العراق وتركيا .. هل يستعيدان حُسْنِ الجوار … بقلم مثنى الطبقجلي

العراق وتركيا .. هل يستعيدان حُسْنِ الجوار … بقلم مثنى الطبقجلي
آخر تحديث:

بغض النظر عمن يقف على قمة هرم السلطة او سيكون عليها غدا في العراق ،جاءت الكلمات الترحيبة التي استقبل بها رئيس وزراء العراق نوري المالكي وزير خارجية تركيا محملة بدلالات ومعبرة عن اماني ان يستعيد البلدان اطارها الستراتيجي الذي كانت عليه قبل عام 2003 .. وبينها الدفاع عن الحدود المشتركة حيث تضعف شوكة بغداد حاليا .
..
ومن منظور الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون بعظهما البعض .. احتفى المالكي بضيفه لدى استقباله احمد داود اوغلو الذي حل في العاصمة العراقية زائرا رسميا بدعوة من نظيره العراقي هوشيار زيباري ، بعد قطيعة دامت اكثر من عام قضاها البلدان في سجالات تصريحات نزالية احدثت شرخا عميقا في تاريخ علاقات البلدين ،حينما دعا الجارة الشمالية المسلمة الى فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية الثابتة والمستقرة بين البلدين المسلمين والجارين ..
عودة الروح لعلاقات البلدين كانت محط اهتمام الكثيرين وتفسيرات محللين بالشأن العراقي ، لمبادرته بدعوة وزير خارجية تركيا لاحياء هذه العلاقات وقد فسرها البعض انها حث امريكي وصل حدود اللوم للادارة العراقية اثناء زيار السيد المالكي الى واشنطن مؤخرا ،ودعوتها له لاعادة بناء ما تمزق من نسيجها الوطني والاقليمي وبناء جسور للتعاون مع تركيا على وجه الخصوص لمواجهة الهيمنة الايرانية في المنطقة وتقليم اظافرها في المناطق الحساسة ،وقظمت هذه الزيارة حافة حادة مما علق بجليد العلاقات السياسية بين البلدين ،وبما انعكس سريان حالة من الدفء الجديد الى علاقات جارين تربطهما الكثير من المشتركات ..

المبادئ الثابتة في السياسة العراقية كما وضحها رئيس الوزراء نوري المالكي لدى استقباله وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو تمثلت بدعوته لتركيا الى توثيق عرى التعاون الاقتصادي ودخول المزيد من الشركات التركية لاعادة اعمار العراق لكنه اصر ” ان العراق يريد علاقات طيبة مبنية على المصالح المشتركة وقائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول العالم سيما دول الجوار “..

اذن لننسى ما علق بها من تراجع وتدهور شابها في غمرة مشكلات استحكمت حلقاتها السياسية الامنية طوال العشر سنتوات الماضية تلك التي انعكست سلبا على مجمل العلاقات ،ولننس ايضا حالة من المد والجزر التي رافقتنا صنعتها اطراف لاتريد للبلدين خيرا ،ونطوي صحائف الماضي ونعيد العلاقات بين شعبي البلدين ومعها المياه الى مجاريها ،تاركين وراءنا هموم تلك الضغائن والمشاكل التي تختلقها قوى سياسية واثنية داخل بلدينا دون طائل مستهدفة الحاق الضرر النفسي والمادي بشعب البلدين المسلمين والجارين.
تنطوي مهمة اوغلوا الرئيسة على ما يبدوا تهيأة المقتربات لاعادة جسور الثقة بين البلدين التي مرت بازمات قاسية عبر التخفيف من حدة التوتر ونزع فتيل العديد من المشكلات التي كانت تخيم على الاجواء بين الحكومتين التركية والعراقية، توجهات مثل هذه عبرت عن قناعات مشتركة بان تصعيد تبادل الاتهامات لن يفيد احدهما بقدر ما يفيد الانفصاليين على جانبي الحدود المشتركة بما سيؤدي حتما الى فصل مساحات شاسعة من كلا الدولتين لو استمرا يتنازعان على لقمة العيش والمياه المشتركة.. هذا الامر هو من دعا تركيا الى التفكير ببناء جدار فاصل بين المناطق الحدودية التي يستقر فيها الاكراد داخل سوريا وتركيا ..؟ وهذا الامر نفسه مرشح ان يقام مثله مع العراق لمواجهة حزب العمال الكردستاني الذي نشط في الايام الاخيرة مستفيدا من تردي الاوضاع الامنية في كل من سوريا والعراق..
وسواء زار المالكي تركيا قريبا كما يقول مكتبه الصحفي او زار بغداد اردوغان فان زيارة اوغلوا بلاشك قد قد وضعت من جديد لبنة في علاقات البلدين لابد ان يتبعها ترقيع ما تهتك من نسيجها ولكن على ما يبدوا ان يد العراق هي التي ستمتد للمصافحة، والدين الاسلام يعطي ميزة لمن يبدأ السلام بالتحية ..؟؟ فهل ترتقي الادارة التركية الى مصاف مواقف دول متحضرة وتعيد من جانبها بناء ما تهدم من علاقات وما علق بها من تشاحن وتباغض.
وبعيدا عن السياسة .. يشهد للعراق من جانبه إنه ترك الامر للحكومات المحلية تمارس صلاحياتها في عقد الاتفاقات مع الشركات التركية وهي اليوم من الكثرة ما يطغى وجودها واثرها على اي شركات لدول اخرى وبضمنها ايران نفسها..و مشهود لها انها كانت تركز على منتجها التجاري اكثر مما تركز على منتجها السياسي، حال بعض الدول التي تربط علاقاتها الاقتصادية المتميزة،بقوة ومناعة العلاقات السياسية ، والاخيرة هي عرضة على الدوام للاهتزازات والانقطاعات في بلدان العالم الثالث والشرق الاوسط تحديدا. وبينها العراق…
.
زيارة اوغلوا وما ستسفر عنها ، قد تحمل الكثير مما يعول عليه البلدين لو تمت زيارة اردوغان أوالمالكي لعاصمتي البلدين بعدما وصل بهما العراك بالالسن الى حدود ،ان يسميها البعض بانها قطيعة نهائية ولكن السياسة كما تعلمناها هي نسبية وليست حتمية بعكس ما يفهمها بعض الجاهلين ..؟ والممكن هنا ان تعود تركيا الدولة الاقليمية الكبرى في المنطقة لاعبا اساسيا يحترم حدود جيرانه مثلما يطلب منها ذلك وان لايعاودوا ابتزاز بلد مثل العراق بقطع المياه عنه وعن شعبه في وقت يمكن ان تؤدي العلاقات المتطورة الى حصول تركيا على موارد وفوائد من عمل شركاتها العاملة في العراق تفوق الوصف، لو احسنت من شدها للعروة الوثقى بين شعبين مسلمين وحتى متصاهرين ..

مثنى الطبقجلي : [email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *