أمريكا والحوار الإستراتيجي مع العراق

أمريكا والحوار الإستراتيجي مع العراق
آخر تحديث:

بقلم:عبد الجبار الجبوري

ينطلّق في التاسع من حزيران المقبل، وعلى مستوىً رفيع ،الحوارالإستراتيجي بين العراق وأمريكا المرتقب،ويعدُّ الحوارالأخير بينهما،قبل أن تتخّذ إدارة الرئيس ترمب قرارات مصيرية ضد العراق،منها إنهاء عمل التحالف الدولي بقيادتها ضد داعش ،وغلق السفارة وجميع القواعد العسكرية،وقطع العلاقات الدبلوماسية ،واعادة العراق الى الفصل السابع،وجعل العراق في الخندق الأيراني،فماهي الشروط التي ستفرضها ادارة ترمب على مصطفي الكاظمي في الإجتماع، وكيف سيتعامل العراق معها، لاسيما وإنها شروطاً تعجيزية بالنسبة للعراق وإيران معاً،هذا وقدخيرّت إدارة ترمب على لسان وزير خارجيتها ماك بومبيو،بين الحوار معها، وبين إنهيار إقتصادها بالكامل،وهذا أخطر تحذير تطلقه الادارة الامريكية لإيران منذ حصارها، في حين تعمل إيران بكل طاقتها ،على إفشال هذا الحواربكل طريقة، لأنها ورقتها الوحيدة، التي بقيت بيدها،بعدما حجّم نفوذها في سوريا والعراق ولبنان،ولهذا فدعم مصطفى الكاظمي ،وفرضّهُ على أي مرشح موالٍ لإيران، هو تمهيد ليوم الحوار،فإيران تعتبر الكاظمي رجل أمريكا في الغراق،وقبلتْ به كأمر واقع ومفروض،بعد إستطاعتها استبعاد عدنان الزرفي،اليوم الكاظمي إستلم السلطة،وإتخذ قرارات مهمة جداً ،وبتوجيه ودعم امريكي وبريطاني لامحدود،إضافة الى الدعم العربي والتركي والاوروبي،واولى القرارات ،تشكيل وزارة من شخصيات تكنوقراط،ولاتنتمي الى أحزاب موالية لايران،واهمها وزارتا الدفاع والداخلية البالغتا الاهمية بالنسبة لمريكا، وثاني الخطوات الجريئة، هو الانفتاح الى دول الخليج العربي، وأولها السعودية،لإعادة العراق الى محيطه العربي ،وتخليّصه من نفوذ إيران وأذرعها،وقد حققت زيارة الوفد العراقي،نجاحات مهمة جداً،وإتفاقات مهمة مهدّت لعودة العلاقات،بدأها من السعودية، التي فتحت أذرعها وخزائنها للعراق، السياسية والمالية والتجارية وأولها الطاقة والغاز،وبعدها الكويت التي أعفّت بغداد من بقيّة تعويضات دخول الكويت، لأكثر من ثلاثة مليارات،ثم مملكة البحرين التي تعهدّت، بدعم الكاظمي بكل ماتملك وكذلك الإمارات،وعلى الصعيد الداخلي، إتخذ قرارات مهمة آنية، تؤّشر بلا شك، جديتّه، وإصراره على الإبتعاد عن النفوذ الايراني، وحل الميليشيات والحشد الشعبي، وحصر السلاح بيد الدولة، الذي ينتظر قراراً امريكياً وبريطانياً مُلزماً للعراق، في إجتماع حزيران،كأحد شروط الحوار الإسترالتيجي،إذن بداية الكاظمي كانت رسالة واضحة على قدرته على مواجهة التغوّل والتغلغّل الايراني، وإنهاء نفوذه في العراق، بأية صورة كانت،ومهما تكن التضحيات، بالرّغم من أن الكثير من المتابعين والمراقبين، يعتقدون عكس ذلك،العراق مقبل على تغيير واسع، يبدأ من الحوار الإستراتيجي يومي 9 و10 حزيران، هذا الإجتماع تديره إدارة ترمب، وترعاّه وتدعمه وتشرف عليه بريطانيا ، وتباركه المانيا وفرنسا،وتنتظره دول الخليج العربي بفارغ الصبر، كما ينتظره العراقيون، فهذا المؤتمر المصيري للعراق والمنطقة ،سيحدّد شكل العلاقة النهائي، بين العراق وأمريكا، فإما يعود العراق الى حاضنته العربية،ويتخلص من هيمنة إيران ونفوذها وميليشياتها،وإما سيبقى تحت الاحتلال الإيراني الى الابد،والمعضلة الرئيسية أمام نجاح الحوار بالنسبة للعراق،هوعدم وجود وزير خارجية ،كمحاور ودبلوماسي محترف ،يواجه وزير الخارجية بومبيو كندٍ،مثل الراحل طارق عزيز،لهذا أعتقد أن مصطفى الكاظمي،هو من سيتوّلى المهمة،التي خططّت لها إدارة ترمب قبل إستيزاره،فإدارة ترمب قد أعدّتْ نفسها جيداً ،ووضعت شروطاً شبه تعجيزية أمام الكاظمي، ولكن هذه الشروط مدعومة، بقوة سياسية وعسكرية التنفيذ مسبقاً،وأبرزها هي حلّ الحشد الشعبي وهيكلته ،بما يتلائم مع دوره في مواجهة تنظيم داعش وضمان حقوق أفراده،وعدم تجاهل تضحياته، وحلّ الميليشيات وتسليّم سلاحها للدولة،وإحالة زعماؤها الى القضاء، ومن الشروط إحالة كبار حيتان الفساد، من زعماء الأحزاب وأعضائها ورموزها وغيرهم الى القضاء، وإحالة مسببّي سقوط الموصل وجريمة سبايكر وغيرها الى القضاء،وإنهاء أي علاقة مشبوّهة مع إيران، كتواجد حرس ثوري وميليشيات تابعة له ،تضرّ بالمصالح الإستراتيجية الأمريكية المستقبلية ،وتهدد وجودها في العراق،إضافة الى ضمان التواجد العسكري، والجوي والإستخباري للتحالف الدولي بقيادة أمريكا في العراق ،ومن الشروط الاخرى ،إحالة قتلة المتظاهرين الى القضاء ،وإحالة من أعطى لهم الأوامر، وفي مقدمتهم عادل عبد المهدي، وعصابته من قناصين وميليشيات فوق سطوح العمارات والابنية ،وإطلاق سراح المعتقلين الابرياء، وسياسيو الرأي، وإلغاء قرارات بريمر كلّها، وعودة الحياة الى ما قبل الغزو الأمريكي،كإعتراف بخطأ الحرب على العراق، الذي قاده المجرم بوش الابن، ضد العراق بتبريرات وذرائع، ثبُت كذبها وتلفيقّها ضد العراق، لتضلّيل وخداع الرأي العالمي ، أعتقد وأعوّل على الحوار الإستراتيجي هذا، وقد ظهرت بوادره، بقرارات الكاظمي، بالإنفتاح على المحيط العربي، وإطلاق سراح المتظاهرين،وتوعّد الميليشيات الخارجة عن القانون، بالمواجهة والملاحقة، وقد فعل في البصرة، وجرُّ أذن حركة ثأر الله،وغيرها من الإجراءات، التي عّبر الشارع العراقي عن الارتياح لها ،ولكنْ السؤال المُلّح هنا، هل سينجحُ الحوارأمام الضغوط الايرانية وتهديدات ميليشياتها ، وهل ستسكتْ إيران وميليشياتها عن كل هذا،نجزم أن ايران وأذرعها وتوابعها ومريدوها ،وميليشياتها وحرسها الثوري في العراق، لن يسكتوا أبداً، وقد هدّدوا من قبل، وأمس كان تصرّيح وتهديّد ،زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي ،مباشراً ضد مخرجات الإجتماع والحوار والكاظمي شخصياً،فماذا بوسعهم أن يفعلوا، وقد أعدت امريكا وحلفاؤها أسباب نجاح الحوار، ولهكذا تهديدات،فالنفوذ الايراني الآن في أضعف حالاته في العراق والمنطقة والعالم، بعد أن صارت منبوذة محتقرة في نظر العالم كله، بسبب تغوّلها ودعمها للإرهاب، والتلوّيح بأذرعها المتغوّلة في المنطقة، كحزب الله والحوثي والميليشيات العراقية ،خاصة بعد وضع حزب الله على لائحة الارهاب في عموم أوروبا،فأقصى ما ستفعله وتنفذّه ميليشياتها في العراق،هو قصف عشوائي للقواعد الأجنبية والسفارة الامريكية، وإستهداف جنودها وشركاتها ، بعد أن فشل السيناريو الايراني الاخطر، والذي كان الحرس الثوري وفيلق القدس والميليشيات ، ينوّي تنفيذه ،قبل مقتل سليماني والمهندس في حادثة المطار، وهو تطوّيق وأسّر طاقم السفارة الأمريكية وقاعدة عين الاسد،كما حصل في إقتحام وحتلال سفارة أمريكا في طهران، بُعيّد مجيء خميني للسلطة،إن عملية المطار ومقتل القائدين ،قد قصم ظهرإيران في العراق والمنطقة، وأبرَكَها وميليشياتها على الارض،ولم تقمْ لهم قائمة الى الأبد،هكذا خططّت إدارة ترمب، لوأد نفوذ إيران، وسيناريوهاتها في العراق خاصة، نعتقد الحوار سينجح أيمّا نجاح، لأن التحضيرات الأمريكية له، في اقصى درجات إهتمامها، فهو ليس مصيرياً للعراق فحسب، وإنمّا مصيرياً لأمريكا، لهذا نعتقد أنّ درجة النجاح عالية جدا، وستخرج من الحوار قرارات مصيرية، تغيّرشكل المنطقة كلّها، وليس العراق فقط، ماسيتمخض عنه الحوار، سيلقي بظلاله على دول المنطقة ،وخاصة السعودية التي تعوّل عليه أكثر من أمريكا، لهذا فتَحتْ خزائنها كلهّا للعراق، يتطّلع العراقيون الى الحوارالإستراتيجي ،بوصفه المُنقذ من الضّلال، خاصة وأن الغريق يبحث عن قشّة ،يتعلق بها وينجو من الغرق،هكذا هو حال العراقيين، وربما لايدرك الآخرون في خارج العراق، الكارثة التي يعاني منها العراقيون،من تغوّل وظلم وإرهاب النفوذ الايراني، وميليشياته وسلطته الطائفية وأحزابها التي دمرت العراق واحرقته ،بإحتلاله للعراق، نعم الحوارالإستراتيجي الأمريكي – العراقي،هو الأمل الأخير للعراقيين ولا عراق بعده….

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *