يمرُّ وطننا العراق بمنعطفٍ تاريخي حاسم ، بعد سنواتٍ طوال من الاضطراب والخذلان والوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ , وما زال المواطن العراقي ، بعد أكثر من عقد ونصف على التغيير ، يدفعُ فاتورة الخلافات السياسية ، ويعيش تحت وطأة الانقسامات ، وغياب الأمن ، وتدهور الخدمات الأساسية ، حتى باتت مفردات الألم والحرمان جزءًا من يومياته ؟ لقد كنا ولا نزال نؤمن أن العراقيين ، بمختلف أطيافهم ، يحملون من القيم والمبادئ ما يجعلهم أهلاً لبناء دولة قوية ، عادلة ، موحدة ، قائمة على الحق واحترام الإنسان , لم يسجل التاريخ أن العراقيين شتموا خصومهم أو استباحوا دماء بعضهم، بل كانوا وما زالوا أبناء حضارة تمتد إلى آلاف السنين ، وأحفاد نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي علمنا أن الأخلاق أساس الحكم ، والوحدة طريق النصر، والتسامح باب العزة , ومع الأسف : فإن ما عشناه في السنوات الأخيرة ، من خلافات طائفية ، ومساومات حزبية ، وتوزيع للمناصب على أساس الولاء لا الكفاءة ، يؤكد أن النظام البرلماني الحالي لم يعد صالحًا لقيادة مرحلة البناء ؟ لقد أصبح مسرحًا للتجاذب ، ومعطّلاً للقرار ، ومنصة لتقاسم السلطة لا خدمتها ؟ – من هنا : أجدني مضطرًا (كمواطنٍ ) أولًا ، وككاتبٍ حريص على مستقبل هذا البلد .. إلى القول بصراحة : لا حل سوى العودة إلى الحكم الرئاسي ، الذي يُمكِّن الدولة من اتخاذ قرارات موحدة وسريعة ، ويمنحها القدرة على ضبط إيقاع الأمن، ومواجهة الفساد ، وتوفير الخدمات ، بعيدًا عن صراع الكتل واختلال التوازنات داخل البرلمان ؟ – إن العودة إلى الحكم الرئاسي ليست دعوة إلى الاستبداد ، ولا نكوصًا عن الديمقراطية ، بل هي محاولة لإنقاذ العراق من الانقسام ، وإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة الواحدة القوية ، التي لا يخضع قرارها لمساومات داخلية أو أجندات خارجية ؟ – نحتاج إلى قيادة مركزية : حازمة وعادلة ، تحفظ وحدة العراق ، وتعيد هيبة القانون ، وتحاسب الفاسدين ، وتمنح المواطن حقه في الحياة الكريمة , نحتاج إلى أن نغلق باب التناحر ، وأن نُعيد الاعتبار للإنسان العراقي ، لا لبطاقات الانتماء السياسي والمذهبي ؟ لقد تعب هذا الشعب من الوعود ، ومن الشعارات ، ومن الاجتماعات التي لا تُنتج إلا مزيدًا من الخلاف , وأصبح لزامًا علينا جميعًا أن نراجع أنفسنا ، وأن نرتقي إلى حجم التحدي ، وأن نُدرك أن تأجيل الإصلاح هو مشاركة في الخراب ؟إن العراق ليس مزرعةً تُنهب ، ولا غنيمةً تُقسَّم ، بل وطنٌ عزيز له شعب عظيم ، وعلينا أن نُحسن قيادته وإدارته ، وإلا فإن التاريخ لن يرحم المتخاذلين ، ولن يغفر لمن فرَّط في الأمانة ؟ – ختامًا : – أؤكد أن وحدة العراق هي أساس كل بناء ، وأن الحكم الرئاسي ليس غاية بحد ذاته ، بل وسيلة لإعادة إنتاج دولة قوية ، تصون الحقوق ، وتحفظ الأمن ، وتُعلي من قيمة المواطن , اللهم اشهد أني قد بلَّغت؟ واليه ترجع الأمور