الطائفية الديمقراطية في العراق بقلم د. بشرى الحمداني

الطائفية الديمقراطية  في العراق  بقلم د. بشرى الحمداني
آخر تحديث:

 بغداد / شبكة اخبار العراق :  يمر  العراق اليوم   بأخطر أزمة في تاريخ حياته  تهدد النسيج الإجتماعي والبناء السياسي والثقافي ،الطائفية  ذلك المرض الخطير الذي يجتاح حيا ة الإنسان العراقي يُهدد أفكاره و إرادته و إختياره .في الوقت نفسه كنا مؤمنين بأن فعل الساسة والسياسين في العراق ممن تعاقبوا على الحكم كان هو الأخر سبباً في زيادة حدة وسعة الخطاب الطائفي وتوجهاته ، فمنذ بدأ لاحتلال الامريكي 2003  أنطلق الساسة في تعميم  خطاب  طائفي  مغرق  في الفئوية والإستبداد وإحتكار الحق ومصادرة الحريات ، والذي بدوره أسس لثقافة الإستسلام والرضا والقبول بعد ان ساهم  الغزو الأمريكي   مع دول الجوار في ترسيخ مفهوم   الطائفية   وسلطتها وحاكميتها ، عبر الخلط بين الديمقراطية و الفئوية أو بين العشائرية والديمقراطية ،   تلك التوليفة التي تبناها الحاكم الأمريكي – بول برايمر – لنوع الديمقراطية في العراق ، التي جعلها الحاكم المدني في العراق – فزعة عشائرية ومذهبية – فالشيعي لا ينتخب إلاّ شيعياً والسني لاينتخب إلاّ سنياً وهكذا الكردي والمسيحي والصابئي والإيزدي مُسقطين البرامج من الإعتبار   لقد نمى الاحتلال  هذه الثقافة الغريبة الغير منطقية والبعيدة عن الأسس التي نعرفها عن الديمقراطية ككونها إنتخاب شعبي حر غير مؤدلج ، كما كان لدول الجوار الدور المؤثر والفاعل في تدعيم و تنمية الخطاب الطائفي الديني والسياسي . إن مجتمعنا في العراق ليس بدعاً من المجتمعات العربية الأخرى التي يسود فيها الجهل وتزدهر فيها الأمية وسطوة القبيلة وحكايا الدين ا لعتيق ، هذا الواقع المر وجد من ينميه ويبث فيه روح الحياة جاعلاً منه نمطاً يتحرك في ظلاله السياسي والمغامر والطامح من الوافدين الجدد . إن الطائفية في العراق اليوم تغذيها دول عربية مدفوعة بالخوف والحقد وهاجسها معلوم   ، هذه الطائفية ستُقسم العراق حتماً إلى دويلات وممالك قومية وفئوية ومذهبية متناحرة ، كما تسعى  بعض التيارات الإرهابية كالقاعدة تستغل الهاجس الطائفي والمذهبي لتتحرك فيه وتحرك ضعاف النفوس عبر الضرب على وتر الأحقيات ودين الحق ، معتمدةً في ذلك على ردات الفعل وعلى القلق النفسي وعلى الشعور بالحيف من هيمنة التيارات الشيعية وسطوتها . إن خروج العراق من هذه الأزمة وهذه الدوامة ، يحتاج إلى جعل الخيار   الديمقراطي ممكناً ومفهوماً ، وهذا يتطلب من كل دعاة الحرية في المنطقة العربية لتأسيس لغة خطاب جديد وثقافة جديدة عبر العمل المشترك والبرامج المشتركة في المجالات كافة ،   لكن هذا الخيار تحاربه قوى محلية ودول إقليمية وتقف بوجهه منظمات متطرفة ، إن شعب العراق ضللته و خدعته فتاوى رجال دين مزيفين ، نعتوا  الديمقراطية بكل قبيح نعتوها بالفحشاء والفجور وبالدعوة للإباحية وأتهموها بالحرب على الدين ، ولقد نال  الديمقراطيين في العراق من ذلك النصيب الوافر ، إن إعتقادنا بخلاص العراقيين من هذا الصراع وهذا القلق وهذه الفوضى يكمن بشعورهم و بإشعارهم بخيبة الأمل والرجاء من التيارات الدينية ومن المراهنة عليها ومما قادته عليهم من تخلف وصراع وحروب ، تلك التيارات التي ثبت بالدليل إنها لاتمتلك المشروع الذي يحقق للناس الكرامة و الأمن .إن خلاص العراقيين من المشروع الطائفي حتمي لكنه يحتاج لوقت ويحتاج لجهد ويحتاج لتضحيات وعمل يعلو فوق العصبيات العنصرية والشوفينية ، إن معالجة السياسيين لهذه الأزمة هي معالجة مرتجلة وسطحية ، فهم تارة يكذبون على الشعب وطوراً يكذبون على أنفسهم ويتجاهلون هذا الواقع المريض ، بل إن البعض منهم خضع لهذا الزيف الطائفي فبدى يماشي النعرات الطائفية المذهبية ويتحرك على أساسها ، وآخرين منهم لجاؤا الى الشعارات التي ظنوا في عرفهم إنها تجمع المجتمع. ظانين إن ذلك هو الذي يوحدهم ،   إن العناصر المتعصبة المستغلة للتفريق الطائفي لا تؤمن بالتعددية وبالتداول السلمي للسلطة ولذلك فهي تعادي الديمقراطية وتحارب الحرية .  

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *