الأنبار في العراق أزمة أم كارثة ؟ ( 6 ) بقلم الدكتور عمران الكبيسي

الأنبار في العراق أزمة أم كارثة ؟ ( 6 ) بقلم الدكتور عمران الكبيسي
آخر تحديث:

لم يعد خافيا أن تنصيب المالكي رئيسا لوزراء العراق للفترة الثانية في 2010، رغم حصول قائمته الانتخابية على 89 مقعدا، وحصول القائمة العراقية برئاسة أياد علاوي التي تضم سائر مكونات الشعب العراقي 91 مقعدا، وأعلى نسبة تصويت حصلت عليها القائمة العراقية في الانبار ومحافظات العرب السنة، فازداد حقد المالكي على

الأنباريين، وبدلا من تكليف علاوي بتشكيل الوزارة كلف الرئيس جلال الطالباني المالكي تحت ضغط إيراني أميركي باعتراف الطالباني نفسه، مما يفضح حجم المؤامرة على العراق والأمة العربية، وحجم التدخل الأجنبي وأثره في حرف مسار الديمقراطية التي زعم الأميركان أنهم يسعون لجعلها تجربة عراقية رائدة، وهم من سعوا لوأدها حينما اعترضت مصالحهم، وضمنت إيران استمرار تدخلها وتغلغلها في مفاصل السلطة العراقية، وما كان هذا ليحصل لولا تعهد المالكي بتنفيذ توجيهات الطرفين إيران وأميركا والحفاظ على مصالحهما ردا لجميل أسدي إليه حيث مهدوا لاستلامه منصب رئيس الوزراء، ولم تكن قائمته تتصدر نتائج الانتخابات. وهكذا خرج علاوي خاوي الوفاض واستسلم مرغما على أمل تشكيل مجلس السياسة الاستراتيجي برئاسته.
بعد تنصيب المالكي لم يشكل مجلس السياسات، ونكث بكل وعوده لشركائه في العملية السياسية، واحتفظ لنفسه بالوزارات السيادية الدفاع والداخلية والأمن القومي أربع سنوات ورفض كل مرشحي القائمة العراقية. وضم لسلطته مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، وإدارة الخزينة المركزية، وكل المؤسسات الحساسة، وبدأ يختلق الأزمات تارة مع الأكراد وأخرى مع البرلمان حين رفض الحضور للإجابة على الأسئلة عدة مرات، واصطنع الخلافات مع الكتلة الصدرية ومع القائمة العراقية، ولم تستطع محاولات النواب والوزراء مقاطعة مجلس الوزراء، ولا استقالات النواب وامتناعهم عن حضور الجلسات ثنيه، فاستكبر وعصى وضرب القيم السياسية والديمقراطية والقوانين عرض الحائط. ولم تف أميركا بالتزاماتها وضمان تنفيذ الاتفاقات، وتركت للمالكي الحبل على الغارب، ليمرر عملية انسحابها من العراق وفق شروط وضعتها وتم لها ما أرادت.
انسحبت أميركا صوريا من العراق في ديسمبر 2011 وتركت القوات الخاصة قادرة على تأمين مصالحها بذريعة مدربين واستشاريين، وتفرغ المالكي لتصفية الرموز العربية السنية في البرلمان والوزارة، ولم يغب عن أذهاننا كيف تخلص من النائب محمد الدايني الذي كشف سجون المالكي السرية وأساليب التعذيب فأسند إليه تهمة الإرهاب وقتل 120 شخصا وحكم عليه بالإعدام غيابيا، لتمكنه من الهرب بأعجوبة حينما أمرت طائرته بالعودة قبل وصولها الأردن وتسلل عند الهبوط بمطار بغداد، وأثبتت براءته محكمة البرلمان الأوروبي وأعادت له حقوقه فتصوروا الظلم، وتوعد المالكي النائب عبدالناصر الجنابي بفتح ملف الإرهاب في داخل البرلمان واضطره للهرب، واعتقل ابن النائب عدنان الدليمي وحكم بالإعدام وتحت الضغوط اعتزل السياسة ولجأ إلى الأردن.
واجه المالكي معارضة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ونواب الكتلة العراقية، وللتخلص من ضغوط الهاشمي لفق له تهمة الإرهاب وهي ملفات جاهزة، ففر هو الآخر إلى أربيل، وقبض على حمايته، وتوفي اثنان تحت التعذيب بعد اعتقالهما بيومين، وحدثت أزمة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والقائمة العراقية، لم يلتفت لها المالكي وأصر على التخلص من منافسيه ومناوئيه واحدا تلو الآخر، وحكم على الهاشمي بالإعدام غيابا أربع مرات، ورفع مذكرة تطالب الانتربول القبض عليه واعتقاله ولكن الشرطة الدولية رفضت التنفيذ لعدم نزاهة القضاء العراقي، وكان نائب الرئيس عادل عبدالمهدي قد استقال لعدم جدوى بقائه مع تعسف المالكي وتفرده بالسلطة.
في ظل هذا التوتر وتفجر الخلافات بين أطراف العملية السياسية عادت التفجيرات ثانية تحصد أرواح المواطنين، وتُتهم إيران بأنها تقف خلف التفجيرات لخلط الأوراق بعد تفجر أحداث سوريا، لتمهد للمالكي اعتقال ومداهمة العرب السنة خصوصا في محافظة الأنبار المجاورة لسوريا وتبرير إرسال قواته إلى المحافظة لإرهاب أهلها المتعاطفين مع الثورة السورية، ولتقوم قوات المالكي بتأمين طرق الإمدادات الإيرانية بالجند والسلاح عبر الأراضي العراقية، ومنع اللاجئين السوريين من عبور الحدود حتى الذين لهم أقرباء في المنطقة، وكان المالكي قد سحب مئات الجنسيات من العراقيين في أطراف محافظة الأنبار بحجة أنهم من أصول سورية. في الوقت الذي جنس فيه نحو مليوني إيراني بالجنسية العراقية. الم نقل إن معاناة الأنباريين تجاوزت مفهوم الأزمة لتصبح كارثة ومأساة؟ وللحديث صلة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *