يشهد النفوذ الايراني تراجعاً واضحاً في منطقة الشرق الأوسط ، بعد سلسلة الخسائر التي منّيت بها، أذرعه وميليشياته في العراق وسوريا واليمن ولبنان، على الصعيد العسكري والسياسي. أما على الصعيد الدبلوماسي فقد خسرت إيران أهم حليف إستراتيجي لها في المنطقة هو روسيا ، والتي تخلّت عن إيران بعد ألانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي ، والتفاهم الامريكي –الروسي في سوريا وتقاسم النفوذ هناك، وكذلك مطالبة بوتين من إيران الإنسحاب من الاراضي السورية ، إضافة الى تراجع الصين وتحييّدها .وأعقب هذه الخسائر وأهمها الانسحاب الامريكي هو الاتفاق النووي الايراني ، مع وضع (12)شرطاً أمريكية تعجيزياً للعودة للاتفاق النووي، وهي الشروط الاقسى في التاريخ ،حسب وصف وزير الخارجية الامريكية ماك بومبيو .صاحبَ هذه الشروط قرارات لوزارة الخزانة الامريكية وضعت فيه بنوك ومصارف وشخصيات نافذة في الحرس الثوري وحزب الله على لائحة الارهاب الدولي ، حتى شمل بنك البلاد العراقي الذي يملكه آراس حبيب الساعد الايمن لأحمد الجلبي، حيث تم وضعه مع البنك على لائحة الارهاب. وتم إبلاغه وإيقافه عن العمل من قبل حكومة العراق، وتهمته هي العلاقة ودعم الحرس الثوري الايراني ،والتعامل معه ،والتحويل المالي له . وآخراً وليس أخيراً، قرار الكونغرس الامريكي وضع ميليشيات عصائب أهل الحق ،التي يتزعمها قيس الخزعلي ،وميليشات حركة النجباء وحركة حزب الله العراقي، على لائحة الارهاب الدولي، في وقت أصبحت القوات الايرانية ،من حرس ثوري وحزب الله والميليشيات العراقية ،مكشوفة وتحت القصف الاسرائيلي اليومي ،لمواقعها ومقراتها والمطارات التي تتواجد فيها، دون أن يتسطيع أحد الرّد على الطائرات المغيرة ،مع الاقتراب على هزيمة الحوثيين في اليمن .كل هذه الهزئم الايرانية والتحجيم الايراني، بظرف شهر واحد فقط لاأكثر ،حتى تأتي نتائج الانتخابات العرقية للبرلمان ، وهزيمة الجناح الايراني المتمثل في قائمتي الفتح التي يتزعمها هادي العامري ،وقائمة دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي ،المخيبة لآمال حكومة طهران وملالي طهران وولي فقيهها، لتنهي الحلم الايراني. الذي كانت تعول عليه ،في كل من سوريا والعراق واليمن ، ليكون الهدف الامريكي القادم هو العمق الايراني، وتطبيق حرب خطة (نتروالالكترونية)، التي تسبق العمل العسكري للاراضي الايرانية إذا فشلت الحرب الالكترونية نترو ، والذي يتضمن حرباً ألكترونية ماحقة ضد طهران، يشمل توقيف كل الرادارات ومراكز القيادة والانترنيت والموبايلات واجهزة الاتصالات،وجميع الاجهزة الالكترونية في ايران في مفاعلاتها النووية ومعسكراتها وصواريخها الباليستية ،ومعاملها ومصانعها العسكرية الحساسة.وتوقفف كل أنواع أجهزة الاتصال الاخرى في عموم إيران . مع حصار إقتصادي مفّعل الآن وقاسٍ. وترحيل جميع الشركات العالمية الكبرى للنفط والغاز، والاعمار والتسويق وغيرها .وشلّ جميع أنواع الحركات الاقتصادية والزراعية والصناعية بكل اشكالها المدنية والعسكرية. مع تهيئة المعارضة ودعمها وتسليحها عسكرياً ، كمنظمة مجاهدي خلق وحركة الاحواز وابن الشاه رضا بهلوي وجماعته وحزب البلوش والحياة بيجاك الكردي ، وتطبيق سيناريو غزو العراق حرفياً في إيران ، فماذا بقي غير أن إيران تعول على الانتخابات العراقية ، وتريد أن تقايض إدارة ترمب في عدم تشديد قبضتها العسكرية والسياسية على ايران وهو خيار إيراني أخير في العراق، لذلك هي تعمل بجهود إستثنائية لتشكيل حكومة أغلبية سياسية يقودها نوري المالكي أو هادي العامري، لتحرج امريكا وتبتزها في العراق وسوريا، وترخي قبضتها عن حزب الله في لبنان .فإيران تستخدم ورقتها الاخيرة في العراق، وتضغط وتهدّد زعيم قائمة سائرون مقتدى الصدر الذي يمثل الان بيضة القبان لجميع القوائم والكتل وحتى الدول كأمريكا وإيران وتركيا ، فالجميع الآن يتودد للسيد مقتدى ، ويدفع لتشكيل تحالف كبيرخارج السطوة والهيمنة الايرانية ، وهذا ما تعمل عليه دول الخليج وامريكا وتركيا ، والقوائم المناهضة للتدخل الايراني في العراق. إذن اليوم الصراع على أشدّه بين أمريكا وحلفائها، وبين إيران وأحزابها وأذرعها في العراق، ومعركة الانتخابات والتزوير الذي يرقى الى فضيحة بجلاجل ، من قبل مفوضية الانتخابات التي تتكون من أحزاب السلطة بمحاصصتها الطائفية ولا إستقلاليتها ، قد ولدّت أزمة متفجرة بين البرلمان وبين المفوضية، فقرار مجلس النواب بإعادة العد والفرز بنسبة 10% والغاء نتائج كركوك وكردستان والخارج ، قد وضع العراق كله، على كف عفريت ، فهناك جهات خاسرة ومتنفذة ،تهدد بحرب أهلية ، وهناك تصريح لمفوضية الانتخابات تحذر فيه من حرب اهلية، والسفير الايراني يتدخل ويصرح بأن الوقت مبكرا لتشكيل حكومة عراقية ، وكأننا في طهران وليس العراق، مانراه الآن من سجالات وتصريحات وفضائح بطلتها مفوضية الانتخابات، التي إعترف كبار موظفيها بحصول تزويرعلني فاضح بالادلة الدامغة التي ترقى الى الجريمة والخيانة،سواء بأختراق أجهزة المفوضية الالكترونية وتهكيرها، أو في مخيمات النزوح ومراكز الخارج أو كما حصل في كركوك التزوير الواسع وأماكن ومدن أخرى ، وألآن ليس هناك حلولاً ، تفضي الى حل يرضي جميع الاطراف الخاسرة والفائزة ، وامام مجلس النواب حلاّن أحلاهما مر ّ لمفوضية الانتخابات، فالحل الاول هو إعادة عد وفرز جميع صناديق الاقتراع في العراق، وتشريع قانون بذلك يوم السبت، أو إلغاء الانتخابات وإقالة المفوضية ، وإعادتها مع موعد إنتخابات مجالس المحافظات .وعن طريق العد والفرز تحديداً. وهذان الحلاّن يضعان المفوضية ومجلسها في موضع الاتهام والمحاكمة وتثبيت جرم التزوير والاحالة الى القضاء، إذن الجميع في ورطة حقيقيةونفق مظلم .إلا إدارة الرئيس ترمب ،التي ترى أن وصول القوائم والكتل الى طريق مسدود، يفضي الى حرب أهلية ،تعمل عليها أجنحة إيران، بوحيٍ ودعم من الولي الفقيه شخصيا ً ،هو فرصة أمريكية لوضع الجميع امام الامر الواقع وهو الذهاب الى حكومة إنقاذ طوارىء ، بعيداً عن الاحزاب الطائفية المهزومة،التي تريد إعادة إنتاج نفسها في دورة اخرى لإدامة المحاصصة الطائفية ،وإبقاء العراق يدور في فلك الحرب الاهلية وعودة داعش الى العراق . ولو بصورٍ أخرى من البشاعة، وإدخال العراق بحروب لاتنتهي .من أجل عيون الولي الفقيه ،الذي تشرف ولايته على الزوال الحتمي القريب. نعم الخيارات الامريكية مفتوحة على كل الاتجاهات ، وتسير نحو تحجيم كامل للوجود الايراني في العراق، وإقصاء أجنحته في السلكة والحكومة المقبلة ، من خلال دعم تحالف عراقي كبير يضم العبادي والحكيم والصدر النجيفي وعلاوي والمطلك والكرابلة والفضيلة ، وربما حتى أعضاء الفتح ، وهذا يحظى بدعم إقليمي ودولي كبير، وزيارة عمار الحكيم ومقتدى الصدر للكويت ، ومهاتفة الرئيس أردوغان للصدر. وإطلاعه على مجيرات تشكيل الحكومة ودعم التيار العروبي وإخراجه من عباءة ولي الفقيه، دليل على توجه الجميع لإخراج العراق من مأزقه السياسي ، ومن قبضة إيران التي تشهد تراخيا واضحا في المنطقة ،وتراجعاً دولياً وإقليماً في مواقفها ، وتنديداً بتدخلها في شئون الدول العربية. ودعمها للإرهاب والتطرف الفكري للفصائل الارهابية في العالم .ومنها تنظيم داعش والنصرة،، حيث إقتنع العالم بتصريحات الرئيس ترمب وقادة إدارته وبالادلة أن إيران تزعزع أمن وإستقرار العالم ، بألاستمرار بتصنيع أسلحة وصواريخ تخرق فيها قوانين مجلس الامن والامم المتحدة وتدعم بشكل مباشر فصائل الارهاب في سوريا والعراق، وتهدد بأذرعها وميليشياتها وحزب الله والحوثيين مستقبل العالم والمنطقة والمصالح الاستراتيجية الامريكية والاوروبية ، لذلك فالخيارات الامريكية في العراق ، واضحة الاهداف وتسير نحو التطبيق الفعلي على الارض، رغم إصرار إيران وأجنحتها .على مواجهة المشروع الامريكي وتهديده في العراق…