ألحكومة العراقية تعيد تشكيل الصحوات .. بقلم جاسم محمد

ألحكومة العراقية تعيد تشكيل الصحوات .. بقلم جاسم محمد
آخر تحديث:

ألصحوات تفقد الثقة بحكومة بغداد

تشهد العاصمة بغداد وبعض المحافظات العراقية منذ مطلع العام 2013 تصاعدا لاعمال العنف العشوائية اليومية . وتشمل هذه الهجمات التي يقودها تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، وميليشيات اخرى تعمل بمظلتها تفجيرات تستهدف المقاهي والحدائق والملاعب والمساجد والحسينيات . ان الحكومة قررت احياء مشروع الصحوات بعد ان احست باختلال الوضع الامني وعودة الارهاب بشكل كبير.

أعلنت ألحكومة العراقة في 25 اوكست 2013 أعادة مشروع قوات الصحوة ، في محاولة للحد من تدهور الاوضاع الامنية التي دفعت الى تدهور الوضع الامني نحو ألاسوء . وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي الصحوة حققت انتصارات على القاعدة، وعلى هذا الاساس نفكر باعادة احيائها خصوصا بعد ان بدات تنشط عقب الاعتصامات ـ الانبار والحويجة مطلع 2013 .

تاريخ الصحوات

تأسست الصحوات في العراق عام 2007 بدعم من الحكومة والقوات الأميركية لمواجهة تينظيم القاعدة في معاقلها والتي وصفها المراقبون بقندهار العراق . ولعب تجنيد أفراد القبائل  دورا بارزا في إضعاف القاعدة عام 2007 و 2008 ليصل تعداد الصحوات الى اكثر من مائة ألف انذاك . وأشرف الجيش الأميركي على الصحوات قبل أن يسلم مسؤوليتها للحكومة ألعراقية  عام 2008 وفق أمر رئاسي  يحمل رقم 118  والتي وافقت على منح  20% منهم  وظائف بالشرطة والجيش، على أن تدفع للبقية  مرتبات شهرية مقابل حماية مناطقهم ضد القاعدة . ودعمت العشائر العراقية  الصحوات، ظناً منها أن ذلك سوف يوفر لها  الأمن والحماية، بعد ما عانت من مطرقة تنظيم القاعدة .

العلاقة مع الحكومة

ان العلاقة بين الحكومة  ومجالس الصحوات  كانت ومازالت متوترة ، فقد  اهملت الحكومة  ملف الصحوات ليتحول مقاتليها الى اهداف مكشوفة  امام القاعدة . القوات الجديدة ستكون اكثر تنظيما، وتتلقى تدريبا اكبر، وبفئات عمرية محددة لا تتجاوز الاربعين عاما ، وذكر مسؤول ان الخطوة تنص تحديدا على تجنيد عشرة الاف مقاتل جديد للانخراط في قوات الصحوة التي تضم حاليا نحو 44 الف مقاتل . وترتبط الصحوات  بمديرية نزع السلاح ودمج المليشيات في رئاسة الوزراء ولا ترتبط بوزارة الدفاع . ويتم توزيع رواتبهم  عبر لجنة مشتركة تابعة للجيش العراقي وليس هناك أي دور لقيادة الشرطة في هذا الملف . لكن رغم ذلك فان العلاقة مابين الحكومة المركزية والصحوات باتت تعاني من شرخ وازمة الثقة .
مصادر المعلومات من داخل محافظة الانبار والمنطقة الغربية ، أكدت عن وجود ضغط كبير يمارسه تنظيم القاعدة لثني أفراد الصحوات عن موقفهم الوطني وإعادتهم إلى صف القاعدة أو ما يسمى” بالدولة الاسلامية في العراق والشام “. أوضح الشيخ وسام الحردان رئيس مؤتمر صحوات العراق، أن عدد عناصر الصحوات الذين يعملون حاليا إلى جانب القوات الأمنية وتحت إشراف وزارة الدفاع ، مشيرا إلى إضافة عناصر جديدة للصحوات بالاضافة الى الاعداد السابقة . أما الهايس فقد أكد وجود تشكيلين الآن للصحوات الأول مؤتمر صحوة العراق الذي يرأسه الشيخ وسام الحردان ويحظى بتأييد معظم منتسبي الصحوات والثاني تشكيل أبناء العراق برئاسة الشيخ محمد الهايس الذي بدأ فعليا بتسجيل أسماء آلاف المتطوعين للانضمام لهذا التشكيل.

القاعدة تراقب الصحوات

أن تنظيم القاعدة  يمارس ضغوطاً كبيرة لاستمالة الصحوات وإعادة انضمامهم إلى صفوف التنظيم مرة أخرى، و محاولته خلق فجوة عدم ثقة بين الصحوات والأجهزة الأمنية من خلال تنفيذ عمليات التفجيروالقتل في مناطق مسؤولياتهم الأمر الذي  ينتج عنه اعتقال مقاتلي  الصحوات وتحميلهم مسؤولية الخروقات الامنية في مناطقهم ويتعرض السن مقاتلي الصحوات هم وافراد عوائلهم ألى تصفيات جسدية .
أن القاعدة  لاتتردد من  اخذ الثأر من مقاتلي  الصحوات والعشائر التي ساندتها، هذا التهديد ازداد ميدانيا بعد عام 2011 اي بعد الانسحاب الامركي من العراق . أن الكثير من أفراد الصحوة رفعت عنهم الحماية الأمنية ، ليكونوا بين مطرقة القاعدة والحكومة ، واعلنت القاعدة بعض أسمائهم كأهداف. وكانت هنالك أنتقادات لخطوة الحكومة لانهاء ملف الصحوات وسحبهم من مناطقهم ، و يمثل تهديدا كبيرا على الوضع الامني والتفافا على بند الصحوات في اتفاق اربيل الذي نص على دمج اغلب هولاء في الاجهزة الامنية . لذا بات من الضروري التعامل مع ملف الصحوات أنسانيا ووطنيا لدعم مقاتلي الصحوات وعوائلهم وابعاد احتمالات عودتهم الى تنظيم القاعدة او” ألدولة الاسلامية في العراق والشام ” او المجموعات المسلحة التي تترصدهم عن قرب .

أن تنظيم القاعدة في العراق ـ التوحيد والجهاد في وادي الرافدين ضعف وتراجع مثل تنظيمه المركزي بعد عام 2006 بمقتل الزرقاوي وقياداته منها أسامة بن لادن في شهر مايس 2011، لكنه بدا يعتمد على التنظيمات المحلية ” ألدولة ألاسلامية في العراق والشام ” وبقية التنظيمات التي بايعتها او تعمل بمظلتها لتكون اكثر عنفا و شراسة وطائفية . 

غزوات “هدم ألاسوار “

شهد العراق خلال الاعوام القليلة الماضية عمليات هروب وتهريب السجناء ، هذه العمليات كانت نوعية ومنظمة جدا وجاءت في أعقاب دعوة ابو بكر البغدادي لغزوات ” هدم الاسوار ” اي عملات اخراج سجناء القاعدة من معتقلات الحكومة وكان اخرها حادثة سجن ابو غريب والتاجي في بغداد . هاجم تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام ” مساء 21 يوليو 2013 سجني التاجي وابي غريب، مستخدمين العبوات الناسفة والقذائف والأسلحة الرشاشة في محاولتهم لتهريب السجناء . ووقع الهجوم وهو احد اكبر العمليات المنظمة ضد السجون في العراق منذ 2003 وقد تبنى تنظيم الهجوم على السجنين .
أن حادثة سجن ابو غريب والتاجي لم تكن جديدة على المشهد الامني العراقي فقد سبقتها العام الماضي عدة ” غزوات” للقاعدة ابرزها سجن صلاح الدين والبصرة ومديرية مكافحة الارهاب في شهر اوغست 2012 في بغداد العاصمة. هذه الغزوات تضمنت تهديدا علنيا الى القضاة وقضاة التحقيق بالقتل ، الرسالة كانت تهدف الى التخفيف من الضغوطات على معتقليهم وضمن الحرب النفسية وتقوية المعنويات لمقاتليهم .

تدهور الامن في العراق

يرجع تدهور ألامن في العراق الى غياب ألمقومات الاساسية للامن والدفاع بالاضافة الى الفساد والتسييس ، فلايوجد أمن بدون نظام سياسي مستقر وهذا غير متوفر في الحالة ألعراقية . فمنذ عام 2003 ولحد الان يعيش العراق أحتقان وترحيل الازمات من أجل بقاء ألاطراف ألسياسية في السلطة ، فمهما اختلفت هذه ألاطراف تتفق على الاستمرار، والازمة في العراق تزداد تعقيدا كلما اقتربنا من الانتخابات العامة 2014 . لقد استغلت ألتنظيمات “الجهادية ” ضعف قدرات الامن والدفاع ، لتشن سلسلة من العمليات ضد أهدافا ،البعض منها كانت أهداف نوعية مثل مؤسسات الدولة والسجون لكنها مؤخرا تحولت ضد اهداف رخوة مثل الاماكن العامة والاسواق. فألقاعدة والتنظمات ” الجهادية ” والميليشيات ألطائفية ،لا تظهر او تتكاثر الا وسط مناخ طائفي وغياب السلطة .

عدم الثقة بين الشركاء

أن تفرد رئس الحكومة بالمناصب السيادية ومنها وزارة الدفاع والداخلية ومؤسسات امنية واستخبارية اخرى يعكس حالة عدم الثقة بين الفرقاء الشركاء في العملية السياسية وتهميش بعض الاطراف . أن أعادة تشكل الصحوات بالتأكيد يعتبر سياسيا واستخباريا تصحيح الى خطأ الحكومة ،التي اهملت الصحوات وسرحت غالبيتهم من الخدمة واخرين لم يتقاضوا الا معاشات رمزية . كانت أعداد كبيرة من الصحوات قد وقعت ضحية لتنظيم القاعدة والبعض الاخر رجع الى تنظيم القاعدة مستسلما لضغوطات التهديدات القاعدية والى تخلي الحكومة عنها . لقد استثمرت ” الدولة الاسلامية في العراق والشام ” تراخي واهمال الحكومة لتطلق في نهاية عام 2012 مشروعها “الصحوات ألاسلامية ” وهو مشروع مضاد الى الصحوات التي تعمل الى جانب الحكومة .

ألمخاوف التي تثير اعادة تشكيل الصحوات هو أحتمال استخدام هذا القرار لاغراض سياسية وانتخابية من قبل رئيس الحكومة مع اقتراب موعد الانتخابات العامة عام 2014 .
أن تجربة الصحوات هي تجربة الجنرال باتريوس ،عراب الصحوات في العراق والتي استنسخها في افغانستان بعد عمله هناك . هذه التجربة كذلك تبنتها اليمن تحت “اسم أللجان الوطنية ” لمواجهة تنظيم القاعدة المركزي والتنظيمات المحلية المتفرعة من القاعدة . تجربة الصحوات العراقية سبقتها التشكيلات الافريقية التي حاربت في الصومال بالوكالة عن الولايات المتحدة وفرنسا ودول اخرى.
يبدو ان أسلوب استخدام التشكيلات المحلية بدأ مبدا تعتمده اطراف دولية وأقليمية بدل القوات التقليدية ، كونها تكون ذات خبرة في الجغرافية ، التضاريس والسكان بالاضافة الى شراسة القتال التي ياخذ في بعض الاحيان الدافع الايدلوجي العقائدي ا للمقاتلين كثر من غيره . تجربة الصحوات تبقى ضرورية وقد تكون بديل لفشل الحكومة العراقية بمسك الامن في العراق ، هذه التجربة ممكن أن تقلل حجم القتل والارهاب في العراق لكن سوف لا تكون هي الحل ألجذري .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *