غالب زنجيل
أثار القرار القضائي باعتبار الفيس بوك وسيلة اعلامية مثله مثل القنوات الفضائية والاذاعات والصحف. أثار هذا القرار المفاجئ ردود فعل لدى الاعلاميين وكذلك الناشطين على الفيس بوك. وعده الكثير بأن وراءه قصداً سياسياً في هذا الوقت بالذات.. بينما يرى قانونيون أن وضع الفيس بوك يختلف عن وضع وسائل الاعلام المذكورة في اعلاه.. ومعاقبة الذي كل من يشتم أو يسب أو يشهر بالآخر على وفق القانون العراقي النافد، ماهو إلا خطأ بحسن نية أو بدونها. فالصحافة وأخواتها لها أصحاب معلومين يمكن محاسبتهم على ماينشر عبر وسيلة الاعلام التي يملكونها، وكذلك محاسبة الكاتب ايضاً.. إلا أن الفيس بوك لايعرف مالكه ولايمكن الوصول إليه لمحاسبته وكذلك الكاتب الذي شتم أو سب أو شهر بالأخر . هذا أولاً. أما الأمر الثاني في الاختلاف، فهو أنه يمكن التهكير على الفيس بوك، كأن يدخل أحدهم على صفحة أخر وانزال مادة عليها، مقالة أو صورة أو فيلم، فيه تشهير أو سب أو شتيمة. وهذا أمر ممكن وبات معروفاً. فكيف الحال هذا يحاسب القضاء من يملك الصفحة أو الحساب قد يخترقمن قبل أخرين؟ مع العلم أنه لم يقم بالفعل الذي اتهم به؟ أما ثالث الاختلافات بين الفيس بوك وبين وسائل الاعلام الاخرى المعروفة لدينا، فهو إن في الفيس بوك يمكن لأن شخص أن يفتح حساباً، أو موقفاً بأسم وهمي، ومن خلال هذا الموقع يوجه اهانات أو شيمه لأشخاص أو جهات معنوية.. فكيف يتمكن القضاء من ملاحقة الفاعل الأصلي ؟من كل هذا فنستنتج بان القانون الساري الخاص بالنشرلا يصلح للتعامل مع الفيس بوك.
وعلى هذا فأن القرار القضائي الأخير قد جانبه الصواب- حسب تقديري- وكان يفترض بالمحكمة التي أصدرته أن تنشر أو تذيع حيثيات الحكم الذي اصدرته بحق شخص أرتكب جريمة نشر ضد آخر(شتمه أو سبه أو شهر به) وأن تعرّف بأسم المشتكي ونوعية الفعل والمشتكى منه.. إلا أن المحكمة المعنية قد تجاهلت كل ذلك.. واتخذت قراراً تساوره شكوك الكثيرين بأنه سياسي القصد، وليس اجتماعياً أو أخلاقياً مقصده ! ويعزز هذا الرأي أنه في الأونة الاخيرة بدأ الكثير من الناشطين على الفيس بوك يكيلون النقد والسباب لشخصيات حكومية متهمين اياها بالفساد وسرقة المال العام وسوء استعمال السلطة.. وبالطبع لهذه الشخصيات مصلحة لتكميم الافواه على الفيس بوك أيضاً، بعد أن كممتها إلى حد ما في وسائل الاعلام العاملة داخل العراق.. فارادت هذه الشخصيات أن تسد الباب التي تأتي منها الريح..
وبالطبع فأن لهذا الشخصيات نفوذاً لاينكر على القضاء، ولنقل على بعضه حتى لانعرض أنفسنا الى التهلكة! وكما عرفنا في الماضي إن القضاء العراقي ليس نزيهاً بصورة عامة، أي بمجمله، والذي يقول خلاف ذلك انما هو كاذب أومفتر،فأوعزت تلك الشخصيات الحكومية الى محكمة الكرخ بأصدار القرار، ونفذت الاخيرة طلب الذى لا يرد لهم طلب، فأصدرت قراراً لم يستند الى العقل بل الى العاطفة والولاء للذي في الموقع الحكومي الرفيع.. فكان هذا القرار المثير للاستغراب .. وغير المعقول أيضاً !