أمريكا باعت العراق لـ«إيران».. وباعت أفغانستان لـ«طالبان»

أمريكا باعت العراق لـ«إيران».. وباعت أفغانستان لـ«طالبان»
آخر تحديث:

 بقلم:عبدالمنعم ابراهيم

تاريخ التدخلات العسكرية الأمريكية في الدول الأخرى يكشف عن حدوث فوضى سياسية في (الدخول) و(فوضى غير خلاقة) في الخروج من تلك الدول.. حدث ذلك في فيتنام وعديد من الدول في أمريكا اللاتينية، والتجربة الأكثر مأساوية لنا في المنطقة العربية هي ما صاحب التدخل العسكري الأمريكي في العراق من مشاكل أمنية وفتن طائفية، ونشر للإرهاب الداعشي والإيراني في كامل المدن العراقية، وحتى حين تقرر أمريكا خروج قواتها العسكرية -وقوامها 2500 جندي الآن- من العراق، فإنها تخرج بشكل مأساوي بعد أن مكنت وعززت قوة المليشيات الإيرانية للسيطرة على العراق بأكمله!

حاليًا تتكرر الحالة الكارثية في انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والذي بدأ منذ مطلع مايو الماضي، وسوف يُستكمل الانسحاب الأمريكي من هناك في 11 سبتمبر القادم.. الأمر الذي شجع مليشيات طالبان المتشددة على التحرك من الآن لاحتلال المدن الحدودية، فقد سيطرت حركة طالبان يوم الثلاثاء الماضي على أبرز معبر حدودي مع طاجيكستان معبر شيرخان، وهو محور حيوي في العلاقات الاقتصادية مع آسيا الوسطى. قال ضابط في الجيش الأفغاني: «إن حركة طالبان بدأت الهجوم في الليل، وفي الصباح كانوا في كل مكان بالمئات.. لقد اضطررنا إلى التخلي عن كل مواقعنا، وكذلك المعبر الحدودي (شيرخان)، وعبر بعض جنودنا الحدود إلى طاجيكستان لكي يحتموا هناك»، بينما قالت ممثلة مجلس الأمن بالأمم المتحدة ديبورا لايونز: «إذا استمرت الحملة العسكرية لطالبان فسيكون ذلك مأساويا.. حيث سقط أكثر من خمسين من أصل 370 إقليمًا منذ بداية مايو، وغالبية الأقاليم التي تمت السيطرة عليها تحيط بالعواصم الإقليمية، ما يعني أن طالبان تتموضع في محاولة للاستيلاء على هذه العواصم ما إن يُنجز انسحاب القوات الأجنبية».

إذن الصورة تبدو واضحة جدًا.. إن انسحاب القوات الأمريكية والقوات الأطلسية من أفغانستان في 11 سبتمبر القادم من دون ترتيبات أمنية مع حكومة كابول يعني حتمًا هجوم القوات المسلحة لحركة طالبان المتشددة على كل المدن الرئيسية والحدودية، بما في ذلك العاصمة كابول وطرد الحكومة من البلاد، إن لم يكن مصير وزرائها القتل على أيدي طالبان! هذه الحكومة الأفغانية التي كانت تعتبرها أمريكا صديقة وحليفة لها في أفغانستان لسنوات طويلة!

لكن ليس هذا هو الخطر الوحيد الذي يُقلق دولا كثيرة مجاورة لأفغانستان، ودولا أوروبية أيضًا، بل الخطر الأكبر هو أن تتحول أفغانستان من جديد إلى «ملاذ آمن» لكل الجماعات الإرهابية في العالم، منها (داعش والقاعدة)، بعد أن تسيطر عليها حركة طالبان، بل قد تستضيف طالبان مليشيات وجماعات مسلحة ومتطرفة من دول آسيوية وآسيا الوسطى والدول العربية، مع احتمال عودة (الأفغان العرب) إلى المشهد السياسي من جديد، بما يحمله ذلك الملف الإرهابي من دمار وإرهاب وقتل للأبرياء في الدول العربية مثلما حدث سابقًا.

إذن أمريكا سوف تنسحب من أفغانستان تاركة خلفها براميل متفجرة من عناصر إرهابية تحكم المنطقة، وتصدر دمار الجماعات الإرهابية إلى الدول الأخرى، ومثلما ستترك العراق فريسة للمليشيات الطائفية الإيرانية، ستترك أيضًا أفغانستان فريسة لحركة طالبان المتطرفة، وملاذًا آمنًا للإرهابيين من مختلف دول العالم.. باختصار القوات الأمريكية حين تدخل أي بلد يصاحبها الفوضى والدمار، وتذكروا «سجن أبوغريب» في العراق والفضائح التي ارتكبتها هناك، وأيضًا تحدث خلفها «الفوضى غير الخلاقة» حين تخرج قواتها من تلك الدول.. العراق وأفغانستان ساحتان للاختبارات الأمريكية الحديثة.. العراق باعته أمريكا لإيران بدون ثمن! وأفغانستان باعتها أمريكا لحركة طالبان مجانًا!.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *