عبد الجبار الجبوري
مازال غبار معركة سنجار لم ينته ،ويتصاعد بقوة على تخوم مدينة الموصل ،التي تنتظر هي الاخرى دورها لمعركة يريدها فاصلة البنتاغون ،فما هي حقيقة معركة سنجار وماهي اهميتها العسكرية والإستراتيجية على معركة الموصل ، وكيف تنظر اليها حكومة العبادي ووزارة دفاعه وجيشه ، وهو يرى مجموعة صغيرة جدا من قوات البشمركة تقدر اعدادها (7500) مقاتل ،ان تحرر مدينة عراقية كبيرة بظرف ساعات ، في حين مضى على التحضير لمعركة الفلوجة والانبار اكثر من سنة دون ان تتجرأ قطعات وزارة الدفاع والحشد الشعبي والطيران العراقي والأجنبي والذي تقدر اعدادهم اكثر من مائتين وخمسين الف مقاتل في قواطع الانبار، من دخول مدينة صغيرة كالفلوجة، هذه الاسئلة هي الان يتداولها الشارع العراقي ، بسخرية شديدة ،ويلقي اللوم كله على من يقود الجيش والحشد في مواجهة تنظيم داعش، في تأخير تحرير المدن والقصبات العراقية التي تسيطر عليها داعش منذ اكثر من عام ، بالرغم من ضآلة اعدادهم ازاء اعداد الجيش والحشد الشعبي ،ولكي نضع الامور في سياقها الطبيعي على الارض ، ونحن هنا نحلل الأحداث لا نقيمها ، علينا قراءة المعركة الجيوسياسية في سنجار ، ومعارك الجيش والحشد الشعبي في الانبار والفلوجة وحتى في البيجي ،والحويجة والشرقاط وغيرها ، مع اختلاف طبيعة الارض والأهداف والية وخطط المعركة وقادتها ، وكيفية اختلافها جذريا عن معارك وزارة الدفاع ، فالرغم من ان معركة سنجار لم تنته،ولكن نتائجها واضحة وشاخصة على الارض،فالذي يقود المعركة هو قائد واحد هو السيد مسعود البرازاني ،وهو من يصدر الاوامر العسكرية ، لجيش واحد هو قوات حرس الاقليم(البشمركة ) مع متطوعي قوات حماية الشعب ، وغيرها ، تحت حماية جوية مسيطرة على ارض المعركة ، يضاف الى ذلك واهم عناصر (نصر القوات) هو ان من يقاتل هنا له( قضية وهدف مقدس ) ،هو تحرير مدينة تقطنها طائفة تعرضت الى ابشع جريمة في التاريخ ألمعاصر من قتل وسبي وتهجير ومحو وتدمير مقدسات ، مع ثأر مؤجل لقوات البشمركة مع داعش التي هزمها في العام الماضي ، ويشعر الان بعقدة الذنب مع الطائفية الايزيدية ، ويريد ان يعيد لها الكرامة والشرف ألمهدور وهذه كلها مؤثرات ايجابية لنزع روح النصر من الطرف الاخر المدافع عن قضية خاسرة ، لا ناقة له فيها ولا جمل ، إلا لان سنجار طريق دولي استراتيجي يؤمن له التنقل بين سوريا والعراق بحرية مطلقة لتحقيق اهدافه البعيدة المدى في (الفتوحات) التي يروم توسيع ارض(الخلافة ) من خلالها ، في مشروعه الكوني اعلان (الخلافة الاسلامية ) وإخضاع العالم كله لهذه الخلافة المزعومة ،لذلك هو يقاتل في سنجار بروح خشبية ، لا تشكل عنده اية هدف روحي مقدس يدافع عنها كما هم الاخوة الايزيديون ،عدا الاهداف السياسية للإقليم الذي اعلن عنها السيد مسعود البرازاني حينما زار سنجار قبل عام وقال (ان من يحرر الارض هو صاحبها الشرعي لأنه سقاها بدماء ابنائه)، في اشارة واضحة الى الحاق سنجار والمدن التي تدخلها قوات البشمركة الى اقليم كردستان ، ولا نريد ان نفصل هنا في جدية وقانونية مثل هكذا تصريحات تسويقية اعلامية لرفع المعنويات ،اكثر مما هي قانونية ،ترتبط بقوانين دولية واتفاقيات جنيف وغيرها، اضافة الى ما حدده دستور بريمر بعد ألاحتلال والذي يعد باطلا اصلا، لأنه خرج من رحمه وكتبته اياديه ألقذرة ومع هذا هناك فقرة دستورية حددت المناطق (المتنازع عليها)، وهي فقرة الغت نفسها بنفسها واعتبرت ملغاة، مع شديد احترامنا وتقديرنا للدماء الكردية ألعراقية التي تسفك هنا وهناك من اجل وحدة وسيادة ألعراق وبالرغم من ان معركة سنجار لم تنته للان ولكن نتائجها اصبحت حقيقة على الأرض واعتقد ستتطور المعركة التي وضع تفاصيلها الامريكان في اربيل ، وأوعز بها القائد الامريكي للجيوش من مدينة مخمور التي زارها اول أمس اذن التخطيط الامريكي والإستراتيجية الامريكية الجديدة التي اعلن عنها البنتاغون ،هي من تطبق على الأرض وها هي نتائجها الاولى تتحقق بنجاح على الارض لتوفر عناصر انجاحها هنا في سنجار والموصل ، وفشلها في الفلوجة والانبار، لماذا هنا سنفصل ، ونقول ، ان يخطط في الفلوجة والانبار هم قادة الحشد الشعبي وبعض قادة الجيش من ضباط ألدمج هذا اولا ،ثم ان تفرد قادة الحشد بالأوامر والقرارات وتهميش الجيش وقادته هو احد اسباب فشل تقدم وتحرير المدن ، ومعنى هذا ان الخطط العسكرية الفاشلة التي يضعها الحش دون خبرة عسكرية وعزل القادة العسكريين من اصحاب الكفاءات والخبرات العسكرية في حرب المدن ، هو احد اسباب اخفاق وزارة الدفاع في تنفيذ المهمات الموكلة لها ، ويبقى الانجاز العسكري محدودا وبلا قيمة عسكرية إستراتيجية كما هي في تحرير مدينة بيجي ومقترباتها من القرى الهامشية التي ليس لها اهمية عسكرية وجغرافية للتقدم نحو الموصل اوالشرقاط التي تقدر بحجم وأهمية سنجار ، يضاف الى ذلك ان الحشد الشعبي مخترق بميليشيات لها اجندة طائفية معروفة، اثبتت فشلها في عملية تحرير تكريت ، حيث تجلى البعد الطائفي الانتقامي الثأري بأبشع صوره في نبش القبور وتفجير وحرق البيوت والجوامع وغيرها ، اذن هنا يحضر الهدف الطائفي من ألعمليات ولهذا منع الامريكان الحشد الشعبي من دخول الفلوجة والانبار، وإصدار اوامر الى العبادي بسحبهم من الخطوط الامامية ، وحدث الازمة بين الحشد الشعبي (رسالة ابو مهدي المهندس للعبادي التحذيرية )، وبين الحشد الشعبي والأمريكان وتهديدات المهندس والعامري للجيش الامريكي ،وهذا احد اسباب فشل الحشد الشعبي والجيش من تحقيق اي تقدم نحو المدن والقصبات التي يسيطر عليها داعش في الفلوجة والانبار والحويجة والشرقاط، لعدم توفر عناصر النجاح والتفوق، رغم وجود الاعداد الهائلة من ألمقاتلين والأسلحة الحديثة المتطورة والطيران الجوي الامريكي للتحالف الدولي وكل مستلزمات (النصر)، إلا التخطيط وتنوع مصدر الاوامر والقرارات كسب الحاضنة على الارض مع شرعية وقدسية (هدف التحرير )، وهو ما يفتقده الجيش والحشد الشعبي ، لأنه لا يقاتل عن عقيدة هنا إلا( العقيدة الطائفية الانتقامية المستوردة من ايران )، لهذا كله، غيرت ادارة اوباما استراتيجيتها اكثر من مرة هناك ولم تنجح وقد نجحت في سنجار ، وستنجح في ألموصل طالما توفرت عناصرها العسكرية واللوجستية هنا وإخفاقها هناك ، معركة سنجار بوابة لتحرير الموصل ،بكل تأكيد ، وتحتاج الى وقت فقط لتحقيق هذا النصر وربما سيطول اشهرا قليلة ولكنها مضمونة ألنتائج وهو ما تريده وتعمل عليه الان امريكا في حربها الطويلة على داعش، فلا تستعجلوا قطاف النصر بدون تضحيات كبرى .