذا، فإذا بالرجل يرد عليّ رداً عنيفاً جداً متهماً أي حديث معي بأنه ملطخ بالدماء وهذا الاتهام طبعاً لا يدخل في حصة المصالحة الوطنية والحوار المشترك وطيّ صفحة الماضي رغم أنها صفحة مشرقة في أغلب سطورها، لن أطيل عليكم وسأنقل لكم في أدناه تعليق الأستاذ السنيد الذي يرد فيه على كلماتي الأربع والتي أعتقد أنها لا تسئ إليه أبداً مهما حاول المحرّفون تأويلها:
(لحظه بالله انت اي لؤي حقي الشاعر الذي كتب لنظام القتله؟؟! اذا انت هو فالحديث معك ملطخ بدماء اخي حيدر الشهيد وملطخ بدموج زوجتي التي اعتقلت في مديرية الامن وملطخ بصراخ طفلي عمار ذي الاربعين يوما وهو في زنزانة امه والملطخ باثار القيود التي اثقلت ساعدي وانا اواجه الاعدام والمؤبد والملطخ بدم الاف الشهداء من اهلي وارفاقي ان كنت هو لؤي حقي الذي رقص على اشلائنا فبالله عليك اشتمني وارحل عن صفحتي وسوف لن ارد عليك وان كنت غيره فالف اهلا بك حتى لو اسأت لي لانك عراقي وهذا يكفي….)
هكذا رد الرجل، ثم ألغى صفحتي من قائمة أصدقائه دون أن يسمع جوابي، وها أنا أرد على مقالته بمقالة مثلها لعله يطلع عليها عبر أحد الأخوة والأصدقاء.
بلا فخر أنا الشاعر لؤي حقي صوت وطنه ساعة المحنة والمنازلة صوت العراق المقاتل المدافع عن أرضه وعرضه ومقدساته ضد قوى الشر والظلام يوم كانت الوطنية والانتماء عنوانه، أما ما ذكرت عن دماء أخيك رحمه الله أو دموع زوجتك وصراخ طفلك وقيودك التي أثقلت معصمك والدماء من أهلك ورفاقك فذلك مما لا أعلم عنه ولا أعرف ظالمه من مظلومه ولا جانيه من زارعه ولا ريب أن لا يد لي ولا رأي فيه إن حصل فلقد كنت وما ازال شاعراً حسب وليس مسؤولاً أمنياً كحضرتك في زمن لم يفقد فيه شئ كالأمن ولم يهدر فيه كالدماء، لا أدري لماذا تصرون على ذات النغمة المثقلة بالحقد والكراهية والانتقام رغم أنكم تحكمون البلد منذ 10 سنوات وقد أثقلتموها دماء وأتخمتم نفوسكم ثأراً وانتقاماً في الوقت الذي تظهرون به على شاشات التلفزيون بأثواب القديسين وطهارة الأولياء وهدوء الأتقياء الرساليين تدعون إلى مصالحات وتوافقات وألفة ومحبة, إذا كان لنا أن نفتح قائمة الحساب أيها الشاعر الذي صار مسؤولاً عن (الأمن) فإن قائمة جرائركم المؤرجة بدمائنا المسفوكة أكثر بكثير من القائمة التي تلقيها على كاهلي وتحاسبني عليها رغم أنها – لو صدقت ارقامها التي تدعوون وأسبابها التي نعلمها وتخفون – حصلت في ظلم), حيث لم أعمل إلا في ميادين الأدب والثقافة والصحافة والشعر على العكس من حضرتك حيث تلاحقك أقوال الكثيرين المدعين إن لكم يداً مباشرة في سفك دماء الآلاف من أبناء الوطن بعد أن حكمتموه حين جئتموه فاتحين محررين ولم تستعينوا بالأجنبي لقهره واحتلاله – حاشاكم – هل أجدني مضطراً أن أذكرك أيها الشاعر بأبيات حيص بيص الشهيرة (ملكنا فكان العفو منا سجية, فلما ملكتم سال بالدم ابطح ,, وحسبكم هذا التفاوت بيننا, وكل إناء بالذي فيه ينضح) حيث تبدو الدماء والمظلومية التي تتهمون زمننا بها وشلاً قياساً إلى بحر الدماء الذي جرى بأيديكم المقدسة (رغم أنني أدين الدم المظلوم ولو كان قطرات), فكرت كثيراً بردك الموتور الذي يفح كراهية في غير موضعها ولغير مستحقها وسألت عن سر هذا الحقد الذي يسمم حياتك ويعكر هناءتك: كيف تعيش به وكيف تألفه, ثم كيف تحكم به وتتوخى العدالة والإنصاف من نفسك معه، كل هذا وأنت شاعر, ترى ماذا كان الحال لو لم تكن شاعراً يحمل شرف الكلمة التي بدأ الله بها الخليقة وجعلها عنوان دينه، هل تظن أن قلب شاعر حق يملك أن يحمل كل هذا الحقد والظلام، ولا يكفيه بحر الدم الذي شربه طوال سنوات عشر فيطلب مزيداً، وضد من؟؟ ضد شاعر كان يقف على الجانب الآخر منتمياً إلى وطن يقاتل بشرف دفاعاً عن ترابه وتاريخه وقبلهما عن أرواح أهليه، شاعر لا يملك إلا صوته سلاحاً وكلمته وسيلة، لقد كنت أعتقد أن كل قوائم القتل والموت المزدانة باسمي دائماً والتي ينشرها بعض أتباعكم مهددين متوعدين ليست سوى أضغاث أقاويل صنعها كارهوكم أو (فبركها) الإعلام كي يشوه صورتكم لتوسيع الهوة بينكم والآخرين وليضفوا على صوركم عتمة وظلاماً مبالغين فإذا بي أكتشف في ردك العصابي الصارخ على جملة صغيرة كتبتها إليك تحمل في طياتها رؤية وأمنية شاعر منتصر ومنتم للكلمة حسب حين قلت لك (الشعر كان أولى بك) نعم، جملة من أربع كلمات فجرت منك كل سيل الحقد والكراهية في لج من الكلمات الزاعقة, ثم ادعيت بردك أمام الآخرين أنك ستقبل شتمي لو أنني رددت عليك بالشتم لكنك حظرت صفحتي حتى دون أن تسمع ردي, ألم يكن من الإنصاف ومن أخلاق الفرسان ومن شرف الكلمة أن تسمع ردّي أيضاً, ردي الذي لا يمكن أن يحوي شتماً لأنني ربيت في زمن يترفع عن الشتم ويعده منقصة في أخلاق الرجال, أيها الشاعر أنت من حزب ديني يرفع شعار الدعوة الاسلامية وأنا قومي علماني (ولم أقل بعثي لأن هذا شرفاً لا أدعيه) فهل من الإسلام أن تكيل لي أمام الناس كل هذه التهم الثقيلة ولا تسمع ردها مني, استوقفني كثيراً قولك إن الحديث معي ملطخ بالدماء لأنني الشاعر الذي كتب لنظام القتلة كما زعمت، ترى ألا ينطبق هذا على كثيرين ممن تمجدون وتحتفلون بأسمائهم أو ممن هم تحت جناحكم الآن, ألا ينطبق هذا على الجواهري شاعر العرب الأكبر أم أنك لم تقرأ قصائده في مدح حزب البعث ومدح الرئيس الراحل أحمد حسن البكر والرئيس الشهيد صدام حسين وهي أشهر من أن تخفى أو تطمس أو ينكر وجودها, ألم تقرأ قصائد (شاعر الأمة) محمد حسين آل ياسين في معارك القادسية الثانية وفي تمجيد الرئيس صدام حسين وهي كثيرة ومشتهرة وقد ملأ بها الرجل شاشات التلفزيون والصحافة وحفلت بها دواوينه وكنا فيها معاً كتفاً لكتف وصوتاً يسند صوتاً, فلماذا كانت لغة التصالح والسماحة والمحبة سبيلكم معهم في حين كانت النار تستعر في دعاوى ثاراتكم من عبد الرزاق عبد الواحد ولؤي حقي, هل يمكن أن يكون السبب طائفياً محضاً لا سمح الله, الحق أقول لك إنني أستحيي أن أفكر ولو في خطفة عابرة أن يكون شاعر ما بهذه الرؤية الجاهلة الضيقة فكيف وأنت الشاعر المثقف المناضل, سأستميحك العذر في سؤال أخير يثقل قلبي وعسى أن لا تفهمه بسوء نية أو ترد عليه بغضب: لماذا تكون مسؤول لجنة الامن والدفاع وأنت شاعر قبل أية صفة أو عنوان آخر, هل تعتقد أن هذه المهمة تتسق والشعر, ترى كيف سيحاسبك الزمن القادم والأجيال القادمة وأنت رأس الأمن في زمن لم يفتقد إلا للأمن ولم تجر فيه إلا الدماء البريئة وأنت بعض ممن يحمل وزرها لاريب بواقع مسؤوليتك الأمنية, أعتقد أنني في وضع أحسن منك بكثير رغم كل التهم الباطلة والاحقاد الهائلة التي ادعيتها عليّ فأنا لم أعمل إلا شاعرا ومسؤولاً ثقافياً فقط، مرة للأدباء الشباب ومرة للكتاب والنشر ومرة للسينما والمسرح والفنون، وكلها لا تقرب دماً من قريب أو بعيد ولا تزر ظلماً، أدعوك أن لا تفرح أيها الشاعر الأمني بكأس السلطة كثيراً فإنها كأس عارية يصطبح بها قوم ويغتبق آخرون، يتغداها بعضهم ويتعشاها الآخر, ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك, حتى وإن كان وصولها إليك عثرة زمن وكبوة مقادير وعقاباً من رب العالمين للناس. سلاماً سلاماً سلاماً.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *