أوصـل الكـذاب إلـى البـاب … بقلم د. عمران الكبيسي

أوصـل الكـذاب إلـى البـاب … بقلم  د. عمران الكبيسي
آخر تحديث:

 الود لو أن الجيران خلف الخليج يرشدون فنحمي ظهورهم ويسندون ظهورنا، ولا يفسد الاختلاف للود قضية، بالعكس نأمل ونحلم أن يصلح الله الحال، والتعاون بيننا وبينهم مكسب بدل الشحناء والبغضاء، وليس لنا معهم ما يفسد التوافق والترافق، ولكم دينكم ولي ديني، ويا دار ما دخلك شر، وهي فرصة، وفرص التآلف نادرة، فهل يستغل الإيرانيون انتخاب رئيس جديد، وعدهم ومناهم بطي صفحة سوداء وفتح أخرى بيضاء؟ وهل يفي الرئيس بوعوده في استعادة اللحمة بين العرب وجيرانهم الفرس؟ إن أخوة الدين لو صلحت السرائر ما أحلاها من أخوة!، لقد رحبت المملكة العربية السعودية والبحرين وسائر الدول العربية بانتخاب الشيخ روحاني رئيسا لإيران، وبادرت الجامعة العربية بعطف نظره إلى ضرورة رتق الشق، وتصفية الأجواء واستعادة الثقة، ولو كانت إيران على صفاء ووئام صادق مع العرب لاستطاعت تجاوز الكثير مما تلاقيه اليوم في مجال تراجع الاقتصاد، والعزلة السياسية، والتهديدات الخارجية.

نقول ما قلناه على سبيل التمني، وأيدينا على صدورنا، فمن تلدغه الحية يخشى جر الحبل، ويا ما لدغنا بل هشموا لحمنا بأنيابهم ومخالبهم، وما زالت أيديهم ملطخة بدمائنا، ويفترض ألا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ولذلك أرجو أن لا ينتظر العرب طويلا ولا يصبروا كثيرا، المقال يقرأ من عنوانه، وبدءا لو مشى روحاني خطوة نحو طلب ود العرب بصدق فلا بأس بل من الضروري أن نرد التحية بأحسن منها، ولكن ما نكرهه فيهم أسلوب أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون، وما عدنا نحتمل يصافحونك بيد ويطعنونك بأخرى، وما بات ينطلي على احد.
 وبكل صراحة التوقعات غير مطمئنة، والسيناريوهات المحتملة متعددة المخارج، فلا يظن السيد روحاني أنه اشطر من غيره، فكثيرا ما ينقلب السحر على الساحر، والذكاء المفرط كثيرا ما ينقلب على صاحبه وبالا، ومسرحية انتخابه باتت تحتمل أكثر من وجه وتأويل. بعد أن بدت لدى العارفين بجبلة الفطرة الفارسية سيئة الإخراج والتمثيل. شواهدنا الجزر الإماراتية مازالت أسيرة لديهم رغم تواتر الرؤساء وتبادل الزيارات وتعاطي القبل، وتآمرهم على دول الخليج وتهديدهم لأمنه لا يحتاج إلى دليل، و تخريب المياه العراقية وتلويثها، وقضم الأراضي وسرقة النفط مستمرة، رغم سياسة الحكومة العراقية الموالية لإيران على مبدأ مولانا أمرك ولا خجل ولا حياء. ومواقف الشاطر حسن وحزب الله في لبنان وسوريا مفزعة، والتبرعات والمساعدات التي قدمها العرب لبناء المناطق الشيعية التي تضررت في لبنان ارتدت إلى صدور أهلنا السوريين رصاصا. 
ومن يصنع المعروف في غير أهله      يكن حمده ذما عليه ويندم
إن أكثر ما نخشاه أن يكون تبادل المراكز لعبة سياسية، وخصوصا إذا كنا نعرف جليا ماذا يُبيت السيد المرشد تحت عمامته، فالواقع لا يشير الى أن المحافظين بعد أربعين سنة من التجارب باتوا سذجا إلى هذا الحد الذي يواجهون به المرشح الإصلاحي بأربعة مرشحين محافظين تشتت أصواتهم، فهل تعيش إيران هدنة على دخن؟ أم يا ترى تصور المرشد بخطته يجيد لعبة الشطرنج وتحريك قطعها كما يهوى؟ لقد كش كبيرهم ومن علمهم السحر، ثم الرئيس وأصهاره، والوزير وحاشيته، ليأتينا بصقر بهيأة حمامة، وما محافظ ومعتدل وإصلاحي إلا أسماء سموها هم ودهاقنتهم يغشون بها الأبصار، فمرشد الثورة عارف إن كان الرئيس القادم إصلاحيا أم محافظا، مفاتيح الأبواب المغلقة في جيبه، ولسان حاله يقرأ تغريدة مسيلمة الكذاب: يا ضفدعة نقي ما تنقين، فلا الماء تكدرين، ولا الشارب تمنعين. وحال الرئيس الإيراني القادم كما أراها صورة بلا صوت.
لا احد ينكر حكمة الفرس ودهاءهم، ولذلك نتساءل ماذا أراد ورثة بني ساسان بمشهد تبسيط إجراءات انتخاب روحاني رئيسا، هل شعروا بالخطأ والحرج والخطورة بحيث آثروا دفع روحاني إلى الواجهة وسيلة تمنحهم العذر والذريعة للتراجع قليلا بقصد جر الأنفاس وتهدئة خواطر المعارضين واستخدامه حقنة مخدر استعدادا لجولات قادمة؟ أم هي رغبة حقيقية في التغيير ورسم خارطة طريق جديدة مغايرة لما سلف؟ وما الاستفتاء إلا خطوة ديمقراطية في ظاهرها بينما هي مكر كائد، ولو سلمنا أن انتخاب الرئيس حسم بالضربة القاضية من أول جولة، وأن المسار كان طبيعيا، ورصيد المحافظين تراجع وفي طريقه إلى الانهيار، وما هي إلا مفاجأة غير منتظرة، فهل سيستطيع المعتدلون تصحيح المسار كما وعدوا؟ في الواقع نحن أمام مفارقة تجعل المحللين يضربون أخماسا بأسداس. أهي عن ذكاء أم رمية من غير رام؟ أما رأيي الشخصي فذيل النمر أو ذيل الكلب نقع في الماء أربعين يوما وما استقام، ودعونا ننتظر أربعينية ملا روحاني، وأية فاتحة للكتاب سنقرأ بعدها، فاتحة صداق أم موت وفراق بلا رجعة؟ ونكون أوصلنا الكذاب إلى باب بيته.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *