من غير المنطقي إن يرى المرء العملية الصحفية والإعلامية في العراق بأنها عملية سهلة ويمكن أدارتها بأبسط السبل واقصرها واختزالها ، بل هي عملية معقدة لها أهداف ووظائف ولغة خاصة تستطيع الوصول إلى قلوب السياسيين في العراق قبل آذانهم أو مسامعهم وعيونهم لهذا عرفت مدن العراق قبل غيرها إن مستقبل العراق يقوم على الأعلام الكاذب .
والمعلومات المفبركة ، على عكس الادعاء الذي يسوقه البعض من أن الأعلام سرقة قدرات وجهود ومتابعة مهنية , وهذا ما حدث في مدن العراق كافة من فوضى إعلامية وصحفيةويبدو إن أصحاب مثل هذا القول ولا يمتلكون المعرفة الكافية بقواعد المقارنة بين الأعلام العلمي القائم على الارتجال والخطابة والشجاعة , فهم بهذا يرون أن الاتصال والإعلام ومدنها التي شهدت العديد من المعارك بات العمل الصحفي فيها شبه معدوم و البقية القليلة من الصحفيين باتوا يعملون بصورة وقتية مما جعلهم يعيشون في واقع أشبه بالواقع الصعب .
يعيش اليوم اغلب الصحفيين العراقيين خارج مدنهم والبعض من هؤلاء ترك العمل خوفا على حياته أو عائلته ، مما جعل مستواهم الاقتصادي وحبهم للعمل يتراجع ، لم تكن رصاصات المسلحين آنذاك وحدها تستهدف وتقتل الصحفيين في العراق , بل كانت القوات الأمريكية تشارك المسلحين في قتل الإعلاميين واعتقالهم ومنعهم من تغطية الأخبار الساخنة في مدنهم وهم لا يعملون الآن وبعيدون كل البعد عن العمل بسب المتطفلين على العمل في الوقت الحاضر .
وعلى كل حال فان الواقع الذي يعاني منه صحفيو العراق ، اتهامهم بالولاء إلى الجماعات المسلحة أو عملهم في القواعد الأمريكية المحصنة ، ولم يعد يعرف الصحفي بأنه ذلك الشخص الذي يعمل في مهنة المتاعب لكي ينور الآخرين بالحقيقة , وهنا أحب إن اصف الأوضاع في العراق بالصعبة ويقول نحن نعيش في معتقل كبير وأصبحنا في عداد ألموتى ، عملنا مقيد ولا توجد حرية في مزاولة عملنا ونحتاج الكثير من الفرص لإيجاد عمل , ولكن بحيادية على ترك العمل رغم أنوفنا , وهنالك عدد كبير من الصحفيين في العراق أصبحوا عاطلين عن العمل اليوم .
بسب قلة إصدار الصحف المهنية وبعض الصحف ومع الأسف الشديد تصدر اليوم عن طريق المقاولات الرخيصة على أيدي الدخلاء المتطفلين , وان العمل الصحفي في العراق بات من أصعب المهن و يواجه تهديدات الجماعات المسيطرة من الكتل العشائرية الكبيرة التي امتهنت السياسة والمقاولات على واقع العراق , مما زاد خوفي علي حياتي وحياة عائلتي فضلا عن إن المحطات والمؤسسات الإعلامية , لأفكار معينة يزيد الطين بله بالنسبة للصحفيين الذين يعملون في تلك المؤسسات الإعلامية التي لا تتعامل بحياد في نقل الخبر وبعضها الأخر متحزبة وتميل إلى حزب أو كتلة سياسية معينة دون الأخرى , ومن الخطر جدا التعامل معها هنا في العراق .
وكافة الزملاء يلقون اللوم على الجهات الحكومية والمؤسسات العراقية المعنية بشؤون الصحفيين ويقول بأنها لم تقدم لنا أية تسهيلات ولم تتواصل معنا ، نحن بأمس الحاجة إلى الاندراج في العمل الوطني والمهني والأخلاقي بعيدا كل البعد عن الخنوع والخضوع والمجاملات والمحاباة وأننا لا نتبع لجهة معينة , وباتت العراق معزول عن العالم بسبب الأوضاع ، فلا صحيفة مهنية تصدر في هذه البلد إلا الصحف الحزبية الخاصة , وان كل ما يجري هنا لا ينقل بصورة حيادية منصفة .