الخطر الإيراني على الجوار العربي وهم أم حقيقة؟

الخطر الإيراني على الجوار العربي وهم أم حقيقة؟
آخر تحديث:

 

 د. أحمد أبو مطر

لايجادل أحد في أنّ الجمهورية الإسلامية في إيران، التسمية المعتمدة منذ وصول الخميني للسلطة عام 1979 ، بديلا عن النظام الملكي الذي كان سائدا في زمن الشاه ” شاهنشاه أي ملك الملوك “، تربطها علاقات مد وجزر مع المحيط العربي، حيث بدأت الأطماع في هذا المحيط عام 1971 أي في زمن الشاه عند احتلال الجزر الإماراتية الثلاثة، والملاحظة المهمة أنّ هذا الاحتلال جاء مباشرة بعد اضطرار نظام الشاه للإعتراف بنتائج الانتخابات الشعبية البحرينية التي طالبت بأغلبية ساحقة بإستقلال البحرين عن إيران حيث كان نظام الشاه يعتبرها محافظة إيرانية، وكأنّ هذا الاحتلال جاء تعويضا نفسيا وماديا عن خسارة البحرين، وأيضا لأهمية هذه الجزر العربية الإماراتية في السيطرة على مضيق باب المندب الذي تمر منه نسبة عالية من صادرات النفط لمختلف دول العالم، وإغلاق هذا المضيق من أية دولة ولأي سبب يحدث نقصا عاليا في إمدادات البترول للعديد من دول العالم، وخسارة مادية كبيرة للدول المنتجة والمصدرة للنفط في الوقت نفسه. وكانت نسبة من العرب تلوم و تنتقد نظام الشاه آنذاك على اعترافه بدولة إسرائيل وإقامة علاقات متطورة معها، وقد انتفى هذا اللوم والنقد في عام 1978 بعد بدء الاعترافات العربية الرسمية بدولة إسرائيل بدءا من الاعتراف المصري في معاهدة كامب ديفيد الموقعة في ديسمبر 1978 وتلاه التوقيع الفلسطيني عام 1993 ثم الأردني عام 1994 ، هذه الاعترافات العربية العلنية ثلاثة فقط ، لكن تلتها أضعاف ذلك من الاعترافات السرّية غير المعلنة تقيم علاقات مع دولة إسرائيل في العديد من المجالات، ومنها السماح بدخول حامل الجواز الإسرائيلي للعديد من الدول العربية بدون تأشيرة دخول مسبقة أو في مطار الوصول، كما تمّ حذف صفة ” الإحتلال” عن دولة إسرائيل في العديد من المناهج الدراسية العربية.

ماذا حدث بعد وصول الخميني للسلطة في إيران؟

استحدث أو اخترع الخميني نظريتان أو فكرتان لم يكن لهما وجود سابق وهما: ” نظرية ولي الفقيه” الدخيلة على الفكر الشيعي، و ” تصدير الثورة ” التي تعني تمدد سلطته ونظام حكمه في الدول المجاورة حيث هو يعرف أنّ كل هذه الدول العربية في الشرق الأوسط المجاورة لإيران أو البعيدة جغرافيا عنه في شمال أفريقيا يسودها بأغلبية مطلقة المذهب السنّي ، وبالتالي بدأت الحساسية والتتشنج الخميني العربي على خلفية طائفية خاصة بعد تدخلات حزب الله في لبنان معلنا بشكل رسمي في بيانه التأسيسي الداخلي عام 1985 ” أنّ هدفه الإستراتيجي اقامة جمهورية إسلامية في لبنان مرجعيتها الفقهية في قم بإيران “. ولأنّ هذا هدف رسمي للحزب متفق عليه مع نظام الملالي كرّر حسن نصر الله تأكيده لذلك الهدف أكثر من مرة بالصوت والصورة وكذلك نعيم قاسم أحد قيادات الحزب. ونتيجة لذلك إستمرت التدخلات والتهديدات الإيرانية للجوار العربي انطلاقا من رفض أية حلول لإحتلاله للجزر الإماراتية التي يصرّ على أنّها أرض إيرانية، و الضحك على الجماهير العربية الغفورة بإستحداث دعاية كاذبة مهرجانية خطابية بإسم “يوم القدس” حيث يعقد مهرجانات تهريجية كل آخر جمعة من شهر رمضان، بالإضافة لتهريجات لافض الهولوكست اليهودي ايا كانت نسبة المبالغة فيه خاصة في فترة حكم نجاد التهريجية بامتياز. وقد تمّ استغفال نسبة من العرب وتنظيماتهم وبعضها فلسطينية رغم أنّهم يعرفون أنّ نظام الملالي يقيم أفضل العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من تحت الطاولة بما فيها التعاون العسكري الذي كشفته فضيحة “إيران جيت” أثناء الحرب العراقية الإيرانية حيث كانت دولة الاحتلال تزود نظام الخميني بكافة أنواع الأسلحة للصمود في وجه الجيش العراقي، ورغم ذلك مني بهزيمة اعتبر الخميني قبوله بها كتجرعه للسم.

خطر داهم من خلال مساعدة أنظمة القمع والطائفيين

ويبدو حديثا خطر نظام الملالي على الجوار العربي من خلال دعمه المستميت بالنفط والمال والسلاح والقوات العسكرية لنوعين من الإرهاب في الأقطار العربية هما:

1 . الأحزاب والجماعات ذات الخلفية الطائفية المتماثلة مع خلفية الملالي، وأهمها حزب الله في لبنان وجماعة الحوثيين في اليمن، ونستطيع ميدانيا مشاهدة ومعايشة ماذا فعل حزب الله في البنية البشرية للبنان حيث أصبح منذ سنوات طويلة دويلة داخل الدولة اللبنانية يهدّد السلم الداخلي للشعب اللبناني علانية. أما الحوثيون فيرى الجميع ماذا فعلوا في اليمن بدعم الملالي الذين يهدّدون علانية بالتدخل العسكري في اليمن دعما لحوثييهم الطائفيين الذين أوصلوا اليمن لهذه المرحلة من العنف والحرب الأهلية.

2 . دعم نظام الملالي بكل ما يملك لأقذر وأوحش نظام عربي هو نظام وحش سوريا الذي أوقع ما يزيد عن ربع مليون قتيل سوري وقرابة خمسة ملايين لاجىء سوري خلال السنوات الأربعة الماضية منذ اندلاع ثورة الشعب السوري ضده في مارس 2011 . والسؤال هنا: لماذا دعم نظام الملالي لوحش سوريا تحديدا؟. إنّها محاولة الحفاظ على نظام يتماثل سياسيا وطائفيا معه، بدليل إرسال ألاف من قوات ما يسمى الحرس الثوري الإيراني للدفاع عنه، والأكثر قبحا تجنيد أفغان وآذربيجانيين شيعة للدفاع عن هذا الوحش تحت غطاء أكاذيب الدفاع عن المقامات الحسينية التي إدّعوا وجودها حتى في مدينة درعا لتبرير قتلاهم هناك. وقد اعترف حسن نصر الشيطان زعيم الحزب اللاإلهي بأنّ سقوط نظام وحش سوريا يعني سقوط حزب الشيطان، بينما يعلن مستشار روحاني الإيراني أنّ الامبراطورية الفارسية قادمة وعاصمتها العراق..تخيلوا العراق كله وليست بغداد فقط ، بينما يعلن مسؤول إيراني آخر أنّ ملاليه يسيطرون على أربعة عواصم عربية هي: دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء.

وخلفية العداء الإيراني تاريخية،

تؤكدها العديد من الكتب والدراسات الإيرانية التي تعرضت للشخصية العربية في الثقافة الشعبية الإيرانية، حيث العداء لكل ما هو عربي تاريخي ونفسي منذ هزيمة الإمبراطورية الفارسية وتدميرها في معركة القادسية عام 636 ميلادي ودخول أو فرض الإسلام على مواطني الإمبراطورية، ورغم أنّهم أصبحوا مسلمين منذ مئات السنين إلا أنّهم لا ينسوا تلك الهزيمة من قبل المسلمين العرب، لذلك هناك من يرى أن نفخ نظام الملالي منذ العام 1979 في نار الطائفية خلفيته الكراهية للعنصر العربي المسلم، عبر محاولات حثيثة للتفريق بين إسلام العرب وإسلام الإيرانيين، والدليل على ذلك أنّ نار الفتنة الطائفية لم تشتعل علانية وبهذه الحدة الحارقة إلا بعد وصول الخميني للسلطة، واعتبار نفسه “ولي الفقيه” وبمفهومه لهذه الولاية المزيفة فكل من يخالف أوامر ولي الفقيه فقد خالف أوامر الله تعالي..هل يوجد كفر وزندقة أكثر من ذلك، وقد كان شائعا أيام الحرب العراقية الإيرانية ما سمّي توزيع مقاتيح الجنة على من يلتحقون بالحرب كي يكون مفتاح الجنة في جيوبهم إن ماتوا. وهل يعي الجميع سنّة وشيعة أنّه في زمن الرسول ( ص ) لم يكن هناك إسلام سنّي و إسلام شيعي بل إسلام ومسلمون فقط؟ فمن فتح أبواب هذه الفتنة مستغلا أسماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولاده وعذاباتهم المرفوضة من كل مسلم؟.

www.drabumatar.com

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *