تشكل معركة الموصل بكل صفحاتها العسكرية والسياسية ،تحديا كبيرا لادارة الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترمب،وأولى بوادر هذا التحدي ،هو انعقاد مؤتمر جنيف لقادة السنة العرب في العراق ،رعاه المعهد الاوروبي للسلام ، وحضرته شخصيات مهمة غير رسمية ،اقترحتها ادارة ترمب ،ومنها ديفيد بترايوس رئيس وكالة المخابرات الامريكية السابق،ورئيس وزراء فرنسا السابق دومينيك دوفلبان،ومدير الطاقة الذرية السابق محمد البرادعي، وحشد كبير من قادة الكتل والنواب والوزراء الحاليين والسابقيين في العملية السياسية ،وأبرزهم صالح المطلك واياد السامرائي رئيس الحزب الاسلامي واسامة النجيفي وغيرهم،فيما استبعد إياد علاوي واحمد المساري ،ورفض سليم الجبوري رئيس مجلس النواب (ربما لضغوط ايرانية )، المهم انعقد المؤتمر وانتهى الى توصيات ابرزها الدعوة الى اقامة الاقاليم الادارية ،واعادة اعمار البنى التحتية للمحافظات المدمرة من قبل داعش ، وانهاء حالة الاقصاء والتهميش وتوزيع الموارد ،وغيرها وهو في حقيقته ،ونقصد بالمؤتمر ،يبعث رسالة الى الاحزاب التي تحكم العراق، وتأتمر بأوامر ايرانية وتخضع لولي الفقيه الايراني ،وهي احزاب التحالف الوطني ،أن مرحلة ما بعد داعش ستكون مرحلة التغيير الجذري،وان الحكم لم يعد بيد (ايران)، تتحكم فيه احزابها على وفق اجندة ومشروع ايران الديني الكوني، وان التعددية وانهاء الدولة الدينية في العراق،هي أولى التغييرات في اجندة ترمب الخارجية ،كما اكد المؤتمر على حقيقة مهمة ورسالة الى العالم،والدول الاقليمية ،وهي ان السنة في العراق ،رقم صعب لايمكن تجاهله،ولايمكن استقرار العراق والمنطقة بدونه ، والاهم انه الوحيد القادر على هزيمة تنظيم داعش ،في العراق والمنطقة كلها، كون المحافظات السنية كانت حاضنة لداعش ،وهي من سيقضي على داعش ،
وهو إعتراف خطير، ولو بعد خراب وتدمير العراق ،وتهجير الملايين من ابنائه ،وقتل الملايين منهم ، لذلك وضعت ادارة ترمب استراتيجية لمرحلة بعد داعش ،وهي تخوض معركتها الاخيرة معه في الموصل ، وهذه الاستراتيجية ، هي اعادة اعمار المدن التي دمرها داعش، وبناء قواعد عسكرية في العراق ،وفي الموصل تحديدا ، حيث هناك اربع قواعد عسكرية تبنيها امريكا ،وهذه القواعد هي لتواجد عسكري أمريكي طويل الامد،واليوم واثناء انطلاق معركة الساحل الايسر ،رغم تأخرها لحسابات امريكية ، نرى الحضور الامريكي العسكري طاغيا ،وجادا ، حيث تشترك القوات البرية الامريكية حسب تصريح وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس الذي يزور بغداد الان ، في صفحاتها رغم نفي حكومة العبادي،مع مشاركة جوية بطائرات الشينوك والخنزيرة والبي 52 وغيرها، ناهيك عن مئات المستشارين العسكريين ، وهذه اول مرة تشترك امريكا بهذا الجهد العسكري الكبير في معركة مع داعش في العراق، لانها تهيىء لمرحلة مابعد داعش ،وكذلك لان معركة الموصل ،هي معركة امريكا الاخيرة ،مع تنظيم داعش في العراق ، وبالرغم من أن معركة الايمن مازالت في صفحتها الاولى إلا أنها تبدو معركة سريعة وخاطفة في تقدم الجيش العراقي الى اهدافه بسهولة ،وان تقدم القطعات العسكرية في اطراف المدينة ،هو تمهيدا لاقتحامها من قبل جهاز مكافحة الارهاب والفرقة الذهبية وفرقة الرد السريع،التي أوكلت لها مهمة حرب المدن والشوارع،وهو ما ينتظر داعش ،الذي هو الاخر هيأ للمعركة أفضل قواته من الانغماسيين والانتحاريين الاجانب ،اضافة الى قوات النخبة وجيش دابق والعسرة ، وسيقاتل حتى الموت ،خاصة بعد تطويق الموصل من جميع الجهات من قبل القطعات العسكرية والحشد الشعبي والعشائري،في وقت ظهرت مبادرات سياسية ،من قبل رؤساء الكتل والاحزاب السياسية ، لمعالجة ما أفسدته هذه الاحزاب في العمل السياسي واوصلت العراق الى قاع الخراب والدمار والحرب الطائفية وتهجير الشعب وظهور تنظيم داعش الاجرامي بفضل سياستها الطائفية في السلطة ،وهذا ما إعترف به الرئيس باراكاوباما نفسه عندما وصف الحكم في العراق قائلا (ان نوري المالكي هوالمسئول عن كل ما جرى في العراق لانه طائفي ومسئول عن نشر الطائفية )، فأعلن السيد عمار الحكيم عن مبادرة للتسوية سميت بالتاريخية أو مباردة المصالحة الوطنية ن وحالما اعلنها تم وأدها وافشالها من قبل شركائه في العملية السياسة وتم رفضها ، وهي في حقيقتها ليست تسوية ولا تاريخية هي دعاية انتخابية واضحة ، لترميم البيت الشيعي ومسك التحالف الوطني من الانهيار ،وهاهو ينهار الان ويتفكك ويتشرذم ، اليوم ظهرت مبادرة اخرى من قبل السيد مقتدى الصدر تخص مدينة الموصل بعد داعش، وهي أيضا مبادرة عفا على بنودها الزمن ،ولاتحمل جديدا ،وانما هي إجترار لما هو مطروح سابقا ،من قبل المتظاهرين في اعادة بناء المدن واجراء مصالحة(وكأن الشعب بكل اطيافه زعلان عن بعضه)، ولم يجرؤ احد من المبادرين أن يفصح عن المصالحة التاريخية الحقيقية ،
خوفا من السوط ايراني ،مبادرة السيد مقتدى حسنة النوايان ولكن مكررة وينقصها الجرأة والاقدام ،وبارغم من انه طالب بانهاء ملف سقوط الموصل وجريمة سبايكر واحالة المقصرين الى القضاء(العادل)ن الا ان بقية البنود معروفة ولا تحتاج الى مبادرة ،بل ونسمعها يوميا من ساسة السلطة والاحزاب ،دون تنفيذ، ما نريد قوله هنا، أن من يريد المصالحة التاريخية ويبادر لتسوية تاريخية،أن لايستثني أحد مهما كان ، ولاينتقد الاخرين المطالبين بحقوقهم الشرعية والدستورية ،ويدول قضيته في مؤتمرات خارجية وبرعاية أممية ودولية، وتخون الحكومة واحزاب السلطة بمن يشارك فيها ،وينسى نفسه أنه هو أول من خان العراق ،وشارك في مؤتمر المعارضة الخياني في لندن لاسقاط وتدميرواحتلال العراق وغزوه وقتل شعبه، واليوم يتباكي ويولول على مؤتمر يعقد ليس لاسقاط السلطة والحكومة كما فعلت ما تسمى بالمعارضة السابقة ،وانما للمطالبة بالحقوق وانهاء التهميش والاقصاء،واقامة الاقليم ،وبالرغم من اننا لسنا مع هكذا مؤتمرات ولانؤيدها ،لانها تشرعن لحكومة انتجها الاحتلال ودستور كتبه الاحتلال وطائفية زرعها الاحتلال،لهذا نحن انتقدنا من شارك في المؤتمر وحضره ، أن المؤتمرات لاتنتج غير الكلام الفارغ والوعود الكاذبة ، أن الموقف الوطنية هي من يركع الاخرين للاعتراف بحقوقكم المشروعة المنتهكة من قبل السلطة ،ان ما نراه من حراك سياسي (سني)، لايرقى الى طموح شعبنا الذي شبع من المؤتمرات والوعود رخاوة المواقف وتذبذبها ،
وهؤلاء لايعملون من الا من اجل مصالحهم ومشارعهم ومغانمهم ومناصبهم، وهي مؤتمرات بزنز لاأكثر ، كما هو الحال في مؤتمر المعهد الاوروبي للسلام ،والذي قوبل بهجومات سياسية وتصريحات حكومية قاسية ،وصف فيها المشاركون بالخيانة العظمى ،وانهم لايمثلون الا انفسهم ، علما انهم ياركونهم في العملية السياسية ، على العموم ، الاستراتيجية الامريكية تعمل بكل قوة لمرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش ، في اجراء تغييرات جذرية في محاربة الاسلام الراديكالي المتطرف،في عموم المنطقة ، ابتداءا من العراق،كما صرح بذلك الرئيس ترمب وطاقم ادارته ، حيث وضع ايران وميليشياتها في لبنان والعراق واليمن وسوريا، على رأس قائمة الارهاب ،وقال وزير الدفاع الامريكي ان ايران هي راعية الارهاب الاولى في العالم،وان إيران هي رأس الافعى ،وان ايران هي من زعزع امن وسلم المنطقة والعالم ، وهكذا أفصحت الاستراتيجية الامريكية الجديدة،لمرحلة ما بعد معركة الموصل،وبعد القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، سيكون الهدف الثاني هو إيران وميليشياتها ، وهذا سيدخل المنطقة والعالم في حرب عالمية ثالثة مع ايران ،أو رضوخ إيران لاستراتيجية الرئيس ترمب،وهذا ممكن ولكنه مستبعد ،لان ايران دائما ما يتلبسها وهم القوة،وقوة الوهم ، فتقاتل بأذرعها في المنطقة،ولن ترسل حرسها الثوري وفيلق القدس للقتال ،فهناك الجيش الايراني الشيعي ،الذي اعلنه قادة ايران لانشاء امبراطورية فارسية وعاصمتها بغداد،وتقصد بالجيش الشيعي الايراني ،هم حزب الله وميليشيات الحوثي والميليشيات العراقية ،هو من سيقاتل نيابة عن إيران وهو ذكاء ودهاء ايران واستغفال لهذه الميليشيات بحجة الدفاع عن المراقد والاضرحة والمذهب ،وتضللهم وهذا ما يحصل الان في العراق وسوريا واليمن ، إستراتيجية امريكا ماضية الى نهاية الشوط ،في تحقيق مشروعها في اقامة الشرق الاوسط الكبير، إنها استراتيجية القوة الامريكية ،والتفرد في القرن الواحد والعشرين ليكون قرنا امريكا بإمتياز ….