إنت شيوعي يا ولد … هادي جلو مرعي

إنت شيوعي يا ولد … هادي جلو مرعي
آخر تحديث:

برغم إن الكاتب حاول إظهار أحد قادة الحزب الشيوعي بصورة المتآمر على الوطن والقيم الإنسانية التي يحتكم إليها الناس، وكان ذلك في ثمانينيات القرن الماضي، وقت قراءتي للكتاب الذي ألف لحساب نظام الحكم إلا إنني لم أستطع سوى التعاطف مع البطل الذي أعدم فكأنه شاب رفض ظلم الإقطاع ،وتآمره مع السلطات الدكتاتورية، وإنتهى به المطاف الى المشنقة التي تنتظر في العادة كل من يسعى للتغيير ،وإنهاء محنة الشعوب المضطهدة التي تعيش في ظل الطغيان والتجبر ،وليس لها من خيارات في مواجهة الحكم المستبد ،وماعليها سوى أن تتلقى الصدمات والضربات، وأن تلبي رغبات أهل السلطان المتنعمين على حساب مظلومية وحرمان الإنسان.

فهؤلاء الذين يتمردون على الظلم يمثلون سلسلة بشرية ممتدة عبر تاريخ المعاناة، وهم يعملون بكد ليضمنوا حريتهم ،ويستمتعون بعذاباتهم لأنها تفتح الطريق لغد مختلف فيه من التحدي مايصنع أملا لكل الشعوب الباحثة عن الضياء وسط زحمة الظلمات وغياهب الفقر والجوع والبطالة والتخلف والإستعباد الذي يراد له أن يدوم بينما تسحق رؤوس وأجساد المعترضين. وقد فات المتجبرين النظر في الحقيقة التي لاتذوي أبدا ،وتتوهج على الدوام وهي تؤكد إستمرار التحدي ،وبقاء المتحدين من خلال الذين يرثون عنهم العذاب، والألم والوعي والثقافة ،فلا السلسلة تقطعت، ولاالمكافحين نفدوا ،وليس معنى وجود المضحين إلا أنهم يعلمون بمتاعب الذين يشاركونهم الحياة ،ويتعذبون معهم فيها ،ويجهدون لتغيير سلوك الطغاة ،أو للإطاحة بهم، وبناء المجتمع الإنساني الخير والحر والقادر على العطاء.

والذين يفهمون علاقتهم بالإنسان ،وعلاقتهم بخالق الإنسان لايتعصبون كثيرا لإيذاء سواهم ،فقد إختلطت دماء المضحين من الوطنيين في العراق خلال عقود طويلة مرت، وكان الإسلاميون والشيوعيون لاينفرون من بعض، بل يجدون قربا يدفعهم ليلتقوا في حلقة واحدة بمواجهة صريحة مع الظلم علهم أن يقهروا جيوشه الشريرة وينتصروا للإنسان الذي هو هدف الجميع خاصة الذين يصدقون في النوايا ولايكذبون على أنفسهم ولايسعون لتحقيق المكاسب وحسب ويتجاهلوا المطالب التي تستقيم بها حياة المواطنين الذين ينتظرون من المعارضين في العادة أن يلبوا لهم ماعجز عن تلبيته من سبق من الأنظمة التي تتذكر حاجاتها ومصالحها وتتجاهل وتغيب مصالح بقية الناس الذين تؤتمن عليهم وفق القانون والدستور والعرف السياسي .

في كل عام وعندما تمر ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي أتذكر ذلك الكتاب ،وكل الأسماء ،والعناوين الكبيرة لحركة النضال والكفاح والجهاد في وجه الظلم ،ومريديه والمدافعين عنه خاصة في بلد عرف عنه إنه يتمرد على الدوام ،ولايقبل بالخداع حتى وإن أضطر إليه وتحمله على مضض، وسكت عنه لفترة.وفي العراق الآن معاناة وخلافات ومظاهر لتوتر شديد يطبع الحياة السياسية والدينية ،ويحتاج الى مبادرات وطريقة إدارة مختلفة وتفاهم وعقد إجتماعي جديد بين مكوناته لمنع الإنحدار جهة المجهول، ولايستثنى أحد من السعي والمبادرة سواء كان الشيوعيون ،أو القوى والأحزاب الشريكة في الألم .

مازلت أتذكر هذه العبارة التي تدل على وحشية الإضطهاد :إنت شيوعي ياولد ؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *